Index

Back Top Print

[AR - DE - EN - ES - FR - IT - PL - PT]

صلاة درب الصّليب

يترأسها قداسة البابا فرنسيس

يوم الجمعة العظيمة

15 نيسان/أبريل 2022

مدرج الكولوسيوم في روما

[Multimedia]

Way of the Cross led by His Holiness Pope Francis at the Colosseum, 2022
SALITA AL CALVARIO
PARTICOLARE DEL “PARAMENTO DI DON MAZZA” (1845-1861)
REALIZZATO DALLE ALLIEVE
DELLA SCUOLA DI DON NICOLA MAZZA A VERONA
DONATO DALL’IMPERATORE FERDINANDO D’AUSTRIA AL PAPA PIO IX
SAGRESTIA PONTIFICIA
CITTÀ DEL VATICANO


صلاة الافتِتاح

أيها الرّبّ يسوع،

في هذا اليوم الذي قدَّسْتَه بآلامك

نرفع إليك أصواتنا،

واثقين أنّك تصغي إلينا.

 

إنّنا نباركك،

لأنّك أنت لنا ينبوعُ حياة،

ولأنّك حملت عنا آلامنا،

وبصليبك المقدس فديت العالم.

 

إنّنا نؤمن

أنّنا شُفِينا بجراحك،

وأنّك لا تتركنا وحدنا في ساعة التجربة،

وأنّ إنجيلك هو الحكمة الحقيقية.

 

إنّنا نعترف

أنَّ جسدَك ما زال يُعَذَّبُ في كثير من إخوتنا وأخواتنا،

وأنّك أنت الذي تَحمِلُ العنف، في كلّ المُضطَهَدين،

وأنتَ المَتروكُ في عذابِ كلِّ الذين يُقتَلُون.

 

أنت الذي أردت أن تعيش في عائلة،

أنظر راحمًا إلى عائلاتنا:

استجب صلواتهم

أصغِ إلى شكواهم،

بارك مقاصدهم،

رافق مسيرتهم،

أسنِدهم في شكوكهم،

عزِ المشاعر المجروحة،

أفض فيهم شجاعة الحبّ،

امنحهم نعمة المغفرة،

واجعلهم منفتحين على احتياجات الآخرين.

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت المصلوب القائم من بين الأموات،

لا تسمَحْ بأن يَسلِبَنا أحدٌ الرجاء

في قيام إنسانيّة جديدة،

وسموات جديدة وأرض جديدة،

حيث تَمسَح كلّ دمعة من عيوننا

ولن يكون هناك ألم بَعد ولا حزن

لأنّ الأشياء القديمة ستزول

ولأنّنا سنكون عائلة كبيرة

في بيتك، بيت المحبّة والسّلام.

آمين.

 

المرحلة الأولى

يسوع في صلاة النزاع في بستان الزيتون

 

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس (14، 32-36)

ووصَلوا إِلى ضَيعَةٍ اسمُها جَتْسمَانِيَّة، فقالَ لِتَلاميذِه: أُقعُدوا هُنا بَينما أُصَلِّي. ثُمَّ مضى بِبُطُرسَ ويَعقوبَ ويوحَنَّا، وجعَلَ يَشعُرُ بالرَّهَبةِ والكآبة. فقالَ لهم: نَفْسي حَزينَةٌ حتَّى المَوت. أُمكُثوا هُنا واسهَروا. ثُمَّ أَبعَدَ قليلاً ووَقعَ إِلى الأَرضِ يُصَلِّي لِتَبتَعِدَ عنهُ السَّاعة، إِن أَمكَنَ الأَمْر، قال: أَبَّا، يا أَبَتِ، إِنَّكَ على كُلِّ شَيءٍ قَدير، فَاصرِفْ عنَّي هذِه الكَأس. ولكِن لا ما أَنا أَشاء، بل ما أنتَ تَشاء.

 

زوجَان من الأزواج الشابة

نحن هنا، متزوجان منذ سنتين فقط. زواجنا لم تمتحنه بعد العواصف الكثيرة. الجائحة عقَّدت كلّ شيء، لكنّنا ما زلنا سعداء. يبدو أنّ أيامنا السعيدة طويلة، على الرّغم من المشاجرات اليوميّة. وعلى الرّغم من اختلافاتنا. ومع ذلك فإنّنا غالبًا نخاف. عندما نفكّر في الأزواج الأصدقاء الأكبر سنًا الذين لم ينجح زواجهم. وعندما نقرأ في الصحف أنّ الانفصال يتزايد. وعندما يقولون لنا إنّنا سوف نفترق بالتأكيد لأنّ العالم يسير على هذا النحو. إنّها مسألة إحصاء. وعندما نشعر بالوَحدة وأنّه من الممكن أن يأتي يوم لن يفهم فيه أحدٌنا الآخر. وعندما نصل بصعوبة إلى نهاية الشهر. وعندما نجد أنفسنا، غرباء، تحت سقف واحد. وعندما نستيقظ ليلًا ونشعر في قلبنا بثقل وضيق ”وكأنّنا أيتام“، لأنّنا ننسى أنّنا أبناء (لله). ولأنّنا نؤمن أنّ زواجنا وعائلتنا يعتمدان علينا فقط، على قوتنا. أخذنا ندرك أنّ الزواج ليس مجرد مغامرة رومانسيّة، بل هو أيضًا جسمانيّة، إنّه أيضًا ضيق قبل أن ”ينكسر“ كلّ واحد للآخر.

 

أيّها الرّبّ يسوع، أنت الذي عانيت من الخوف والألم.

امنحنا السّلام.

أنت الذي صلّيت في ساعة التجربة.

امنحنا السّلام.

أنت الذي تدعونا إلى السهر والصّلاة معك.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الّذي في السّموات....

 

أيّها الرّبّ يسوع،

صلّيت بين أشجار الزيتون المسالمة

وقبلت

أن تتألّم من أجلنا حتى الموت، والموت على الصّليب،

أصغِ إلى ابتهالاتنا من أجل الأزواج الشابة:

ساعدهم على مواجهة الصّعوبات، متحدين معك،

وامنحنا نحن جميعاً أن نبقى معك في ساعة التجربة.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

 

المرحلة الثانية

يهوذا يخون يسوع وتلاميذه يتركونه

 

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ متى (26، 52. 56)

وبَينَما هو يَتَكلَّم إِذا عِصابَةٌ يَتَقَدَّمُها المَدعُوُّ يَهوذا أَحَدُ الاِثَني عَشَر، فدَنا مِن يسوعَ لِيُقَبِّلَه. فقال لَه يسوع: “يا يَهوذا أَبِقُبلَةٍ تُسلِمُ ابنَ الإِنسان؟“، فلَمَّا رأَى الَّذينَ حَولَه ما أَوشَكَ أَن يَحدُثَ قالوا: “يا ربّ، أَنَضرِبُ بِالسَّيف؟“ وضَرَبَ أَحَدُهم خادِمَ عَظيمِ الكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذُنَه اليُمْنى (لوقا 22، 47-50). فقالَ له يسوع: “إِغمِدْ سيفَك، فكُلُّ مَن يَأخُذُ بِالسَّيف بِالسَّيفِ يَهلِك“. [...] فتَرَكه التَّلاميذُ كُلُّهم وهَربوا (متى 26، 52. 56).

 

عائلة في خدمة الرسالة

أيّها الرّبّ يسوع، لقد انطلقنا إلى الرسالة منذ عشر سنوات تقريبًا لأنّ سعادتنا لم تكن كافية لنا. أردنا أن نبذل حياتنا حتى يشعر الآخرون أيضًا بالفرح نفسه. وأردنا أن نبيّن محبّة المسيح حتى لمن لا يعرفه. في كلّ مكان. حياتنا الجماعيّة وأنشطتنا اليومية تساعدنا على تربية أبنائنا برؤية منفتحة على الحياة والعالم. لكن الأمر ليس سهلاً: فنحن لا نخفي القلق والخوف من عيش حياة عائلية محفوفة بالمخاطر، بعيدًا عن بلدنا. يضاف إلى كلّ هذا رعب الحرب الحالية المآساوية في الأشهر الأخيرة. ليس من السهل أن نعيش في الإيمان والمحبّة فقط، لأنّنا نفشل مرارًا في أن نوكل أنفسنا كاملةً إلى العناية الإلهية. وأحيانًا، أمام الألم ومعاناة أمّ تموت أثناء الولادة، وتحت القصف، أو أمام عائلة دمّرتها الحرب أو المجاعة والانتهاكات، تأتينا التجربة لأن نردّ بالسيف، ونهرب، ونتخلّى عنك، ونترك كلّ شيء ونظن أنّ كلّ جهدنا لا يستحق العناء... لكنا نرى أن ذلك هو خيانة لأفقر إخوتنا، الذين هم جسدك في العالم والذين يذكروننا بأنّك أنت الحيّ.

 

أيّها الرّبّ يسوع، أنت الذي خانك تلميذك بقبلة.

امنحنا السّلام.

أنت الذي تخلّى عنك التلاميذ.

امنحنا السّلام.

أنت الذي اختبرت الوَحدة والإذلال.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الّذي في السّموات....

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي لاقيت بالمحبّة

قبلة يهوذا الخائنة،

أصغِ إلى ابتهالاتنا:

أعط العائلات في خدمة الرسالة

الشجاعة ليشهدوا لإنجيلك

وامنحنا نحن جميعًا أن نردّ على الشّرّ بالخير،

حتى نكون صانعي سلام ومصالحة.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

 

المرحلة الثالثة

مجلس الشيوخ يحكم على يسوع

 

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس (14، 55. 61-62. 64)

وكانَ عُظَماءُ الكَهَنَةِ والمَجلِسُ كافَّةً يَطلُبونَ شَهادةً على يسوع لِلحُكْمِ علَيه بِالموت، فلَم يَجِدوا. [...]فسأَلَه عظيمُ الكَهَنَةِ ثانيةً قالَ له: أَأَنتَ المسيحُ ابنُ المُبارَك؟ فقالَ يسوع: أَنا هو. [...] فأَجمَعوا على الحُكمِ بِأَنَّه يَستَوجِبُ المَوت.

 

زوجان متقدمان في السّن، لا أبناء لهما

كنا مخطوبَين بضعة أشهر، ثم فصلتنا الحياة مدة فترة طويلة، فعرفنا فتور القلب المعذَّب الذي يخفق من بعيد. وعندما التقينا من جديد، تزوجنا على الفور، على عجل، بعد أن انتظرنا كثيرًا وخفنا كثيرًا. تركنا منازلنا الأصليّة لنبني بيتنا. وبدأنا مسيرتنا، زوجَين، مليئَين بالمشاريع وأيضًا بأوهام الشباب. ثم كشفت لنا الحياة بأنّنا ضعاف، وفي الوقت نفسه جردتنا من آمالنا وتوقعاتنا، وجعلتنا نسير في طريق صاعدة صعودًا شاقًّا، وكانت القمة أنّنا وجدنا أنفسنا وجهاً لوجه، ويستحيل علينا أن نصبح والدَين. واختبرنا مرارًا بألم أحكامًا كثيرة علينا بسبب عقمنا. ”لماذا ليس لديكم أبناء؟“، طُرِح علينا هذا السؤال ألف مرة، وكأنّه يُلمّح إلى أنّ زواجنا وحبّنا ليسا كافيَين لنكوِّن عائلة. كم واجهنا وتألمنا من النظرات التي تحكم علينا. لكنّنا واصلنا السير كلّ يوم ممسكين، الواحد بيدَيْ الآخر، واعتنينا معًا بجماعة من الإخوة والأصدقاء، أصبحت مع الوقت بيتنا وعائلتنا، وملأت وَحدتنا بالحنان.

 

أيّها الرّبّ يسوع، حكموا عليك ظُلمًا.

امنحنا السّلام.

أنت الذي تحمّلت الافتراءات والاتهامات.

امنحنا السّلام.

أنت البريء والمضطهَد.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الّذي في السّموات....

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي حكموا عليك ظُلمًا،

أصغِ إلى صلاتنا:

امنح الأزواج الذين لا أبناء لهم

أن يسيروا يدًا بيد،

ويعيشوا سرّ الحبّ الزوجي بصورة كاملة،

وامنحنا نحن جميعًا أن نواجه الشدائد بثبات ووداعة.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

المرحلة الرابعة

بطرس ينكر يسوع

 

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس (14، 66-68. 72)

وبَينما بُطرُسُ في الأَسفَل، في ساحةِ الدَّار، جاءَت جارِيَةٌ مِن جَواري عَظيمِ الكَهَنَة، فرأَت بُطرسَ يَستَدفِئ فتَفَرَّسَت فيه وقالت: أَنتَ أَيضًا كُنتَ مع النَّاصِريّ، مع يسوع. فأَنكَرَ قال: لا أَدري ولا أَفهَمُ ما تَقولين.فصاحَ الدِّيكُ عِندَئذٍ مَرَّةً ثانِية، فتَذَكَّرَ بُطرُسُ الكَلِمَةَ الَّتي قالَها يسوع: قبلَ أَن يَصيحَ الدِّيكُ مَرَّتَين، تُنكِرُني ثَلاثَ مَرَّات. فخَرَجَ على عَجَلٍ وأَخَذَ يَبكي.

 

عائلة كبيرة

عندما تزوجنا، ظننا أنّه لا يمكننا أن ننجب أبناء. ثم، في شهر العسل، وُلِدَ الابن الأوّل وغيّر حياتنا. كان لدينا مشاريع للمدى البعيد، وكنا نحلم في تحقيق أنفسنا في العمل، فنسافر، ونحاول أن نعيش على الأقل قليلاً مثل خُطّاب أبديّين... لكن بينما كنا لا نزال نشك في أنّنا نلمس لمس اليد جمال هذه الهدية، وُلِدَ الابن الثاني: كانت طفلة. وهكذا، بالنظر اليوم إلى الوراء، وُلِدَ الآخرون أيضًا، تقريبًا دون أن نشعر بذلك. وماذا عن احلامنا؟ تحكمت بها الأحداث. وماذا عن تكملة مهاراتنا المهنيّة وتحقيق ذاتنا؟ عدلتها وقائع الحياة المتلاحقة. ثم جاء الخوف: هل يأتي يوم ننكر فيه كلّ شيء، مثل بطرس؟ القلق وتجربة الندم أمام نفقة أخرى غير متوقعة؛ والقلق بشأن التوترات مع الأبناء المراهقين. غابت الأحلام القديمة وتركت المجال لحياة العائلة. ليس الأمر سهلاً بالتأكيد، لكنّه الأجمل بصورة غير محدودة. وعلى الرّغم من الأفكار واكتظاظ أيامنا، التي لم تعد تكفينا، لن نعود أبدًا إلى الوراء.

 

أيّها الرّبّ يسوع، أنت الذي مسحت دموع بطرس.

امنحنا السّلام.

أنت الذي تغفر لمن يعترف بأنّه خاطئ.

امنحنا السّلام.

أنت الذي تفهم شكوكنا.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الّذي في السّموات....

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي تفتح ذراعيك لمن يطلب المغفرة،

أصغِ إلى ابتهالنا:

امنح العائلات الكبيرة

أن تتغلّب على كلّ الصعوبات بفرح

وامنحنا نحن جميعًا أن نقوم دائمًا من جديد بعد السقوط.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

المرحلة الخامسة

بيلاطُس يحكم على يسوع

 

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس (15، 12-15)

فتَكَلَّمَ بيلاطُسُ ثانِياً قالَ لَهم: فماذا أَفعَلُ بِالَّذي تَدعونَه مَلِكَ اليَهود؟ فعادوا لِلصِّياح: اِصلِبْهُ! فقالَ لَهم بيلاطُس: فما الَّذي فعَلَ مِنَ الشَّرّ؟ فازدادوا صِياحاً: اِصلِبْه! وأَرادَ بيلاطُسُ أَن يُرضِيَ الجَمْع فأَطلَقَ لَهم بَرأَبَّا، وبَعدَ ما جَلَدَ يسوع أَسلَمَه لِيُصلَب.

 

عائلة لديها أبناء ذوو احتياجات خاصة

لقد حُكم على ابننا حتى قبل مجيئه إلى العالم. التقينا الأطباءَ الذين اعتنوا بحياته قبل ولادته، والأطباء الذين جعلونا نفهم بوضوح أنّه من الأفضل عدم ولادته. وعندما اخترنا الحياة، كنّا أيضًا نحن موضوع كلام الناس: قيل لنا: ”سيكون عبئًا عليكم وعلى المجتمع“. قيل لنا: ”اصلبه“. ومع ذلك لم يتسبّب ذلك البريء في أي ضرّر. كم مرة يكون حكم العالم متسرعًا وسطحيًا، ويؤلمنا، ولو بنظرة واحدة. نحن نحمل معنا هذا الخجل، أنّنا مختلفون، وهو اختلاف يجعل الناس يشفقون علينا، لكنّهم لا يقبلونه. الإعاقة ليست موضوع تفاخر ولا هي صفة يصنَّفُ بها إنسان، بل هي رداء النفس التي تفضّل الصمت أمام الأحكام الظالمة، نصمت لا خجلًا، بل شفقة على من يحكم علينا. لسنا معفيين من صليب الشك أو تجربة التساؤل: كان يمكن أن تكون الحال أفضل لو سارت الأمور بشكل مختلف. لكن في الواقع، الإعاقة حالة حياة وليست صفة، والنفس، والحمد لله، لا تعرف الحواجز.

 

أيّها الرّبّ يسوع، أنت الذي نظرت بمحبة إلى أعدائك.

امنحنا السّلام.

أنت الذي لم تخف من يقتل الجسد بل من يقتل الحياة.

امنحنا السّلام.

أنت الذي تحكم بالمحبّة والرّحمة.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الّذي في السّموات....

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي حُكم عليك بحسب منطق الناس،

أصغِ إلى ابتهالنا

وانظر إلى العائلات التي لديها أبناء مُعذّبون:

امنحهم الراحة في التعب

وامنحنا نحن جميعًا أن نختار الحياة ونحرسها ونحبّها دائمًا وفي كلّ حال.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

المرحلة السادسة

يسوع يُجلد ويُكلَّل بإكليلٍ من شوك

 

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس (15، 15. 17-19)

بيلاطُسُ بَعدَ ما جَلَدَ يسوع أَسلَمَه لِيُصلَب. فساقَه الجُنودُ وأَلبَسوهُ أُرجُوانًا، وكَلَّلُوهُ بِإِكليلٍ ضَفَروهُ مِنَ الشَّوْك، وأَخذوا يُحَيُّونَه فيَقولون: السَّلامُ علَيكَ يا مَلِكَ اليَهود! ويَضرِبونَه بِقَصَبَةٍ على رَأسِه ويَبصُقونَ علَيه، ويَجْثونَ له ساجدين.

 

عائلة تدير بيتًا للرّعاية

بيتنا كبير، ليس فقط من حيث المساحة، بل أوّلاً لغناه بالنّاس الذين يعيشون فيه. منذ بداية زواجنا، لم نكن قط وحدنا نحن الاثنين. ودعوتنا لأن نستقبل الألم كانت وما زالت حياة أكثر من سعيدة، بعد اثنتين وأربعين سنة من الزّواج، ومع ثلاثة أبناء بيولوجيّين، وتسعة أحفاد وخمسة أبناء بالتّبنّي غير مكتفين ذاتيًا ويعانون من صعوبات عقلية خطيرة. نحن لا نستحقّ كلّ هذه البركة في حياتنا. للذين يعتقدون أنّ ترك من يعاني وحيدًا هو عمل غير إنساني، يحرّك الرّوح القدس فيهم الإرادة من الداخل لكي يعملوا وكي لا يبقوا غير مبالين وغرباء. لقد غيّرنا الألم. الألم يعيد إلى الجوهر، ويرتّب أولويّات الحياة ويُرجع إلى بساطة الكرامة الإنسانيّة. على طريق الآلام في حياة الكثيرين من الذين جُلدوا وصُلبوا، هناك بجانبهم، وتحت ثِقَلِ صليبهم، اكتشفنا أنّ المَلِكَ الحقيقي هو الذي يمنح نفسه ويهبها طعامًا، روحًا وجسدًا.

 

أيّها الرّبّ يَسُوع، أنت الذي جُلدتَ في الجسد والرّوح.

امنحنا السّلام.

أنت الذي عرفت ألم الأبرياء.

امنحنا السّلام.

أنت الذي أُهنت وشُتمت وكُلِّلت بإكليلٍ من شوك.

امنحنا السّلام

 

أبانا الذي في السّموات...

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي تحمّلت الألم والمذلّة،

أصغِ إلى ابتهالنا:

وامنح عائلاتنا

أن يتعلّموا استقبال الذين جُرِحوا

وامنحنا نحن جميعًا أن نتحمّل ونهتمّ لألم الآخرين.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

المرحلة السابعة

يسوع يحمل صليبه

 

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس (15، 20)

وبَعدَ ما سَخِروا مِنهُ نَزَعوا عَنه الأُرجُوان، وأَلبَسوه ثيابَه وخَرَجوا به لِيَصلِبوه.

 

عائلة، الوالدة فيها مريضة

في صباح مثل غيره كثير، أُغمي على زوجتي مرتَين. أسرعنا إلى المستشفى واكتشفنا مرضًا كان من قبل يتغلغل سُمُّه إلى رأسها. أجرِيت العمليّة الجراحيّة، تلاها إعادة التّأهيل والعلاجات...، واليوم حياة يوميّة جديدة تمامًا لنا جميعًا. الرّبّ يسوع يكلّمنا من خلال أحداث لا نفهمها دائمًا، ويقودنا بيدنا حتى نُنَمِّيَ فينا أفضل ما فينا. كان لزوجتي دور، ومقام، و”صفة“، ووجدت نفسها مختلفة تمامًا. عارية، لاحماية لها أمام المرض،ومصلوبة. وأنا معها. من خلال هذا المرض، وعلى هذا الصّليب، أصبحنا الركن، ويعرف أبناؤنا أنّه يمكنهم الاتّكاء عليه. قبل ذلك، لم يكن الأمر كذلك. يمكنني أن أقول اليوم، مع عينَيها النافذتَين، بألمهما الشاحب، إنّها أمٌّ وزوجة بصورة كاملة. من دون زخرفة، في جوهر حياة جديدة أشدَّ صعوبة. أن نكون محجوزين ومسمّرين بفكرة متواصلة، تجبرني أنا أوّلاً، الذي كنت شديد الفخر بنفسي، على أن أكتشف، في العائلات الأخرى، عطيّة الحياة الرائعة التي أُعطيت لي: من يحاول أن يضحكك، ومن يساعدك في المطبخ، ومن يرافق أبناءك إلى التّعليم المسيحي، ومن يصغي إليك، ومن يفهمك بنظرة واحدة، ومن يهتمّ بك باستمرار على الرّغم من ظرفه الذي قد يكون أكثر تعقيدًا من ظرفك.

 

أيّها الرّبّ يَسُوع، أنت الذي لم تطلب مجد العالم.

امنحنا السّلام.

أنت الذي حملت أثقال البشر أجمعين.

امنحنا السّلام.

أنت الذي عانقت خشبة الصّليب الثقيلة.

امنحنا السّلام

 

أبانا الذي في السّموات...

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي حوّلت مشنقة الموت

إلى مصدر حياة لا ينضب،

أصغِ إلى تضرّعاتنا:

امنح الأبناء أن يعتنوا بوالِدِيهم،

ويحفظوهم بشكر وتقدير،

وامنحنا نحن جميعًا أن نتعلّم منك فرح الحبّ والعطاء بسخاء.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

 

المرحلة الثامنة

سمعان القيرواني يساعد يسوع في حمل الصليب

 

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ لوقا (23، 26)

وبَينما هم ذاهبونَ بِه، أَمسكوا سِمعان، وهو رَجُلٌ قِيرينيٌّ كانَ آتِيًا مِنَ الرِّيف، فجَعَلوا علَيهِ الصَّليبَ لِيَحمِلَه خَلْفَ يَسوع

 

الأجداد

تقاعدنا منذ سَنَتَين، وعندما بدأنا نسرح بخيالنا لنرى كيف نُنفق طاقتنا التي ادّخرناها، علمنا بنبأ فصل صهرنا من العمل. خلال فترة الجائحة، شهدنا عاجزين أزمة زواج ابنتنا الكبرى. بدأ أحفادنا يغمرون بيتنا بالحيوية والفوضى، ليس فقط يوم الأحد، كما لم يحدث منذ أن كان أبناؤنا الثّلاثة صغارًا. وضعنا في السيّارة مقعدًا مخصّصًا للأطفال واشترينا لوحة لنكتب عليها التزامات أحفادنا الخمسة حتّى نتأكّد بأنّنا لن ننسى أمرًا ما. لم تكن قوّتنا كما كانت عليه من قبل، لكن كثرة الخبرة التي اكتسبناها جعلتنا طيّعين للحياة قادرين على التكيُّف، أكثر ممّا كنّا عليه عندما كانت لدينا القوّة للرّكض. يقلقنا صليب العائلات المعرَّضة لكلّ ضعف، وإمكانية عدم توفر العمل. واليوم كوننا نميل بشكل طبيعي إلى التّعامل مع تعبنا وخوفنا من الموت الذي لا يمكن إنكاره، نحن نحمل صليبًا لا نتوقّعه، لكنّه موضوعٌ على أكتافنا. أصبحت خطواتنا بطيئة، وفي الليل، بعد أن ابتسمنا، نجد أنفسنا نبكي شفقةً. أن نكون ”أكسجين“ لعائلات أبنائنا هو عطيّة يُعيدنا إلى المشاعر التي شعرنا بها عندما كانوا صغارًا. لن نكُفَّ أبدًا عن أن نكون أمًّا وأبًا.

 

أيّها الرّبّ يَسُوع، أنت الذي أردت أن تشركنا في ثقل الصّليب.

امنحنا السّلام.

أنت الذي تخضعنا لدينونة صليبك.

امنحنا السّلام.

أنت الذي تطلب منا أن نتبعك ونحمل صليبنا.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الذي في السّموات...

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي تدعونا إلى أن نحمل أثقال بعضنا البعض،

أصغِ إلى ابتهالاتنا:

وامنح عائلاتنا

أن يعرفوا أن يتقاسموا في أفراحهم وأتعابهم،

وامنحنا نحن جميعًا أن ننمو في أخوّة نشطة،

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور. آمين.

المرحلة التاسعة

يسوع يلتقي نساء أورشليم

 

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ لوقا (23، 27-28)

وتَبِعَه جَمعٌ كثيرٌ مِنَ الشَّعب، ومِن نِساءٍ كُنَّ يَضرِبنَ الصُّدورَ ويَنُحنَ علَيه. فالتَفَتَ يَسوعُ إِليهِنَّ فقال: يا بَناتِ أُورَشَليمَ، لا تَبكِينَ عَليَّ، بلِ ابكِينَ على أَنفُسِكُنَّ وعلى أَولادِكُنَّ.

 

عائلة بالتبنّي

نحن الآن أربعة أفراد. كنّا اثنين مدة سنوات عديدة، وواجهنا صليب الوَحدةـ وواجهنا صعوبة أبُوّة مختلفة عما كنا نتخيله دائمًا. التّبني هو قصّة حياة تتميّز بالوَحدة التي يَشفيها الترحيب بآخر. لكن الوَحدة والشعور بأنّك مخذول، جُرحٌ ينزف دائمًا. والتّبني هو صليب يحمله الأهل والأبناء معًا على أكتافهم، ويتحمّلونه، ويحاولون أن يخفّفوا الألم بل يحبّون الصّليب أيضًا، بقدر ما هو جزء من قصّة الأبناء من المؤلم أن نرى ابنًا يتألّم من ماضيه. ومؤلّم أن نحاول أن نحبّه من دون أن نقدر أقلّه أن نخدش فنخفف بعض الشيء من ألمه. لقد تبنّينا بعضنا البعض. ولا يمر يوم نستيقظ فيه، إلّا ونقول إنّ الأمر كان يستحقّ العناء، وكلّ هذا الجهد لم يذهب سُدًى، وأنّ هذا الصّليب، حتّى لو كان مؤلمًا، يحمل معه سرّ سعادة.

 

أيّها الرّبّ يَسُوع، أنت الذي جلبت إليك نظر بنات أورشليم.

امنحنا السّلام.

أنت الذي جفّفت الدّموع وعزّيت القلوب.

امنحنا السّلام.

أنت الذي سرت بشجاعة في درب الصّليب.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الذي في السّموات...

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي ذهبت للقاء الصّليب

بعيونٍ مفتوحة وقلبٍ حاضر،

أصغِ إلى ابتهالاتنا:

وامنح الأهل وأبناءهم بالتبنّي

أن ينموا معًا مثل عائلة ترحب بالآخر

وامنحنا نحن جميعًا أن نتعاون لنمنح الفرح للقريب.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

 

المرحلة العاشرة

يسوع يُسمَّر على الصّليب

 

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ لوقا (23، 33-38)

ولمَّا وَصَلوا إِلى المَكانِ المَعروفِ بالجُمجُمة، صَلَبوهُ فيهِ والمُجرِمَيْن، أَحَدُهما عنِ اليَمينِ والآخَرُ عَنِ الشِّمال. فقالَ يسوع: يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لأَنَّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون. ثُمَّ اقتَسموا ثِيابَه مُقتَرِعينَ علَيها. ووقَفَ الشَّعْبُ هُناكَ يَنظُر، والرُّؤَساءُ يَهزَأُونَ فيقولون: خَلَّصَ غَيرَهُ فَلْيُخَلِّصْ نَفْسَه، إِن كانَ مَسيحَ اللهِ المُختار! وسَخِرَ مِنه الجُنودُ أَيضًا، فدَنَوا وقرَّبوا إِلَيه خَلًّا وقالوا: إِن كُنتَ مَلِكَ اليَهود فخَلِّصْ نَفْسَكَ! وكانَ أَيضًا فَوقَه كِتابَةٌ خُطَّ فيها: هذا مَلِكُ اليَهود.

 

أرملة

نحن عائلة مكوَّنة من أُمّ وابنين. منذ أكثر من سبع سنوات، كنّا مثل كرسيّ بثلاثة أرجل بدلاً من أربعة: كرسيّ جميل جدًّا وذو قيمة، حتّى لو كان غير ثابت بعض الشّيء. تحت الصّليب تجد كلّ عائلة معناها العميق، حتّى الأكثر اعوجاجًا، وأكثرها أوجاعًا، أو غرابة، أو مهما كانت صورتها. وعائلتنا أيضًا. لقد اختبرنا، في الدموع والألم، أنّ يسوع، وهو يعانق تلك العوارض التي سُمِّر عليها، كان ينظر إلينا ولم يتركنا قط وحدنا.

إنّه عَهَدَ بنا ليس فقط إلى محبّة الخالق العامّة لمخلوقاته، بل إلى صديق، وإلى أمّ، وإلى ابن، وإلى أخ. سلّمنا إلى كنيسة تمدّ يدها، مع كلّ أخطائها، ومهما بدا الأمر لنا مستحيلًا، فإنّها تتحمّل أحيانًا العبء من أجلنا، وتسمح لنا بأن نلتقط أنفاسنا من وقت إلى آخر. الحبّ يتضاعف لأنّه مجانيّ، حتّى عندما أقع في تجربة ولا أفهم لماذا، ”خَلَّصَ غَيرَهُ... وهو مَسيحَ اللهِ المُختار“، ولم يستطعْ أن يخلّص زوجي أيضًا. لكنَّ جرحه على الصّليب هو ميراث، ورباط، وعلاقة معًا. الحبّ هنا أمرٌ واقع، لأنّنا ولو كنا في الهاوية وفي المصاعب الكثيرة، فإنّنا لسنا متروكين.

 

أيّها الرّبّ يَسُوع، أنت الذي مددت ذراعيك على الصّليب.

امنحنا السّلام.

أنت الذي لم تخلّص نفسك لكي تخلّصنا.

امنحنا السّلام.

أنت الذي غفرت لقاتليك.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الذي في السّموات...

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي فتحت ذراعيك على الصّليب

ضُمَّ إليك كلّ من كان وحيدًا ومتروكًا،

أصغِ إلى صلاتنا:

وامنح العائلات المصابة بفقدان أحد الوالدَين

أن تشعر بحضورك في ألمها،

وامنحنا نحن جميعًا أن نعرف أن نبكي مع الباكين.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

 

المرحلة الحادية عشرة

يسوع يَعِدُ الّلصّ بالملكوت

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ لوقا (23، 33. 42-43)

ولمَّا وَصَلوا إِلى المَكانِ المَعروفِ بالجُمجُمة، صَلَبوهُ فيهِ والمُجرِمَيْن، أَحَدُهما عنِ اليَمينِ والآخَرُ عَنِ الشِّمال. ثُمَّ قال أَحَدُ المُجرِمَينِ: أُذكُرْني يا يسوع إِذا ما جئتَ في مَلَكوتِكَ. فقالَ لَه: الحَقَّ أَقولُ لَكَ: ستَكونُ اليَومَ مَعي في الفِردَوس.

 

عائلة لها أبناء مكرّسون

الآن فقط نبتسم ونتذكّر كلّ الآمال التي وضعناها في ابننا. ربّيناه حتّى يكون سعيدًا، وحتّى يحقّق ذاته. وحتّى يتبع خطى جدّه. نعم، ربّما كنّا نريد له حياة مختلفة. عائلة، وعمل، وأبناء، وأحفاد. باختصار، حياة ”طبيعيّة“. لقد عشنا من قبل حياته مكانه. ولكن أنت أتيت وقلبت كلّ شيء. دمّرت أحلامنا، من أجل أمرٍ أكبر. عملت على ألّا تتبع حياته منطق: ”هكذا كنا نعمل دائما“، ودعوته إليك. ولكن كيف؟ ولماذا هو بالتّحديد؟ لماذا ابننا بالتّحديد؟ لم نتقبّل الأمر في البداية. عارضناه. وتخلّينا عنه. اعتقدنا أنّ برودنا معه سيجعله يعود عن فكرته. حاولنا أن نُدخل الشّكّ إلى رأسه في أنّه كان مخطئًا في كلّ شيء. كنا مثل مُجرِمَين. لكنّنا أدركنا أنّه لا يمكننا محاربتك. نحن إناء صغير وأنت البحر. نحن شرارة وأنت النّار. لذلك، مثل لصّ اليمين، نسألك نحن أيضًا أن تذكرنا مَتَى جئت في ملكوتك.

 

أيّها الرّبّ يَسُوع، أنت الذي متَّ مثل مجرم.

امنحنا السّلام.

أنت الذي حوّلت الصّليب إلى عرش ملكيّ.

امنحنا السّلام.

أنت الذي فتحت أبواب الفردوس المفقود.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الذي في السّموات...

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي كشفت لنا أسرار ملكوتك،

حيث الأكبر هو من يخدم،

أصغِ إلى ابتهالاتنا:

ووجّه الأهل ليكونوا في خدمة دعوة أبنائهم

وامنحنا نحن جميعًا أن نكون تلاميذك المخلصين.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

 

المرحلة الثانية عشرة

يسوعيعطي أمّه للتّلميذ الحبيب

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ يوحنّا (19، 25-27)

هُناكَ عِندَ صَليبِ يسوع، وقَفَت أُمُّه، وأُختُ أُمِّه مَريَمُ امرأَةُ قَلُوبا، ومَريَمُ المِجدَلِيَّة. فرأَى يسوعُ أُمَّه وإِلى جانِبِها التِّلميذُ الحَبيبُ إِلَيه. فقالَ لأُمِّه: أَيَّتها المَرأَة، هذا ابنُكِ. ثُمَّ قالَ لِلتِّلميذ: هذه أُمُّكَ. ومُنذُ تِلكَ السَّاعَةِ استَقبَلَها التِّلميذُ في بَيتِه.

 

عائلة فقدت أبناء لها

كنّا خمسة أفراد في البيت: أنا وزوجي وأبناؤنا الثّلاثة. منذ خمس سنوات، تعقّدت حياتنا. تشخيص صعب أن نتقبّله، ومرض سرطانيّ مكتوب في كلّ لحظة على وجه ابنتنا الصّغرى. هذا المرض الذي جعل صراخ الظّلم الذي كنّا نعيشه أكثر إيلامًا،على الرّغم من أنّه لم يخمد ابتسامتها قط. وعلى الرّغم من ”السّخرية“ التي بدا أن الألم قد غطّانا بها، بعد ستِّ سنوات فقط من الزّواج، تركنا زوجي بسبب موت مفاجئ، ووضعنا على طريق الوَحدة المؤلمة، وبعد سنتين، وقد غمرنا الألم، رافقنا ابنتنا الصّغيرة من البيت إلى مثواها الأخير. خمس سنوات مرّت على بداية هذه المغامرة التي لم نفهمها مطلقًا بصورة عاقلة، ولكن المؤكّد أنّ هذا الصّليب الكبير كان يحمله معنا الرّبّ يسوع وما زال يحمله معنا حتّى اليوم. ”الله لا يدعو من هو قادر، بل يجعل قادرًا من يدعو“: هذا ما قالته لنا راهبة ذات يوم، وقد غيّرت هذه الكلمات نظرتنا إلى الحياة في السّنوات الأخيرة. الكذبة الكبرى التي حاربناها كانت أنّنا لم نَعُدْ عائلة. لا أعرف طريقة أخرى لكي أردّ بها على قلبي وألمي الجسدي، إلّا أن أوكل نفسي إلى الرّبّ يسوع الذي يعيش معي في هذا الجزء من الطّريق على الأرض. في كثير من المرّات، في جلسات العلاج الكيميائي لابنتي، شعرت بأنّني مريم عند الصّليب، وهذه الخبرة هي التي تجعلني أشعر اليوم – حتّى ولو قليلاً – أنّني أمُّ ربِّي.

 

أيّها الرّبّ يَسُوع، أنت الذي عرفت عذاب المشاعر.

امنحنا السّلام.

أنت الذي لم تترك للموت الكلمة الأخيرة.

امنحنا السّلام.

أنت الذي كانت أمك نفسها وصيتك لنا.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الذي في السّموات...

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي أردت قبل أن تموت

أن تسلّمنا أمّك وتوكلنا إلى قلبها،

أصغِ إلى ابتهالاتنا:

وامنح العائلات المكلومة بموت أحد أبنائها

أن تحفظ النّعمة التي منحتها إياها مع عطائك الحياة لها

وامنحنا نحن جميعًا أن نستقبل، في عزاء الرّوح، مشيئتك الأخيرة.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور. آمين.

 

المرحلة الثالثة عشر

يسوع يموت على الصّليب

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس (15، 34. 36-37)

وفي السَّاعَةِ الثَّالِثَة صَرَخَ يسوعُ صَرخَةً شديدة، قال: أَلُوي أَلُوي، لَمَّا شَبَقْتاني؟، أَي: إِلهي إِلهي، لِمَاذا تَركتَني؟ فأَسرَعَ بَعضُهم إِلى إِسفَنجَةٍ وبلَّلَها بِالخَلّ وجَعَلَها على طَرَفِ قَصَبَة وسَقاه، وهو يقول: دَعُونا نَنْظُر هل يَأتي إِيلِيَّا فيُنزِلَه. وصَرخَ يسوعُ صَرخَةً شَديدة ولفَظَ الرُّوح.

 

عائلة أوكرانيّة وعائلة روسيّة

إزاء الموت، يكون الصمت أكثر بلاغة من الكلمات. لنقف بصمتٍ مُصلّي وليُصلّي كلُّ فرد منا في قلبه من أجل السلام في العالم.

[نصٌّ مُحضَّر: الموت يُحيط بنا. والحياة تبدو كأنّها فقدت قيمتها. كلّ شيء تغيّر في ثوان. الحياة، والأيّام، وثلوج الشّتاء الخالية من الهموم، والذهاب لاصطحاب الأطفال العائدين من المدرسة، والعمل، والعناق، والصّداقات... كلّ شيء. كلّ شيء فَقَدَ قيمته فجأة. ”أين أنت يا ربّ؟ أين اختبأت؟ نريد حياتنا السّابقة. لماذا كلّ هذا؟ أيّ خطأ ارتكبنا؟ لماذا تركتنا؟ لماذا تخلّيت عن شعوبنا؟ لماذا باعدت ما بين عائلاتنا بهذا الشّكل؟ لماذا لم يعُد لدينا الرّغبة في أن نحلُم وأن نعيش؟ لماذا أصبحت أراضينا مظلمة مثل الجلجلة؟“. نفدت دموعنا. ذهب الغضب وحلّ محلّه الاستسلام. نحن نعلَم أنّك تحبّنا، أيّها الرّبّ يسوع، لكنّنا لا نشعر بهذا الحبّ وهذا أمر يدفعنا إلى الجنون. عندما نستيقظ في الصّباح، نشعر بالسّعادة لبضع ثوان، لكن بعد ذلك نتذكّر مباشرة كم ستكون صعبة المصالحة بيننا. أين أنت يا ربّ؟ تكلّم في صمت الموت والانقسام وعلّمنا أن نصنع السّلام، وأن نكون إخوة وأخوات، وأن نعيد بناء ما أرادت القنابل أن تدمّره.]

 

أيّها الرّبّ يَسُوع، أنت الذي أحبّبتنا حتّى النهاية.

امنحنا السّلام.

أنت الذي قهرت الموت بموتك.

امنحنا السّلام.

أنت الذي منحتنا الحياة عندما لفظت النّفس الأخير.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الذي في السّموات...

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي تدفقت المصالحة بين الجميع،

مِن جنبك المطعون،

أصغِ إلى أصواتنا المتواضعة:

وامنح العائلات التي دمّرتها الدّموع والدّماء

أن تؤمن بقوّة المغفرة

وامنحنا نحن جميعًا أن نبني السّلام والوفاق.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

 

المرحلة الرابعة عشر

يسوع يُدفَن في القبر

 

نسجد لك أيّها المسيح ونباركك.

لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.

 

مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ متّى (27، 59-61)

فأَخذَ يوسُفُ الجُثْمانَ ولَفَّه في كَتَّانٍ خالِص، ووضَعَه في قَبرٍ لَه جديد كانَ قد حفَرَه في الصَّخْر، ثُمَّ دَحرَجَ حَجَرًا كبيرًا على بابِ القبرِ وانصَرَف. وكانت هُناكَ مَريمُ المِجدَلِيَّة ومَريمُ الأُخرى جالِسَتَينِ تُجاهَ القَبر.

 

عائلة من المهاجرين

نحن هنا الآن. مُتْنا عن ماضينا. كنّا نودّ أن نعيش في أرضنا، لكنّ الحرب منعتنا. من الصّعب على عائلة أن تختار بين أحلامها وحرّيّتها. بين رغباتها وبقائها على قيد الحياة. نحن هنا بعد رحلات رأينا فيها نساءً وأطفالًا، وأصدقاءً وإخوةً وأخواتٍ يموتون. نحن هنا، ناجون. ينظرون إلينا على أنّنا عبء. نحن الذين كانت لنا أهميتنا في بيتنا، بينما نحن هنا أرقام وفئات وتسهيلات. مع ذلك، نحن أكثر بكثير من مجرّد مهاجرين. نحن بشر. جئنا إلى هنا من أجل أبنائنا. ونموت كلّ يوم من أجلهم، حتّى يحاولوا أن يعيشوا هنا حياة طبيعيّة، من دون قنابل، ومن دون دماء، ومن دون اضطهاد. نحن كاثوليك، لكن هذا أيضًا يبدو أحيانًا أنّه ثانويّ مقارنة مع كوننا مهاجرين. إذا لم نستسلم، فذلك لأنّنا نعلَم أنّ الحجر الكبير على باب القبر سوف يتدحرج يومًا ما.

 

أيّها الرّبّ يَسُوع، أنت الذي أنزلَتْك أيدٍ صديقة عن خشبة الصّليب.

امنحنا السّلام.

أنت الذي دُفِنتَ في قبرٍ جديد ليوسف الرامي.

امنحنا السّلام.

أنت الذي لم تعرف فساد القبر.

امنحنا السّلام.

 

أبانا الذي في السّموات...

 

أيّها الرّبّ يسوع،

أنت الذي نزلت إلى الجحيم

لتخلّص آدم وحوّاء وأبناءهما من السحن القديم،

أصغِ إلى ابتهالاتنا من أجل عائلات المهاجرين:

وانتشلهم من العزلة القاتلة

وامنحنا نحن جميعًا أن نراك في كلّ إنسان

وأن نرى فيه أخانا وأختنا المحبوبة.

أنت الحي المالك إلى دهر الدُّهور.آمين.

 

 

صلاة ختاميّة

أيّها الآب الرّحيم،

أنت الذي تُطلِع شمسَك على الأخيار والأشرار،

لا تتخلَّ عن أعمال يديك،

من أجلنا لم تتردّد

أن تسلّم ابنك الوحيد،

المولود من العذراء،

ليُصلب على عهد بيلاطس البنطي،

وليموت ويُدفَن في القبر في قلب الارض،

ثم قام من بين الأموات في اليوم الثّالث،

وظهر لمريم المجدليّة،

ولبطرس، وسائر الرّسل والتّلاميذ،

وهو حيٌّ دائمًا في الكنيسة المقدّسة،

جسدِه الحيّ في العالم.

أبقِ سراج الانجيل،

مُضيئًا في عائلاتنا

ليضيء على أفراحنا وأحزاننا،

وتعبنا ورجائنا:

ليظهر في كلّ بيت وجه الكنيسة،

ولتكن شريعتها الأولى هي المحبّة.

أفِضْ علينا روحك القدوس،

وساعدنا لنتجرّد من الإنسان القديم،

الذي أفسدته الأهواء الخدّاعة،

وأعطنا أن نلبس الإنسان الجديد،

الذي خلقْتَه أنت في البرّ والقدّاسة.

أمسك بيدنا، مثل الأب،

حتّى لا نبتعد عنك،

وحوّل قلوبنا المتمرّدة إلى قلبك،

حتّى نتعلّم أن نتبع مشاريع السّلام.

اجعل المتخاصمين يتصافحون،

ليفرحوا بالمغفرة المتبادلة،

وانزع السّلاح من يد الأخ المرفوعة على أخيه،

حتّى يزهر الوفاق حيث توجد الكراهية.

لا تدعنا نتصرّف مثل أعداء صليب المسيح،

كي نشارك في مجد قيامته.

هو الحي المالك معك،

في وحدة الرّوح القدس،

إلى دهر الدُّهور.

آمين.

 

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2022