Index   Back Top Print

[ AR  - DE  - EN  - ES  - FR  - IT  - PL  - PT ]

الزيارة الرّسوليّة إلى جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة وجنوب السّودان

المؤتمّر الصّحفي في أثناء رحلة العودة من جوبا إلى روما

الأحد 5 شباط/فبراير 2023

[Multimedia]

________________________________________

 

مقدّمة - بروني

صباح الخير للجميع، من الواضح أنّ هذه الزيارة كانت مميزة، نظرًا للأمور التي شاهدناها وسمعناها، وأيضا لأنّ الزيارة تمّت كحجّ جماعيّ، حجّ من أجل السّلام، وكان معنا رفقاء، وهذا ما نراه الآن أيضًا في هذه اللحظة. أودّ أن أطلب من الصّحفيّين عندما يحين وقت طرح الأسئلة، أن يقولوا إلى من يوجّهون السّؤال، لأنّه يوجد معنا، بالإضافة إلى الأب الأقدس، المنسق العام للكنيسة المشيخيّة الأسكتلنديّة، وتعرفون رئيس الأساقفة ويلبي، رئيس أساقفة كانتربيري. لكن قبل أن نبدأ أودّ أن أسأل قداسته هل يريد أن يقول شيئًا، أن يوجّه إلينا كلمة.

 

البابا فرنسيس

أتمنى لكم أحدًا سعيدًا، وشكرًا على عملكم في هذه الأيام. كانت هذه رحلة مسكونيّة مع أخويّ، لذا أردتُ أن يكونا حاضرين هما أيضًا في المؤتمّر الصّحفي لا سيّما رئيس أساقفة كانتربيري، الذي يسير منذ سنوات في درب المصالحة هذه. لقد بدأ العمل قبلي بكثير في هذا المجال. لذا أردتُ أن يكون كلاهما حاضرين. شكرًا وسنتكلّم لاحقًا.

 

ويلبي

طاب يومكم، شكرًا جزيلًا. وشكرًا، قداستك. في عام 2014 قمت أنا وزوجتي بزيارة جنوب السّودان في إطار زيارة إلى الشّركة الأنجليكانيّة، ولدى وصولنا طلب منّا رئيس الأساقفة أن نذهب إلى مدينة اسمها ”بور“. كانت الحرب الأهليّة على أشدِّها وقد بدأت منذ خمسة أسابيع آنذاك، وكان الوضع قاسيًا جدًّا. ذهبنا إلى بور على متن طائرة ذات محرّك واحد، حطت في مطار مقفر. وكانت الجثث عند بوابة المطار. كان هناك في ”بور“ ثلاثة آلاف جثة لم تدفن بعد، وكان عدد القتلى خمسة آلاف. وكان هناك بعض أفراد الأمّم المتّحدة وكثير من الجنود. ذهبنا إلى الكاتدرائيّة حيث قُتل جميع الكهنة الأنجليكان، وحيث اغتُصبت زوجاتهم قبل أن يُقتلن. كان الوضع رهيبًا. على طريق عودتنا، شعرنا أنا وزوجتي بنداء قوي، لنرى ماذا نستطيع أن نعمل لندعم أهالي جنوب السّودان. ومنذ ذلك الحين، خلال أحد اللقاءات المنتظمة التي كان لي شرف عقدها مع البابا فرنسيس، تحدّثنا كثيرًا عن جنوب السّودان، وطوّرنا فكرة عقد خلوة (روحيّة) في الفاتيكان. فريق العمل في لامبيث وفي الفاتيكان تابعوا العمل معًا منذ سنة 2016، وقاموا بزيارات إلى جنوب السّودان، مدّة أشهر عديدة، وعملوا في الميدان، وعملوا مع الزعماء سعيًا لتنظيم هذه الزيارة. وذهبت زوجتي إلى هناك وعملت مع زوجات الأساقفة ومع نساء رائدات تعرضن لضغوط قوية. وزرنا أيضًا زعماء منفيين في أوغندا.

في عام 2018 اتضح لنا أنّ هناك إمكانيّة تنظيم زيارة في مطلع سنة 2019، وتمكّنا من ذلك، وكانت معجزة. كان أحد نائبي الرّئيس في الخرطوم، قيد الإقامة الجبرية. أتذكّر أنّه في اليوم السّابق للزيارة – كان علّي أن أذهب إلى روما باكرًا جدًا صباح اليوم التالي – 36 ساعة قبل الرحلة، كنت في موقف للسيارات في مدرسة في نوتينغهام بإنجلترا، وتحدّثت على الهاتف مع الأمين العام للأمّم المتّحدة لإقناعه بتمهيد الطّريق أمام نائب الرّئيس ليتمكن من الحصول على تأشيرة الدخول، وهذا ما فعله بجدارة كبيرة، وتمكّن من أن يستقل آخر رحلة من الخرطوم قبل إغلاق المجال الجوي إثر الانقلاب. قمّة اللقاء في سنة 2019، كانت بالطبع المبادرة التي لا تُنسى التي قام بها البابا عندما جثا على ركبتيه وقبّل أقدام الزعماء قائلًا: "أرجوكم أن تصنعوا السّلام" وهم يحاولون أن يمنعوه. مع هذا، يذهب الفكر مباشرة إلى الفصل الثالث عشر من إنجيل يوحنا. كانت لحظة مدهشة. كانت النقاشات صعبة. ثم عقد نائبا الرّئيس اجتماعًا منفصلًا، كان كثيفًا، وفي الختام التزما بتجديد اتفاق السّلام، وأعتقد أنّ ما فعله البابا كان أمرًا حاسمًا، كان نقطة التّحول.

لكن كما يقول أحد مدربي كرة القدم الإنجليز: إنّكَ بارعٌ لغاية المباراة المقبلة. وجاءت جائحة كوفيد لتُؤجّل المباراة التّالية، وكان لذلك أثر سلبيّ جدًّا. أعتقد أنّ النتيجة كانت فقدان الفرصة فيما يتعلّق بعملية السّلام. عندما وصلنا إلى هذه الزيارة تابع الفريقان عملهما لكن بثقة أقل قياسًا مع سنة 2019. لكني أنهيتُ هذه الزيارة بمشاعر قوية من التّشجيع، ليس أنّنا وصلنا إلى مخرج، بل لأنّه كان لمبادرتنا معنى، وهو الحديث من القلب إلى القلب، وأنا أستخدم هنا كلمات للبابا. لم يحصل الاتصال على المستوى الفكريّ: كما لاحظتم، خلال مختلف اللقاءات التي تخللتها الخطابات، بل تكلّم القلب إلى القلب. ونحن... حصل أمامنا دَفعٌ جديد على المستوى الوسط وفي القاعدة، وما نحتاج إليه هو تبدّل القلب في القيادات. عليهم أن يتفقوا على عملية تقود إلى انتقال سلمي للسّلطة. قيل لهم هذا بصورة علنية. هذا ما قلناه لهم. ينبغي أن يوضع حد للفساد ولتهريب الأسلحة، ولتخزينها بكميات كبيرة. هذا يتطلّب المزيد من العمل معًا، مع الفاتيكان ومع لامبيث، وخصوصًا مع الحكومات، ومع ”الترويكا“ لتزيد الباب المفتوح انفتاحًا، لأنّه ليس مفتوحًا بما فيه الكفاية كما أريد، كي نتمكن من كسر الباب وإحراز تقدّم حقيقي. بعد أقل من سنتين ستجري الانتخابات، في نهاية سنة 2024: نحن بحاجة لرؤيّة تقدّم جادّ قبل نهاية سنة 2023. سأترك الكلمة الآن لمنسق الجمعيّة العامة لكنيسة إسكتلندا.

 

غرينشيلدز

شكرًا رئيس الأساقفة. خِبرتي مختلفة تمامًا عن خبرة البابا ورئيس الأساقفة. لأنّها هذه المرّة الأولى التي أزور فيها جنوب السّودان، لكنّها ليست المرّة الأولى لكنيستي في جنوب السّودان، لأنّ سلفي، المنسق السّابق، زار ما سماه بالوضع الهش جدًّا. المصالحة والغفران كانا في محور النقاشات والحوار أثناء لقاء سنة 2015. كنا قد دعونا الأشخاص إلى المجيء إلى إسكتلندا ليفكّروا ويتدربوا ثم يعودون إلى جنوب السّودان. هذا ضمن الجماعة المشيخيّة في جنوب السّودان. أودّ أن أكرّر ما قاله صديقي هناك: لقد استعملت ألفاظ شديدة، وقيلت الحقيقة، إلى القلب والعقل. أعتقد أنّ الوضع الآن واضح وهو: صوت الأعمال أعلى من صوت الكلمات. لقد دُعينا من قبل الحكومة والكنائس إلى زيارة جنوب السّودان، كما يُدعى الصّديق للدخول إلى غرفته وبيته. هذه الدعوة تضمنت طلب المساعدة، بكلّ الوسائل الممكنة، لإحداث فرق في هذا الوضع، للقاء شركائنا، وللتحدّث بكلّ الطّرق الممكنة إلى الممسكين بزمام السّلطة، وهذا ما فعلناه. الآن على القادرين على إحداث فرق أن يبدأوا وبصورة مستعجلة ومُلِحَّة. هذا ما طلبناه في هذه الزّيارة.

 

[السّؤال الأوّل]

Jean-Baptiste Malenge (RTCE-Radio Catholique Elikya ASBL)

أنا جان باتيست مالينجي، من محطة الإذاعة والتلفزة الكاثوليكيّة Elikya التّابعة لرئاسة أبرشيّة كينشاسا. أيّها الأب الأقدس، كنت ترغب منذ زمن بزيارة جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة. الآن كلّ البلد يشع بالفرح الذي جئت لتزرعه. ما مدى أهميّة الاتفاق الذي وُقِّع سنة 2016 بين الكرسيّ الرّسوليّ وجمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة، اتفاق يتناول القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل التّربية والصّحّة. الاتفاق هو في صدد التّطبيق، في وقت لمست فيه بيدك الجراح المختلفة، وفي وقت اشتَمَّ فيه راعي (الكنيسة) الجامعة رائحة الخراف الكونغوليّة.

 

البابا فرنسيس

شكرًا. أوّلًا فيما يتعلّق بالاتفاق، أنا لا أعرف هذا الاتفاق، عذرًا، هناك أمين سر الدّولة يمكن أن يبدي رأيه. أعرف أنّه في الفترة الأخيرة كان يُعدّ لاتفاق بين الكرسيّ الرّسوليّ وجمهوريّة الكونغو الدّيمقراطيّة، لكنّي لا أعرفه ولا أستطيع الإجابة. ولا أعرف كيف يختلف عن الاتفاق الجديد الجاري العمل به حاليًا، هذه الأمور تقوم بها أمانة سرّ الدولة، أمين سرّ الدولة أو المطران غالاغير الحاضر هنا، الذي يهتمّ عن كثب بالنواحي السّياسيّة للعلاقات بين الدول والكرسيّ الرّسوليّ، وهم يعرفون كيف يصنعون الاتفاقات، لما فيه خير الجميع.

لقد رأيت في الكونغو رغبة كبيرة في التقدّم، وثقافة واسعة. قبل أن آتي إلى هنا أجريت، منذ بضعة أشهر، لقاءً عبر ”زوم“ مع طلاب جامعيّين أفارقة، من بينهم طلاب كونغوليّون: إنّهم في غاية الذكاء، لديكم أشخاص يتمتعون بذكاء خارق، هذا من مصادر الغنى لديكم، الشّبان الأذكياء، ولا بد من أن يُساعَدوا لكي يدرسوا ويتقدّموا، ويجب أن يُفسح المجال أمامهم، وألّا تُغلَق الأبواب دونهم.

لديكم أيضًا ثروات طبيعيّة كثيرة تجذب الناس فيأتون ليستغلّوا الكونغو، عذرًا على هذه الكلمة. هناك هذه الفكرة، وقلتها مرارًا: أفريقيا تعاني من الاستغلال، إنّها عرضة للاستغلال. يقول البعض، لا أعرف هل هو صحيح أنّ البلدان المستعمِرة منحَت الاستقلال للبلدان المستعمَرة ”من سطح الأرض فما فوق“، ولم تُمنَح الاستقلال لما تحت الأرض، لا، ما زالوا يأتـون يبحثون عن المعادن. لا أعرف هل هذا صحيح، لكن هذا ما يُقال. لكن فكرة أنّ أفريقيا هي للاستغلال، هذه الفكرة، لا بد من محوها. أفريقيا لها كرامتها. والكونغو في مرتبة عالية في هذا المجال.

والحديث عن الاستغلال أمر يؤثّر فيَّ وتؤلمني مشكلة شرق الكونغو، التي هي مشكلة حرب واستغلال. في الكونغو تسنّت لي فرصة اللقاء مع ضحايا تلك الحرب الرّهيبة، مع الجرحى وأشخاص بُترت أطرافهم. ألَم كثير، ألَم كثير. كلّ ذلك للحصول على الثروات، هذا أمر غير مقبول، غير مقبول. لكن بالعودة إلى سؤالك بشأن الكونغو، للكونغو إمكانات كثيرة.

 

ويلبي

لا أعرف غرب الكونغو جيّدًا، زوجتي ذهبت إلى هناك وعملت مع نساء في الصّراع. لقد زرت الشّرق مرات كثيرة، كانت آخر زيارة في سنة 2018 قبل جائحة كوفيد. إنّي اتّفق مع ما قاله قداسته: علينا أن نكون واضحين، الكونغو ليس ملعبًا للقوى العظمى، أو لتكون نهبًا لشركات المناجم الصّغيرة. إنّهم يتصرّفون بطريقة غير مسؤولة من خلال المناجم للتصنيع، يخطفون ويستخدمون الأولاد المجندين، ويغتصبون على نطاق واسع، وينهبون البلد الذي ينبغي أن يكون من أغنى البلدان على سطح الأرض، وأكبر مساعِد لباقي أفريقيا. لقد عُذّب البلد، مُنح الاستقلال السّياسيّ، لكنّه لم يَنعم بالاستقلال الاقتصاديّ.

الخبرة التي اكتسبتُها في الشّرق خلال زيارتي الأخيرة، عندما كان متفشيًا داء الـ”إيبولا“، في المناطق التي تنشط فيها الميليشيّات. قمنا بتنشئة القساوسة على التّعامل مع هذا المرض بكلّ أشكاله، الكنائس تقوم بعمل خارق هناك، إنّها القوّة الوحيدة الفاعلة. واسمح لي، أبتِ، أن أقول إنّ الكنيسة الكاثوليكية تقوم بعمل رائع: مشروع البحيرات الكبرى الذي أطلقته الكنيسة الكاثوليكيّة رائع. الآن يتعيّن على القوى العظمى أن تقول: إنّ أفريقيا، والكونغو بنوع خاص، لديهما كمّ هائل من الموارد المعدنيّة التي يحتاج إليها العالم كلّه، إن أراد أن يصنع انتقالًا إيكولوجيًا وينقذ الكوكب من التبدلات المناخيّة، والطّريقة الوحيدة ليتحقق ذلك هي ألّا تُلطَّخ الأيدي بالدماء، وأن تبحث (القوى العظمى)، لا عن اغتنائها، بل عن السّلام في الكونغو.

 

غرينشيلدز

لا أريد أن أضيف الكثير لأنّي اعتقد أنّ الإجابة كانت وافية. لكني أعتقد أنّه تحذير بالنسبة لنا جميعًا الذين لدينا المال. أعتقد أنّ هناك ما قاله البابا بخصوص الشّبان. عقول لامعة وإيجابيّة، وللشبان الحقّ في الحصول على فرص للنمو. خبرتي في مناطق أخرى من العالم تعلّمني أنّه فيما يتعلق بالعقول اللامعة للشّابات، لا بد من أن يتمّ الإقرار بحقهن في الحصول على الفرص نفسها أسوة بالشّبان، وهذا يصحّ في كلّ بلد، خصوصًا في البلدان النامية. هذا ما ألتمسه: الإقرار بحقوق النساء، لا سيّما النساء الشّابات. إنّه أمر أساسيّ.

 

[السّؤال الثّاني]

Jean-Luc Mootosamy (CAPAV)

جان لوك موتوسامي (CAPAV)

رأينا كيف أنّ العنف لا يتوقّف على الرّغم من حضور بعثات الأمّم المتّحدة منذ عشرات السّنين. كيف تستطيعون أنتم معًا أن تساهموا في تعزيز نموذج جديد للتدخل، إزاء التّجربة المتناميّة لدى العديد من الدول الأفريقيّة لاختيار شركاء آخرين بغية ضمان الأمن، شركاء قد لا يحترمون القوانين الدوليّة، مثل بعض الشّركات الخاصّة الرّوسيّة أو منظمّات أخرى، في منطقة السّاحل على سبيل المثال؟

 

البابا فرنسيس

شكرًا. موضوع العنف هو موضوع يومي. هذا ما رأيناه للتو هنا في جنوب السّودان. من المؤلِم أن نرى ما الذي يسبّب العنف. أحد الأسباب هو بيع الأسلحة. رئيس الأساقفة ويلبي قال شيئًا بهذا الخصوص. بيع السّلاح: أعتقد أنّ هذا هو الطّاعون الأكثر شيوعًا في العالم. صفقات بيع السّلاح. هناك شخص مطّلع على هذا الموضوع قال لي إنّه يمكن أن يختفي الجوع في العالم بما يُنفَق على الأسلحة مدّة سنة واحدة. لا أعرف هل هذا صحيح. لكن بيع السّلاح هو اليوم في المرتبة الأولى. والأمر لا يقتصر فقط على القوى العظمى، لكن أيضًا مع هؤلاء الأشخاص المساكين، الذين تزرع الحرب في داخلهم بتجارة الأسلحة. هذا أمر قاس. يقولون له: ”اذهب إلى الحرب“، ويعطونه الأسلحة، لأنّه توجد مصالح اقتصاديّة من أجل استغلال الأرض والمعادن والثّروات.

صحيح أنّ القبليّة في أفريقيا لا تساعد. لا أعرف جيّدًا كيف هو الوضع في جنوب السّودان. أعتقد أنّ الوضع هو نفسه هناك أيضًا. لا بد من حوار بين مختلف القبائل. أتذكّر عندما كنتُ في كينيا، في المدَرَّج المكتظ، وقفوا كلّهم ليقولوا: لا للقبليّة، لا للقبليّة. صحيح أنّ لكلّ قبيلة قصتها الخاصّة، هناك عداوات قديمة، وثقافات مختلفة. لكن صحيح أيضًا أنّ بيع الأسلحة يثير الصّراع بين القبائل، ثمّ يتمّ استغلال أرض كلا القبيلتَين. هذا أمر شيطانيّ. لا أجد كلمة أخرى. هذا يعني التّدمير: تدمير الخليقة، وتدمير الشّخص، وتدمير المجتمع.

لا أعرف هل يحصل هذا الأمر أيضًا في جنوب السّودان، لكنه يحصل في بعض البلدان: يُخطَف الأولاد لينضموا إلى الميليشيّات ويقاتلون وهم صغار. أوجز فأقول: أعتقد أنّ المشكلة الكبرى والخطيرة هي إرادة الاستحواذ على ثروات ذلك البلد – الكولتان، والليثيوم... وكلّ هذه الأشياء – وذلك، من خلال الحرب، التي يثيرونها ببيع السّلاح، مستغلّين الأطفال أيضًا.

 

غرينشيلدز

أعتقد أنّ أحد المواضيع التي تتبادر إلى الذهن أمام هذا الواقع هو المستوى العالي جدًّا للأمية في هذه البلدان: الناس لا يفهون بوضوح من هم، وأين هم، ولا يقدرون أن يتخذوا خيارات واعية. هذا شيء. لا بد من التّطرق إلى مسألة سباق التّسلّح: هناك أشخاص يجنون المال الكثير بفضل ذلك، وأكثر من أيّ مصدر آخر في العالم. كيف نعمل ذلك؟ من خلال الإقناع. كيف نتخطى الانقسامات؟ من خلال الحوار.

أريد أن أقدّم لكم مثالًا من إسكتلندا، البلد الذي أتيت منه والذي كان بلدًا منقسمًا انقسامًا عميقًا بسبب الدّين، وحيث حصلت أمور رهيبة: أعمال عنف رهيبة، انقسامات رهيبة داخل أمتنا. بدأنا عملية حوار فيما بيننا – كنيسة إسكتلندا والكنيسة الكاثوليكيّة في إسكتلندا – وتوصَّلْنا في السّنة الماضيّة، إلى التّوقيع على إعلان صداقة، نريد به أن نسير معًا مع اختلافاتنا، ولكن متفقين أيضًا في ما نحن متفقون فيه. فقط عندما نصل إلى هذا المستوى من الحوار واللقاء مع الآخر، يبدأ هدم الجدران. هذا ما حصل في إسكتلندا، الذي كان بلدًا منقسمًا جدًّا عندما كنت فتيًا. وهذا الأمر بدأ يتغيّر. والتّعلّيم يساهم أيضًا في هذه العمليّة.

 

ويلبي

أنا أودّ أن أجيب من وجهة نظر مختلفة، لأن السّؤال جيّد ومفيد جدًّا. لا تقل: الأمّم المتّحدة أو غيرها، لكن الأمّم المتّحدة مع غيرها. المسألة تكمن في كلمة ”مع“ بدل كلمة ”أو“.

 ماذا تقدّم الكنائس؟ ما تقدّمه الكنائس ليس فقط شبكات فاعلة وتقريبًا خالية من الفساد. وهكذا إن ساهمْتَ فيها ذهبَتْ المساعدة مباشرة إلى السّكان المحتاجين. هذه الشّبكات تتمكّن من تخطي خطوط النار وكلّ شيء آخر. يوم السّبت الماضيّ قام رئيس أساقفتنا في كاجو كيجي بجنازة عشرين شخصًا: ذهب إلى هناك فورًا، وعاد مساء السّبت. وقد أحدثت الزيارة فرقًا كبيرًا. إنّه تبدّل في القلب. وهذا هو محور هذه الزّيارة.

قبل مائة وثلاثين سنة، أو قبل مئة سنة، كانت قبيلتا Nuer وDinka في حرب دائمة، كانت ثقافة الثأر، خصوصًا فيما يتعلّق بقبيلة Nuer التي كانت تعيش صراعًا داخليًّا مستمرًّا، مع سرقة المواشي. الفرق لم تُحدثه حكومة الاستعمار، بل الكنائس وارتداد القلب عندما قَبِلَ الناس الإيمان بالمسيح، واتضح لهم أنّ ثمة طريقة أخرى للعيش.

لذا، صلاتي في نهاية هذه الزّيارة، ألّا نشهد فقط نشاطات كثيرة، بل أن يحمل روح الله القدّوس، روحًا جديدًا، روح مصالحة وشفاء لأهالي جنوب السّودان.

 

[السّؤال الثّالث]

Claudio Lavanga (NBC NEWS)

كلاوديو لافانجا (NBC NEWS)

صباح الخير للجميع. أردت أن أسألكم، أيّها الأب الأقدس، بما أنّ رئيس الأساقفة ويلبي قد ذكّرنا بتلك اللحظة المذهلة في سنة 2019، عندما ركعتم أمام قادة جنوب السّودان لطلب السّلام، للأسف في غضون أسبوعَين ستكون هناك الذكرى الأولى لصراع رهيب آخر، صراع أوكرانيا، وسؤالي هو: هل ستكونون مستعدين للقيام بنفس المبادرة تجاه فلاديمير بوتين إن أتيحت لكم الفرصة لمقابلته، نظرًا أنّ نداءاتكم من أجل السّلام لم تلق آذانًا مصغية حتّى الآن؟ ولكم أنتم الثلاثة: أردت أن أعرف هل تريدون أن توجّهوا نداءً مشتركًا من أجل السّلام في أوكرانيا، لأنّه من النادر أن تكونوا أنتم الثّلاثة معًا؟

 

البابا فرنسيس

أنا منفتح على لقاء كلا الرّئيسَين، رئيس أوكرانيا ورئيس روسيا، أنا منفتح على اللقاء. إن لم أذهب إلى كييف، فذلك لأنّه لم يكن من الممكن في ذلك الوقت أن أذهب إلى موسكو، لكنّني كنت في حوار، وفي الواقع في اليوم الثّاني من الحرب، ذهبت إلى السّفارة الرّوسيّة لأقول إنّني أريد أن اذهب إلى موسكو للتحدّث مع بوتين، بشرط أن تكون هناك نافذة صغيرة للتفاوض. ثمّ أجابني الوزير لافروف: ”حسنًا“، نعم، قدَّر ذلك كثيرًا، ولكن ”سنرى لاحقًا“. هذه المبادرة كانت موضوع تفكير، ”سأقوم بذلك من أجله“.

لكن مبادرة اللقاء سنة 2019 لا أعرف كيف تمّت، ولم أفكّر فيها والأمور التي لم تفكّر فيها لا يمكنك أن تكرّرها، إنّه الرّوح القدس الذي يحملك إلى هناك، ولا يمكنك أن تفسر ذلك. نقطة على السّطر. وأنا أيضًا نسيتُ ذلك. كانت خدمة، كنت أداة لدفع داخليّ، وليس شيئًا مخطّطًا.

اليوم نحن... لكنّها ليست الحرب الوحيدة، أودّ أن أكون منصفًا: سورية في حالة حرب منذ اثني عشر أو ثلاثة عشر سنة. اليمن في حالة حرب منذ أكثر من عشر سنوات. فكّر في ميانمار، الروهينجا الفقراء المهجرين حول العالم لأنّهم طُردوا من وطنهم. في كلّ مكان في أمريكا اللاتينيّة، هناك حروب كثيرة! نعم، هناك حروب أكثر أهميّة بسبب الضّوضاء التي تحدثها، لكن، لا أعرف، العالم كلّه في حالة حرب، إنّه تدمير ذاتي. علينا أن نفكّر بجديّة. إنّه تدمير ذاتي. لنتوقف ما دام بإمكاننا ذلك، لأنّ القنبلة تدعو إلى قنبلة أكبر وأخرى أكبر أيضًا، وغيرها أكبر، وفي التّصعيد لا تعرف أين ستنتهي... يجب أن يكون دمك باردًا.

 ثمّ تحدّث سيادته عن النساء. رأيت النساء في جنوب السّودان، يسرنَ قدمًا بأبنائهنَّ، وأحيانًا يُتركن وحدَهُنّ، لكن لديهن القوّة لخلق بلد. النساء شجعان، وهنَ اللواتي يسرنَ قدمًا بالأمور... الرجال يذهبون إلى القتال، يذهبون إلى الحرب وهؤلاء السّيّدات، مع طفلَين، أو ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة أطفال يسرنَ قدمًا في الحياة... رأيتهنَّ هنا في جنوب السّودان. وبالحديث عن النساء، أودّ أن أقول كلمة عن الرّاهبات، الرّاهبات الملتزمات، رأيت بعضهن هنا في جنوب السّودان ثمّ في قداس اليوم، سمعتم أسماء العديد من الرّاهبات اللواتي قُتلن، وقُطِعَت رؤوسهنَّ في هذه الحرب... لكن لنعُد إلى قوّة المرأة، علينا أن نأخذها على محمل الجدّ ولا نستخدمها فقط للإعلانات: من فضلكم، إنّها إهانة للمرأة، إنّ المرأة خُلقت لأشياء أكبر من هذه!

لا أعرف، لقد تحدّثت عن النقطة الأخرى، ولكن يجب أن ننظر إلى الحروب الموجودة في العالم.

 

ويلبي

لقد تحدّثتُ عن روسيا والرّئيس بوتين وأوكرانيا عندما ذهبت إلى هناك في أواخر تشرين الثّاني/نوفمبر وأوائل كانون الأوّل/ديسمبر، وليس لدي ما أضيفه سوى أنّ نهاية هذه الحرب في يدّ الرّئيس بوتين. يمكنه أن يوقفها بالانسحاب ووقف إطلاق النار ثمّ بالمفاوضات على اتفاقات طويلة الأمد. لكن ليس ذلك ممكنًا... إنّها حرب مرعبة ورهيبة.

لكني أريد أيضًا أن أقول إنّني أتفق مع البابا فرنسيس: هناك حروب أخرى كثيرة. أتحدّث كلّ بضعة أسابيع مع رئيس كنيستنا في ميانمار، وأتحدّث مع قادة كنيستنا في نيجيريا، - قُتل أمس 40 شخصًا في كاتسينا في المعارك. وأتحدّث مع كثيرين في العالم: أنا متّفق مع الأب الأقدس. لن تنتهي أيّ حرب إذا لم يتمّ إشراك النساء والشّباب، للأسباب التي عبّر عنها بالضبط.

 

[السّؤال الرابع]

Bruce De Galzain (Radio France)

بروس غالزان (Radio France)

أيّها الأب الأقدس، قبل مغادرتكم إلى زيارتكم الرّسوليّة، شجبتم تجريم المثليّة الجنسيّة. إنّها جريمة، في جنوب السّودان وفي الكونغو لا تقبلها العائلات. التقيت بخمسة مثليّين جنسيًا هذا الأسبوع في كينشاسا، وجميعهم قد رُفضوا لا بل وطُردوا من عائلاتهم. وقد أوضح لي هؤلاء المثليّون أنّ رفضهم يأتي من التّربية الدّينيّة لوالديهم. حتّى أنّ بعضهم تمّ نقلهم إلى مُقَسِّمين لأن عائلاتهم تعتقد أنّ فيهم أرواحًا نجسة. سؤالي أيّها الأب الأقدس: ماذا تقولون لعائلات الكونغو - كينشاسا وجنوب السّودان التي ما زالت ترفض أبناءها وماذا تقولون للكهنة والأساقفة؟ شكرًا.

 

البابا فرنسيس

تحدّثت عن هذه المشكلة في رحلتَين، الأولى عند العودة من البرازيل: إن كان الشّخص الذي يميل إلى المثلية مؤمنًا ويبحث عن الله، فمن أنا لأحكم عليه؟ هذا قلته في تلك الرّحلة. وفي المرّة الثّانية في رحلة العودة من إيرلندا، والتي كانت رحلة فيها إشكاليّات إلى حد ما، لأنّ رسالة ذلك الشّاب كانت قد نُشرت في ذلك اليوم... في تلك الحالة قلت للوالدين بوضوح: إنَّ الأبناء الذين لديهم هذا التّوجه لهم الحقّ في البقاء في البيت، أنتم لا يمكنكم طردهم من البيت، لأنَّ لهم الحقّ في ذلك. ثمّ قلت شيئًا مؤخرًا، لا أتذكّر تمامًا ما قلته في مقابلة Associated Press. يعدّ تجريم المثليّة الجنسيّة مشكلة لا يمكننا أن نتغاضى عنها. الحساب هو، إلى حد ما، أنّ خمسين دولة تميل بطريقة أو أخرى إلى هذا التّجريم. يقول البعض أكثر، لنقل أقلَّه، خمسون. وحتّى بعض هذه الدول - أعتقد أنّها عشرة - لديها عقوبة الإعدام إمّا بشكل مُعلن وإمّا في الخفاء ولكن لديها عقوبة الإعدام. هذا الأمر ليس صحيحًا، لأنَّ الأشخاص ذوي الميول الجنسيّة المثليّة هم أبناء الله، والله يحبّهم ويرافقهم. صحيح أنّ البعض منهم هم في هذه الحالة بسبب مواقف مختلفة لم يريدوها، لكن إدانة مثل هذا الشّخص هي خطيئة، وتجريم الأشخاص ذوي الميول الجنسيّة المثليّة يُعدُّ ظلمًا. أنا لا أتحدّث عن المجموعات، لا، لا، وإنّما عن الأشخاص. هناك من يقول: ”لكنّهم يشكّلون مجموعات تُحدث ضوضاء...“ جماعات الضّغط (اللوبي) هذه مسألة أخرى. أنا أتحدّث عن الأشخاص. وأعتقد أنَّ التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة يقول جملة: ”ينبغي ألّا نهمشهم“. وبالتالي أعتقد أنّ الأمر واضح في هذا الشّأن.

 

ويلبي

ربما لم يغب عنكم تمامًا أنّه كان هناك حديث عن هذا ”قليلًا“ في كنيسة إنجلترا مؤخرًا... بما في ذلك المناقشات في البرلمان وما إلى ذلك. كنت أتمنّى لو تحدّثت ببلاغة ووضوح كما تحدّث البابا، وأنا أتفق تمامًا مع كلّ كلمة قالها. التّجريم... لقد أصدرت الكنيسة الإنجليزية، والشّركة الأنغليكانيّة قرارات في مؤتمّري لامبث ضدّ التّجريم، لكن هذا الأمر لم يغيّر حقًا ذُهنيّة غالبية الأشخاص. في الأيام الأربعة المقبلة، في السّينودس العام لكنيسة إنجلترا، سيكون هذا الموضوع الرّئيسي للمناقشة وسأذكر بالتّأكيد الأب الأقدس. لأنّه قد تحدّث عن ذلك بشكل جميل ودقيق.

 

غرينشيلدز:

مجرد ملاحظة قصيرة جدًّا. لا أرى في أيّ مكان في الأناجيل الأربعة يسوع يرفض أيّ شخص. لا أرى أيّ شيء في الأناجيل الأربعة سوى أنّ يسوع يعبّر عن محبّته تجاه كلّ شخص يلتقي به. وبالتالي كمسيحيّين، هذا هو التّعبير الوحيد الذي يمكننا أن نتوجّه من خلاله لأيّ إنسان وفي أيّ ظرف من الظروف.

 

[السّؤال الخامس]

Alexander Hecht (ORF TV)

أليكسندر هيخت (ORF TV)

سؤال للأب الأقدس: كان هناك الحديث الكثير في الأيام الأخيرة عن الوَحدة، وقد رأينا أيضًا علامة على وَحدة المسيحيّة في جنوب السّودان، وكذلك عن وَحدة الكنيسة الكاثوليكيّة نفسها، أريد أن أسألكم هل تشعرون، بعد وفاة البابا بندكتس السّادس عشر، أنّ عملكم ورسالتكم أصبح أكثر صعوبة بالنسبة لكم، لأنّ التّوترات بين التّيارات المختلفة في الكنيسة الكاثوليكيّة قد اشتدّت؟

 

البابا فرنسيس

حول هذا الموضوع، أودّ أن أقول إنّني استطعت أن أتحدّث عن كلّ شيء مع البابا بندكتس، وتبادلنا الآراء، وكان دائمًا بجانبي وداعمًا لي. وإن رأى أيّة صعوبة، كان يعلمني بها وكنا نتحدّث ولم يكن هناك مشاكل.

في إحدى المرّات تحدّثتُ عن زواج المثليّين، وأنَّ الزواج هو سرّ مقدس ولا يمكنّنا أن نجعل زواج المثليّين سرًّا، ولكن هناك إمكانيّة لتأمين الخيور عن طريق القانون المدني، وقد بدأ في فرنسا، ولا أتذكّر اسمه ولكنه قانون مدني، يقول إنّ أيّ شخص يمكنه أن يعقد اتحادًا مدنيًّا، ليس بالضرورة كزوجين، لا... فالسيدات المسنات المتقاعدات يعقدنَ اتحادًا مدنيًا، الخ... وأحد الأشخاص الذي كان يعتقد أنّه لاهوتي كبير، من خلال صديق للبابا بندكتس، ذهب إليه وقدّم شكوى ضدي. لم يرتعب البابا بندكتس، بل دعا أربعة كرادلة لاهوتيّين من الدرجة الأولى وقال: ”اشرحوا لي هذا“ وشرحوا له. وهكذا انتهت القصة.

إنّه مثل لكي نرى كيف كان بندكتس يتصرّف عندما كان هناك شكوى. هناك من يقول إنَّ بندكتس كان يشعر بالمرارة لِما كان يعمله البابا الجديد، إنّها ”قصص صينيّة“ لا معنى لها... لقد استشرتُ البابا بندكتس من أجل اتخاذ بعض القرارات كنت أريد اتخاذها، وكان موافقًا.

أعتقد أنّه تمَّ استغلال موت بندكتس من قبل الأشخاص الذين يريدون أن يجرّوا الماء إلى طواحينهم. والأشخاص الذين يستغلّون بطريقة أو بأخرى مثل هذا الشّخص الطيّب ورجل الله هذا، لا بل يمكنني أن أقول أحد أباء الكنيسة القدّيسين، هم أشخاص لا أخلاق لهم، إنّهم حزبيون وليسوا رجال كنيسة... نرى في كلّ مكان نزعة للتعامل مع المواقف اللاهوتيّة وتحويلها إلى مواقف حزبيّة، ومن ثمّ قد تؤدّي إلى هذا... يمكنك أن تتركها... وهذه الأشياء ستسقط من تلقاء نفسها أو أن بعضها لن يسقط وسيستمرّ كما حدث في تاريخ الكنيسة. لكنني أردت أن أقول بوضوح من هو البابا بندكتس وأنّه لم يكن يشعر بالمرارة.

 

[السّؤال السّادس]

Jorge Barcia Antelo (RNE)

خورخي بارسيا أنتيلو (RNE)

صباح الخير يا صاحب القداسة. هذا هو السّؤال الأوّل لكم. نحن الآن نعود من بلدَين ضحيتَين لما سمّيتموه ”عولمة اللامبالاة“. أنتم تقولون هذا منذ بداية حبريتكم وكذلك منذ زيارتكم إلى لامبيدوزا. بمعنى ما، لقد اكتملت الدائرة في هذا الأسبوع. هل ما زلتم تفكّرون في توسيع هذه الدائرة، والذهاب إلى مكان آخر، وزيارة البلدان المنسية الأخرى؟ ما هي الأماكن التي تفكّرون في الذهاب إليها؟ وبعد هذه الرّحلة التي كانت طويلة وصعبة كيف تشعرون؟ هل لا يزال لديكم القوّة؟ هل لديكم الصّحّة الضّروريّة للذهاب إلى كلّ هذه الأماكن؟

(ويسأل باللغة الإنكليزية المنسّق ورئيس الأساقفة هل سينضمان إلى البابا في رحلة أخرى مثل هذه).

 

البابا فرنسيس

أتكلّم على عولمة اللامبالاة، ثمَّ كان هناك شيء ما في صميم سؤالك...

نعم، حقًا، هناك عولمة اللامبالاة في كلّ مكان، سواء داخل البلد، ربما... أشخاص كثيرون قد نسوا كيف ينظرون إلى مواطنيهم ويضعونهم في زاوية لكي لا يفكّروا فيهم. يكفي أن نفكّر أنّ أكبر الثروات في العالم هي في أيدي الأقليّة. وهؤلاء الأشخاص لا ينظرون إلى البؤس، وقلوبهم لا تنفتح على المساعدة.

أمّا بالنسبة للزيارات. أعتقد أنّه سيكون هناك زيارة إلى الهند في السّنة المقبلة، على ما أعتقد... وفي 23 من أيلول/سبتمبر سأذهب إلى مرسيليا وهناك احتمال أن أسافر من مرسيليا إلى منغوليا، لكن هذا الأمر ليس مؤكَّدًا بعد، إنّه ممكن. من ثمّ رحلة أخرى هذه السّنة: لشبونة. لكن المعيار هو أنّني اخترت زيارة أصغر الدّول في أوروبا. ستقول لي: ”لكنكم ذهبتم إلى فرنسا“، لا، ذهبت إلى ستراسبورغ، وسأذهب إلى مرسيليا وليس إلى فرنسا. الأصغر، للتعرُّف قليلًا على أوروبا الخفية، أوروبا التي لديها الكثير من الثّقافة والتي لا يعرفها الجميع لكي يرافقوا البلدان، على سبيل المثال ألبانيا، التي كانت الدولة الأولى التي عانت من أقسى الديكتاتوريّات في التّاريخ. هذه هي نوعًا ما خياراتي: أحاول ألّا أقع في عولمة اللامبالاة.

[يسألونه عن صحته] أنت تعلَم أنّ العُشبة السّيّئة لا تموت أبدًا! صحتي ليست كما في بداية الحبريّة، حقًا، هذه الرّكبة تزعجني، لكنّها تسير قدمًا ببطء، سنرى بعد ذلك ماذا سيحدث. شكرًا.

 

ويلبي

بالتّأكيد هذه هي أفضل شركة طيران سافرت معها على الإطلاق! لنضع المزح جانبًا، نعم: إن رأى الأب الأقدس أنّي أضيف شيئًا إلى رحلته، أو رئيس الأساقفة في المستقبل (في كانتربري) يضيف شيئًا لرحلته، سيكون ذلك مصدر سرور كبير. يعتمد ذلك إلى أين نذهب، وهل نكون عائقًا أم عونًا.

 

غرينشيلدز

بالتّأكيد إنّه أمر نتوق إليه ويسعدنا أن نقوم به مرّة أخرى. لكنَّ القيد الوحيد هو أنّ ولايتي ستنتهي في 20 أيار/مايو وستكون المنسِّقة التّالية [للجمعيّة العامّة] لكنيسة إسكتلندا امرأة، وهي امرأة قديرة، وأنا متأكّد من أنّها ستكون سعيدة بالقيام بالعمل نفسه.

 

*******

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2023



Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana