The Holy See Search
back
riga

 

SYNODUS EPISCOPORUM
نشرة

الجمعيّة الخاصّة
من أجل الشرق الأوسط
لسينودس الأساقفة
10 – 24 أكتوبر/تشرين الأوّل 2010

الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط: شركة و شهادة.
"وكان
جماعة المؤمنين قلبًا واحدًا وروحًا واحدة
" (أع 4: 32)


هذه النشرة هي فقط وثيقة عمل للاستعمال الصحافيّ.
ليس للترجمات عن الأصل صفة رسميّة.


الطبعة العربيّة

 

[04 - 2010/10/11]

مُلَخص

 

- افتتاح احتفاليّ للجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة

- الجلسة العامّة الأولى (الإثنين، 11 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010، قبل الظهر)

- ملاحظات

 افتتاح احتفاليّ للجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة

يوم الأمس الواقع فيه الأحد 10 تشرين الأوّل/أكتوبر، الأحد الثامن والعشرون من "الزمن العاديّ"، بعد الاحتفال المشترك بالإفخارستيّا مع آباء السينودس في بازيليك مار بطرس، في مناسبةِ الافتتاح الرسميّ للجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، على وقع ترانيم وتراتيل شرق أوسطيّة، أطلّ قداسة البابا بندكتوس السادس عشر من على شرفةِ مكتبه في القصر الرسوليّ الفاتيكانيّ من أجل تلاوة صلاة التبشير الملائكيّ مع المؤمنين والحجّاج المجتمعين في ساحة القدّيس بطرس. عاد البابا، باستهلاله الصلاة المريميّة، وتحدّث عن السينودس من أجل الشرق الأوسط قائلاً: "أني آتٍ الآن من بازيليك القدّيس بطرس حيث ترأستُ قدّاسَ افتتاح الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة. هذه الجمعيّة السينودسيّة الإستثنائيّة التي تُعقد على مدى أسبوعين تشهد، في كنف الفاتيكان، اجتماع رعاة الكنيسة التي تعيش في منطقة الشرق الأوسط، إنّها حقيقةٌ متنوّعةٌ جدًّا: في هذه الأراضي، إنّ كنيسة المسيح تعبّر عن نفسها بالفعل بغنى تقاليدها القديمة كلّها. إنّ الموضوع الذي سوف نتأمّل فيه سيكون التالي: "الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط: شركة وشهادة". في الواقع، في هذه البلدان التي تبرِّحها للأسف انقسامات عميقة والتي تمزّقها نزاعات قديمة، إنّ الكنيسة مدعوّة لتكون رمزًا وأداةً للوحدة والمصالحة على مثال جماعة أورشليم الأولى، كما يقول القدّيس لوقا: "كان جماعة الذين آمنوا قلبًا واحدًا ونفسًا واحدة" (أع 4: 32). المهمّة شاقّة، في الوقت الذي غالبًا ما يجد مسيحيّو الشرق الأوسط أنفسهم مكرهين على تحمّل أوضاع حياتيّة صعبة، أكان على المستوى الشخصيّ، العائليّ والجماعيّ. غبر أنّ ذلك لا ينبغي أن يثبّط العزائم: في هذا السياق بالذات، من الضروريّ والملحّ أن تدوّي أكثر فأكثر رسالة المسيح الدائمة: "توبوا وآمنوا بالإنجيل" (مر 1: 15). في زيارتي الأخيرة إلى قبرص، أصدرت وثيقة عمل هذه الجمعيّة السينودسيّة؛ الآن، ومع افتتاح أعمال الجمعيّة السينودسيّة، أدعوكم جميعًا إلى الصلاة طالبين من الله أن يفيض علينا بنعم الروح القدس. يدعى شهر تشرين الأوّل/أكتوبر شهر الورديّة. إنّه "الصوت الروحيّ" الذي تعطيه الذكرى الليتورجيّة للطوباويّة مريم سيّدة الورديّة، التي نحتفل بها في السابع من هذا الشهر. نحن إذًا مدعوّون إلى الإستسلام لإرشاد مريم في هذه الصلاة القديمة الدائمة التجدّد، والتي هي غالية عليها بشكل خاصّ لأنّها تقودنا مباشرةً إلى يسوع، موضوع التأمّل في أسرار خلاصه: الفرح والنور والآلام والمجد. على خطى المكرّم يوحنّا بولس الثاني (رج الرسالة الرسوليّة، مسبحة السيّدة مريم)، أودّ أن أذكّر بأنّ الورديّة هي صلاة بيبليّة مفعمة  بالكتاب المقدّس. هي صلاة من القلب يوجّه فيها تكرار "السلام عليك" الفكر والعاطفة نحو المسيح فتصبح تضرّعًا ملؤه الثقة إلى أمّه وأمّنا. هي صلاة تساعد على التأمّل في كلمة الله وعلى استيعاب الشركة الإفخارستيّة، على مثال مريم التي كانت تحفظ في قلبها كلّ ما كان يقوله يسوع ويفعله، وحضورَه بالذات. الأصدقاء الأعزّاء، نعرف جيّدًا كم أنّ إخواننا وأخواتنا من الشرق الأوسط يحبّون مريم ويحترمونها. جيمعنا ننظر إليها كما إلى أُمّ العناية، القريبة من كلّ ألم، ونجمةَ الرجاء. لنكل إلى شفاعتها الجمعيّة السينودسيّة التي تنطلق اليوم، من أجل أن يقوى مسيحيّو تلك المنطقة في الشركة ويعطوا الجميع شهادة إنجيل الحبّ والسلام".

وبعد تلاوة الصلاة المريميّة، أضاف البابا، باللغة الفرنسيّة: أحيّي الحجّاج الناطقين باللغة الفرنسيّة القادمين لصلاة التبشير الملائكيّ. اليوم تفتتح الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، أكل إلى صلواتكم أعمال الآباء السينودسيّين. وأدعوكم أيضًا إلى الصلاة من أجل مسيحيّي الشرق الأوسط، ليساعدهم الربّ على أن يكونوا دائماّ: "قلبًا واحدًا ونفسًا واحدةً"، فيشهدوا، حيث يتواجدون، وبشجاعة، لبشرى الخلاص السارة. ولترافقهم في ذلك مريم العذراء، سيّدة الورديّة المقدّسة! أحد مبارك للجميع! وفي الإنكليزيّة قال البابا: أحيّي الحجّاج الناطقين باللغة الإنكليزيّة، المجتمعين لصلاة التبشير الملائكيّ. أدعوكم لترافقوني جميعًا في الصلاة من أجل الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، التي افتتحت صباح اليوم في بازيليك القدّيس بطرس. فليقوِّ هذا الحدث الكنسيّ الاساسيّ شركة المؤمنين في الشرق الأوسط، وبخاصّة في شهادتهم لإنجيل يسوع المسيح وعطيّة السلام التي يقدّمها. وفيما أكل هذه الصلوات للشفاعة القديرة للعذراء مريم الكلّيّة الطوبى وخطيبها القدّيس يوسف، وهما ابنا تلك المنطقة، فإنّني استمطر بركات الربّ الغزيرة عليكم وعلى عائلاتكم".

على مدى أسبوعين، سيكون كاثوليكيّو الشرق الأوسط محور اهتمام الكنيسة جمعاء، لأنّ أساقفتهم جميعًا يجتمعون في روما في السينودس. الشرق الأوسط هو منطقة لا يمثّل فيها المسيحيّون إلاّ أقليّة، وفي بعض دول المنطقة، لا يشكّلون إلاّ أقليّة صغيرة للغاية، وليس لهم أي  تأثير سياسيّ ولا إجتماعيّ، إنّ وضع الحرب أو التوترات الدائمة تنسف أي أمل لهم في المستقبل، وتدفعهم إلى الهجرة. لكنّها في الوقت عينه، المنطقة التي ولدت فيها المسيحيّة، حيث لها جذور وتقاليد قديمة جدًّا، وهي ذات غنى ثقافيّ وروحيّ لا مثيل له. لذلك، إنّ مشاكل الكنائس في الشرق الأوسط تهمّنا وتعتينا جميعًا، ولذلك دعا البابا إلى هذه الجمعيّة الخاصّة، التي للمرّة الأولى، لا تكرّس لموضوعٍ ولا قارّة ولا دولة، بل لمنطقة محدّدة من العالم.

"شركة وشهادة"، هذا هو موضوع الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، والتي تذكّرنا بأنّ جماعة المؤمنين الأولى في القدس كانوا "قلبًا واحدًا ونفسًا واحدة". ومن لا قوّة سياسيّة لهم ولا عسكريّة، ومن يعانون

في كثير من الأحيان من العنف، لا يسعهم إلاّ أن يلجأوا دائمًا إلى قوّة الروح والمحبّة، وأن يرفعوا صرخةً ودعوة للسلام قويتين وموثوقتين، وليستا مقيديتن أو مختلطتين مع مطالب أو مصالح خاصّة. إنّ الوحدة الأعمق بين الجماعات الكاثوليكيّة المختلفة المتفرّقة في الشرق، المعزّزة بدعم الكنائس العديدة في سائر أنحاء العالم، والتي تعبّر عن تضامنها من خلال تقديم المساعدات الروحيّة والماديّة، والمعزّزة بحضور البابا ومشاركته الدائمة والمكثّفة – الأساس الحقيقيّ للوحدة- تجعل من هذه الجمعية الخاصّة صوتًا وعلامةً وبذارًا للرجاء والسلام.

 [00016-08.09] [NNNNN] [Testo originale: Italiano]

 الجلسة العامّة الأولى (الإثنين، 11 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010، قبل الظهر)

 - ترحيب الرئيس المنتَدَب، نيافة الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقيّة (حاضرة الفاتيكان)

- تقرير الأمين العامّ لسينودس الأساقفة، سيادة المطران نيكولا إتروفيتش، أسقف سيبال شرفًا (حاضرة الفاتيكان)

- تقرير المقرّر العامّ قبل المناقشة، غبطة البطريرك أنطونيوس نجيب، بطريرك الإسكندريّة للأقباط (جمهوريّة مصر العربيّة)

 هذا الصباح، الإثنين 11 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010، على الساعة 09,00، وبحضور الأب الأقدس، انطلقت في قاعة السينودس في الفاتيكان أعمال الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، بترنيمة الساعة الثالثة، التي استُهِلَّت بنشيد "تعال أيّها الروح القدس الخالق"، مع الجمعيّة العامّة الأولى.

ألقى الأب الأقدس بندكتوس السادس عشر تأمّلاً.

 ذكّر الأب الأقدس بندكتوس السادس عشر، أنّه في الحادي عشر من تشرين الأوّل/أكتوبر 1962، وكلَ البابا يوحنّا الثالث والعشرون، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني إلى القلب الأموميّ لمريم، "أم الله". وأيضًا اليوم، أراد قداسة البابا أن يكل أعمال الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط، لسينودس الأساقفة ، إلى شفاعة مريم العذراء، أم الله.

بواسطة مريم، ذكّر البابا أنّ الله اتحّد بشكل جوهريّ مع الإنسان يسوع، الذي منه وُلِد إله الأرض. باقتباسٍ من إنجيل القدّيس يوحنّا ومن رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس، ذكّر البابا أن الله قد جذبنا إلى ذاته بسرّ التجسّد، ولذلك نحن اليوم نشارك بشكل كامل في العلاقة معه. وباقتباسٍ من البابا بولس السادس الذي قال إنّ مريم هي "أم الكنيسة"، وذكّر بأنّه قد بدأت استعادة كلّ شيء بميلاد المسيح، ولذلك، فإنّ مريم أم الله هي أم الكنيسة لأنّها أم الذي أتى ليجمعنا جميعًا في جسده القائم من الموت.

وشرح الأب الأقدس أنّه في الفصل الأوّل من إنجيل القدّيس لوقا، يُقرأ كيف أنّ الروح القدس نزل على مريم، فولدت بالألم، وأعطتنا ابن الله. سيوجد ذات الألم في سرّ الصليب، نحو القيامة، وشموليّة الجسد الواحد، الذي هو الكنيسة.

وتطرّق الأب الأقدس أيضًا الى المزمور 81، الذي تلي في صلاة الساعة الثالثة. وشرح أنّه في هذا المزمور، هنالك، برؤيا نبويّة، اندحار وسقوط للآلهة، التي تفتقد الى صفات الألوهيّة. وهذا المسار الجديد لإسرائيل، هو أيضًا تغيير العالم ومعرفة الإله الحقيقيّ؛ واندحار القوى التي تسود الأرض.

وكلّ ذلك مسيرة ألم، لم تنته بعد. وقد بدأت بصليب المسيح، وتمرّ عبر آلام الجماعات المسيحيّة الناشئة، وهي مسيرة تغيير مُكلف، ويتطلّب الألم من قبل شهود المسيح.

واليوم أيضًا، ينبغي أن يولد المسيح، في العالم، مع اندحار الالهة، وسط الألم واسشهاد الشهود، ضدّ آلهة اليوم: قوى رأسمالية مجهولة تستعبد الإنسان، عنفٌ مرتكَبٌ باسم الله، وايديولوجيّات، ومخدّرات، وأنماط الحياة الجديدة.

وقال البابا، بفعل تهديدات سلوكنا، تهتز الأسس الخارجيّة، تبعا لإهتزاز الأسس الداخليّة. أمّا الإيمان، لاسيّما إيمان البسطاء، فهو الأساس الحقيقيّ والحكمة الحقيقيّة، بالإضافة إلى كونه قوّة الكنيسة الحقيقيّة.

 [00011-08.15] [NNNNN] [Testo originale: Italiano]

سننشر في أسرع وقت ممكن النصّ الكامل لتأمّل البابا

الرئيس الدوريّ المنتَدَب نيافة الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقيّة (حاضرة الفاتيكان)

ستستقبل الجمعيّة السينودسيّة التي افتتحها يوم أمس البابا بندكتوس السادس عشر، الذي ترأّس الاحتفال الإفخارستيّ المشترك في بازيليك القدّيس بطرس، تمثيلاً لأساقفة الشرق الأوسط، حول موضوع "الكنيسة في الشرق الأوسط: شركة وشهادة. ’وكان جماعة الذين آمنوا قلبًا واحدًا ونفسًا واحدة‘ (أع 4: 32)".

بعد الساعة الثالثة، قدّم مداخلات في هذه الجمعيّة العامّة الأولى: نيافة الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقيّة (حاضرة الفاتيكان)، كلمة ترحيب بصفته الرئيس المنتَدَب؛ سيادة المطران نيكولا إتروفيتش، أسقف سيبال شرفًا، الأمين العامّ لسينودس الأساقفة (حاضرة الفاتيكان)، قدّم تقريرًا بصفته الأمين العامّ.

 بعد الاستراحة، كانت مداخلة صاحب الغبطة أنطونيوس نجيب، بطريرك الإسكندريّة للأقباط (جمهوريّة مصر العربيّة)، قدّم خلالها التقرير الذي يسبق مناقشة المقرِّر العامّ.

في ختام قراءة التقرير ما قبل المناقشة، أُعطي وقت قصير لمداخلات حرّة.

اختُتِمَت الجمعيّة العامّة الأولى للجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة على الساعة 12,25  بتلاوة الأب الأقدس والحاضرين صلاة "التبشير الملائكيّ".

كان حاضرًا 170 من آباء السينودس.

 ستبدأ الجمعيّة العامّة الثانية، التي خلالها ستنطلق المداخلات في القاعة، بعد ظهر اليوم، 11 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010، على الساعة 16,30.

ننشر في ما يلي النصوص الكاملة للمداخلات التي أُلقيت في القاعة.

ترحيب الرئيس المنتَدَب، نيافة الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقيّة (حاضرة الفاتيكان)

 الأب الأقدس الكلّيّ الطوبى،

نشكر الله مع قداستكم، على الشركة مع خليفة القدّيس بطرس، الذي يجعلنا نشعر بأنّنا كنيسة المسيح، المحبوبة منه إلى الأبد. ومن خلال شعبه المقدّس، يحبّ البشريّة، ويريد أن يقدّم نفسه، اليوم أيضًا، سيّدًا للتاريخ. ونشكره تعالى اليوم على هذا التعبير عن المجمعيّة الأسقفيّة الأخويّة، لصالح الكنيسة في الشرق الأوسط .

وبالاتحاد معكم، أيّها الأب الأقدس، نوّد أن نثق برحمة الله، وأن نطلب من الربّ أن يأتي في الشرق والغرب، ملكوته، ملكوت الحقّ والمحبّة والعدالة .

لا شيئ يفصلنا عن محبّة المسيح (رو 8: 35)، هو ما نتأكّد منه هذه الأيّام، بينما نعيش دائمًا الإصغاء إلى "ما يقوله الروح للكنائس" (رؤ 2: 11) وإلى ما تكله قداستكم إلى المسيحيّين في الشرق الأوسط.

واليوم، وهنا في روما، نحمل الشرق في قلوبنا: كنوز تقاليده الروحيّة، المجد والاستحقاق، كما نحمل اتعاب ماضيه، وآلام وتوقّعات الحاضر والمستقبل. إنّ رباطًا ثمينًا يجمع كلّ عصور كنائس الشرق: هو الاستشهاد المسيحيّ. ويظهر ذلك أيضًا لأيّامنا هذه أمانةً للإنجيل، كتبت صفحات لا تمّحى من الاخوّة المسكونيّة. ولئن تمّ تسجيل بعض التحسّن، في الوضع، فانّه، في بعض الظروف، لا يزال الكاثوليك مع أخوتهم المسيحيّين يعانون من عداوات واضطهادات وانتقاصٍٍ من احترام الحقّ الأساسيّ في الحرّيّة الدينيّة. وإن الارهاب وغيره من أشكال العنف لا تستثني حتّى أخوتنا اليهود والمسلمين. إنّ أحداثًا تنال من الكرامة الإنسانيّة تتكاثر وتسقط العديد من الضحايا البريئة.

وهذه الخسائر في الارواح والممتلكات، وفقدان التطلعات المعقولة، تنشىء واقع الهجرة، المرّة والمستمرّة بكلّ أسف، وإن كان فيها بعض النواحي الإيجابيّة. وغالبًا ما يبرز القلق من جديد ليطرح السؤال الحاسم إذا ما كان هناك أيّام سلام حقيقيّ وبحبوحة في الشرق الأوسط أو إذا ما كان معرضًا للخطر بقاء "شعب الله المقدّس".

لكن هذا الشعب، أيّها الأب الأقدس، لم يفقد الأمل قطّ، بل ينفحه في كنائس الشرق لأنّها تعيش السرّ الذي دعا إليه حزقيال النبيّ عن "مجد الربّ"، "الذي يدخل إلى البيت من الباب المتجّه نحو الشرق" (حز 43: 3).

ويستجيب الشرق بالثبات في الشركة والشهادة، كما بالارادة الثابتة في التقدمة والقبول لرجاء الصليب.

إلى العليّة السينودسيّة، و"تحت مظلّة بطرس"، يريد ابناء الكنائس الشرقيّة وبناتها، الدخول مع رعاتهم: يريدون أن يكوّنوا "قلبا واحدا ونفسًا واحدة" (أع 4: 32)، وأن يتبنّوا صلاة المسيح الكهنوتيّة "ليكونوا واحدا" (يو 17: 21). وأمام قداستكم، يؤكّد الشرق رسالته ، في أن يتعاون لوحدة جميع المسيحيّين وبخاصّة الشرقَيين، كما حملت وصية المجمع الفاتيكانيّ الثانيّ (راجع قرار في وحدة الكنيسة، 24).

اليوم، الحادي عشر من تشرين الأوّل، تحتفل الكنيسة بالذكرى الليتورجيّة للطوباويّ البابا يوحنّا الثالث والعشرين. وإلى هذا البابا العزيز، و"المحبّ الأمين للشرق"، نكل صلاتنا من أجل أعمال السينودس.

كما نرى ذات المحبّة فيكم، يا صاحب القداسة، ويسعدني أن أعبّر لشخصكم الكريم ولتعليمكم السامي، الأمانة والولاء الكامل من رعاة ومؤمني الشرق الأوسط، بينما أعبّر باسم الرؤساء المندوبين، والمقرّر العامّ، والأمينَيْن العامّ والخاص، وباسم كل المشاركين، عن الإمتنان العميق لكم يا صاحب القداسة.

فلتشفع لنا أم الله القدّيسة، لتأتي هذه المبادرة من لدن العناية الإلهيّة بثمار غزيرة، لخير الكنيسة في الشرق، ومن أجل تفاؤل بسلام للشرق الأوسط والعالم.

شكرًا ، يا صاحب القداسة.

[00012-08.05] [NNNNN] [Testo originale: Italiano]


تقرير الأمين العامّ لسينودس الأساقفة، سيادة المطران نيكولا إتروفيتش، (حاضرة الفاتيكان)

أيّها الأب الأقدس،

أيّها الآباء الأجلاّء،

إخوتي وأخواتي الأعزاء،

"إنطلق من أرضك وعشيرتك وبيت أبيك إلى الأرض التي أُريك. وأنا أجعلك أُمّة كبيرة، وأباركك، وأُعظّم اسمك، وتكون بركة" (تك 12: 1-2). سمع أبرام، الذي وُلِدَ في أُور الكلدانيّين، هذه الكلمات التي وَجّهها له الله في حاران، فاجتازَ المنطقة، وأقامَ بالقرب من بلّوطة ممرا (راجع تك 12: 6). ثمّ خيّمَ في ما بعد في النقب (راجع تك 12: 9)، ونزل إلى مصر (راجع تك 12: 10-20) من حيث صعد إلى النقب، وبعد ذلك إلى بيت إيل (راجع تك 13: 1-2)، وفي ما بعد إلى أرض كنعان (راجع تك 13: 12)، واستقرّ عند بلُّوطة ممرا في حبرون (راجع تك 13: 18). لقد أقامَ الله عهدًا مع عبده أبرام، الذي أصبح اسمه إبراهيم، لأنّه أُعطيَ مَهمّة خاصّة: "ها أنا أجعلُ عهدي معك، وتكون أبَا عدد كبير من الأمم. لا يكون اسمُك أبرام بعدُ، بل يكونُ اسمُك إبراهيم، لأنّي جعلتُكَ أبَا عدد كبير من الأمم" (تك 17: 4-5). ولأنّ الله كان يعرف إيمان إبراهيم وبِرَّه (راجع تك 15: 6)، أعطاه وعدًا مثلَّثًا: ولدًا، وشعبًا عظيمًا، وأرضًا. إنّ قَسَمَ إله إسرائيل لن يفشل، كما يؤكّد القدّيس بولس (روم 9: 1-11: 36).

"أنا هو من هو!" (خر 3: 14) ، هي كلمات مقدّسة وجّهها الربُّ إله إبراهيم وإسحق ويعقوب، الذي ظهر على جبل حوريب في لهيب النار، من علّيقة كانت تلتهب ولا تحترق، إلى موسى، كاشفًا له اسمه المقدّس، ومسندًا إليه مهمّة تحرير شعبه من عبوديّة مصر: "لقد رأيتُ بؤسَ شعبي في مصر وسمعت صراخهم بسبب مسخّريه: أنا أعرف معاناتهم [...]. لذا، إذهب! أنا أرسلك إلى فرعون. أخرِجْ شعبي، بني إسرائيل من مصر" (خر 3: 7، 10). وإذ كان موسى قويًّا بدعم إله الآباء له، ولأنّه تغلّب على صعوبات كثيرة، قاد الشعبَ اليهوديَّ عبر البحر الأحمر والصحراء إلى أرض الميعاد، التي استطاع فقط أن يراها من "جبل نبو الذي في أرض موآب، مقابل أريحا "(تثنية 32: 49)، حيث توفي ودفن "أمام بيت فغور" (تثنية 34: 6). على يد موسى صديقه (راجع خر 33: 11)، أقام الله العهدَ مع الشعب المختار على جبل سيناء؛ فإذا سمع الشعبُ صوتَ الربّ وحفظ شريعته، يكون بالنسبة إليه "مملكةَ كهنة وأمّةً مقدّسة" (خر 19: 6). أوكلَ اللهُ إلى الشعب المختار "الكلمات العشر"، أي الوصايا العشر، التي تشكّل موجبَ العهد وشرطَه (راجع خر 20-24).

"الحقّ الحقّ أقول لكم، قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن" (يو 8: 58). في مناقشة مع العبرانيّين في هيكل أورشليم، ألمح يسوع إلى الاسم الإلهيّ الذي كان قد أُوحِيَ إلى موسى (راجع خر 3: 14)، معلنًا ضمنًا أنّه هو نفسه الله، الذي ولد في بيت لحم كي يخلّص البشر (لوقا 1: 4-14). "تاق إبراهيم إلى رؤية يومي؛ رأى ففرح" (يو 8: 56). لقد اختصَّ يسوعُ المسيح، "ابنُ داود ، ابنُ إبراهيم" (متّى 1: 1)، بذاته أيضًا التعبيرَ "يوم الربّ"، المحفوظَ لله في العهد القديم، مقدّمًا نفسه بالذات على أنّه الموضوع الحقيقيّ للوعد الذي كان لإبراهيم، وللفرح الذي تَمَلَّكَهُ لدى ولادة ابنه إسحاق (راجع تكوين 12: 1-3).

بعد 30 عامًا من الحياة المستترة في الناصرة، كان على يسوع، الذي كان يبشّر في كلّ منطقة الجليل (متّى 4: 23)، مجتازًا "كافّة المدن والقرى" (متّى 9: 35)، أن يشير إلى علاقته أيضًا مع موسى النبيّ العظيم. في مستهلّ حياته العلنيّة، وعند بحيرة طبريّة، دعا التلاميذ الذين كانوا مقتنعين بأنّهم وجدوا "مَن تكلّم عليه موسى في التوراة، والانبياء: يسوع ابن يوسف، من الناصرة" (يو 1: 45). كان لهذا الاختبار تثبيته على جبل طابور، حيث "خاطبه رجلان، هما موسى وإيليّا، اللذان تراءيَا بمجدٍ، وكانَا يحدّثانه عن خروجه، الذي سيتمّه في أورشليم" (لوقا 9: 30-31). في نقاش مع أفراد شعبه العبريّ في هيكل أورشليم، عاد يسوع أيضًا إلى شهادة موسى: "فلو كنتم تؤمنون بموسى، لكنتم بي تؤمنون، لأنّه تكلّم عليّ في ما كتب" (يو 5: 46). يلخّص يوحنّا الإنجيليّ إسهام كلٍّ منهما المختلف في تاريخ الخلاص بالكلمات التالية: "على يد موسى أُعطِيَت التوراة، وعلى يد يسوع المسيح صارت النعمة والحقّ" (يوحنّا 1: 17).

من هذه الإشارات المقتضبة إلى العهد القديم وإلى العهد الجديد، تتّضح جليًّة أهمّيّة جغرافية الشرق الأوسط البيبليّة بالنسبة إلى جميع المسيحيّين، ولا سيّما إلى أولئك الذين يعيشون على الأرض المقدّسة، الأرض التي قدّسها يسوع بولادته في بيت لحم، بهربه إلى مصر، بحياته المستترة في الناصرة، بتبشيره في الجليل والسامرة واليهوديّة، الذي رافقته آيات ومعجزات، وبالأخصّ بآلامه وموته وقيامته في المدينة المقدّسة أورشليم. لا تزال ذكرى تاريخ الخلاص، الذي حصل في الشرق الأوسط، حيّةً في قلوب سكان منطقة كهذه، وبوجه خاصّ المسيحيّين. هم يواصلون شعوب الكتاب المقدّس. بفضلهم لا تزال الأحداث التي وقعت منذ عدّة قرون، حيّةً ليس فقط بفضل قوّة كلمة الله التي هي دائمًا حيّة وفاعلة (راجع عب 4: 12)، بل بفضل الرباط الحيويّ بالأرض التي تباركت بحضور الله الخاصّ الذي كشف ذاته في ملء الزمان (راجع عب 9: 26) في ابنه الوحيد يسوع المسيح. وبما أنّ هناك شعوبَ الكتاب المقدّس، قد يمكن الكلام على أساقفة الكتاب المقدّس، في إشارة إلى الأماكن التي قاموا فيها بنشاطهم الرعويّ. هؤلاء الرعاة هم عديدون في هذه الجمعيّة السينودسيّة، والتي تضمّ كلّ أساقفة مناطق الشرق الأوسط الكنسيّة الـ 101 التي أوجّه إليها تحيّة خاصّة جدًّا. إليهم يجب إضافة 23 أسقفًا من الشتات، الذين، بفضل عنايتهم الرعويّة، يرافقون المؤمنين المهاجرين من الشرق الأوسط في أنحاء مختلفة من العالم.

جميع الاساقفة هم، بطريقة ما، أساقفة الكتاب المقدّس. إلى جانب أساقفة الجغرافيا البيبليّة، هناك أيضا أساقفة الشركة البيبليّة. يدلّ حضور ممثّلي القارّات الخمس كلّها بشكل واضح على اهتمام مسيحيّي العالم بأسره بالكنيسة الكاثوليكيّة، التي تحجّ في الشرق الأوسط. يضاف إليهم 19 أسقفًا من البلدان المجاورة، أو خاصّة من الملتزمين في إعانة إخوتهم وأخواتهم روحيًّا ومادّيًّا في الأراضي المقدسة.

وبالجملة، يشارك في هذه الجمعيّة الخاصّة للشرق الأوسط 185 أبٌ مجمعيٌّ، منهم 159 يشاركون بحكم المنصب، و17 عيّنهم البابا. بينهم 9 بطاركة، 19 كاردينالاً، 65 رئيس أساقفة، 10 رؤساء أساقفة فخريّين، 53 أسقفًا، 15 أسقفًا معاونًا، 87 راهبًا، 4 منهم منتَخبون من قبل اتّحاد الرؤساء العامّين. أمّا بالنسبة إلى الوظائف المؤداة، فهناك 9 رؤساء مجالس أسقفيّة للكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة ذات الحقّ الخاصّ، 5 رؤساء اتّحادات دوليّة للمجالس الأسقفيّة، 6 رؤساء مجالس أسقفيّة، 14 رئيس دائرة في الكوريا الرومانيّة، مطران مساعد واحد، 4 أساقفة متقاعدون، منهم كردينالان، وبطريرك اللاتين المتقاعد في القدس والنائب البطريركيّ.

إنّ الأرض المقدّسة عزيزة على جميع المسيحيّين. يشرّفني أن أحيّي بصفة خاصّة المندوبين الإخوة من 13 كنيسة وجماعة كنسيّة.

الشرق الأوسط هو أيضا موطن إخوتنا وأخواتنا العبرانيّين والمسلمين، لأنّه يمثّل المكان الذي وُلِدَت فيه أيضًا هاتان الدياناتان التوحيديّتان. لذلك يسرّني أن أعلن أنّه، خلال الأعمال سيكون لنا فرح الاستماع إلى كلمات رابّي، وممثّلَين موقَّرَين للإسلام السنّيّ والشيعيّ.

وأودّ أيضًا أن أحيّي 36 خبيرًا و34 مستمعًا، قبلوا بطيبة خاطر تعيينهم، وجاؤوا لإغناء التفكير السينودسيّ بشهادتهم وبالاختبارات الرعويّة الغنيّة، التي نضجت بشكل رئيسيّ في الشرق الأوسط. وهناك أيضًا بعض ممثّليّ منظّمات تساعد بطريقة ملموسة كنائس المنطقة.

وأنا ممتنّ جدًّا للمساعدين، وللمترجمين، والتقنيّين، كما أيضًا لمعاونيّ الأمانة العامّة لسينودس الأساقفة على معاونتهم القيّمة، مدركًا أنّه، من دون إسهامم النوعيّ والسخيّ، لما كان ممكنًا تنظيم هذه الجمعيّة السينودسيّة.

 يتألّف هذا التقرير من ستّة أجزاء:

1) افتتاح مثاليّ للجمعيّة الخاصّة في قبرص

2) بعض البيانات الإحصائيّة

3) دعوة الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط

4) إعداد الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط

5) ملاحظات ذات طابع منهجيّ

6) خاتمة  

 أولاً-  افتتاح مثاليّ للجمعيّة الخاصّة في قبرص

أيّها الأب الأقدس ،

نيابة عن آباء السينودس وجميع المشاركين في الجمعية المجمعيّة، يشرّفني أن أكرّر التحيّة القلبيّة الخالصة، التي سبق وعبّر عنها نيافة الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقيّة، على دعوتكم هذه الجمعيّة السينودسيّة، وعلى افتتاحها بشكل رائع في نيقوسيا، قبرص، حيث قمتم بزيارة رسوليّة من 4 إلى 7 حزيران/يونيو 2010.

لم يكن مخطَّطًا في وقت مبكّر لجمعيّة خاصّة من أجل الشرق الأوسط. وأنتم، يا صاحب القداسة، قد تلقّيتم باستعداد مثاليّ اقتراح أساقفة عديدين من المنطقة الشرق أوسطيّة بدعوتهم إلى روما للاستماع إلى أفراح مسيحيّي الشرق الأوسط وذويّ الإرادات الحسنة وآلامهم، وآمالهم وهمومهم، تلك الأرض الهامّة جدًّا بالنسبة إلى الكنيسة كلّها، لا بل إلى العالم بأسره. هكذا، بالنسبة إليكم، يا صاحب القداسة، ستكون هذه الجمعيّة السينودسيّة الرابعةَ في خمس سنوات من حبريّتكم. في إحدى المرّات، قال خادمُ الله المكرَّم البابا يوحنّا بولس الثاني إنّه، ونظرًا لعدد السينودوسات التي ترأّسها، قد يُذكَر يومًا على أنّه بابا السينودوس، "البابا السينودسيّ" [1]. ويبدو أنّ قداستكم تسيرون على طريق مماثل في عناية أسقف روما الخاصّة، وفي شركة مع الإخوة في الأسقفيّة، وفي خدمة المؤمنين الموكلين إلى عنايتهم الرعويّة.

خلال حبريّتكم، ذهبتم، يا قداسة البابا، ثلاث مرّات إلى الشرق الأوسط. أوّل زيارة رسوليّة، من 28 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 1 كانون الأوّل/ديسمبر 2006، كانت إلى تركيا. يبقى حيًّا في الذاكرة حجُّكم من 8 إلى 15 أيّار/مايو 2009 إلى الأردنّ وإسرائيل وفلسطين. ذروة الزيارة التي ذُكِرَت أعلاه إلى قبرص، كانت تسليم أداة العمل إلى ممثّليّ أسقفيّات الشرق الأوسط الكاثوليكيّة، ممثَّلة وعن حقّ بالبطاركة السبعة، ورئيس مجلس الأساقفة في إيران. للأسف، لم يستطع أن يحضر ذاك الموعد رئيس الأساقفة لوديجي بادوفيزي، النائب الرسوليّ في الأناضول، ورئيس رئيس مجلس الأساقفة في تركيا، الذي قُتِل بوحشيّة عشيّة الزيارة الرسوليّة. في مناسبة تسليم أداة العمل، كانت لقداستكم كلمات رقيقة فيه، وشكرٌ أيضًا على المساهمة الكبيرة في تحرير وثائق الإعداد للجمعيّة السينودسيّة، أي الخطوط العريضة وأداة العمل. فلنوجِّه إلى الربّ الصلاة كي يلقى خادمه الأمين في ملكوته، ملكوت النور والسلام والفرح الأبديّ، كي يستطيع أن يتشفّع من السماء لأجل نجاح هذه الجمعيّة السينودسيّة. فلتفتح تضحيتُه مساراتٍ جديدةً من المعرفة المتبادلة، والتعاون في مجال الحرّيّة الدينيّة الحقيقيّة في كلّ بلدان الشرق الأوسط والعالم. وفي الوقت نفسه، فلنصلِّ من أجل توبة مَن كانوا ضالعين في موته المأساويّ.

بمناسبة تسليم أداة العمل، ذكّرتُم قداستُكم بشعار الجمعية السينودسيّة: "وكانت جماعة المؤمنين قلبًا واحدًا ونفسًا واحدًا" (أعمال 4: 32)، وشدّدتم على حاليّة الشركة والشهادة بالنسبة إلى الحياة المسيحيّة. ثمّ أشرتم إلى أنّ الغرض من هذه الجمعيّة هو في نقطتين : (1) "تعميق أواصر الشركة بين أعضاء كنائسكم المحلّيّة، كما أيضًا شركة هذه الكنائس نفسها في ما بينها ومع الكنيسة الجامعة"، (2) و"تشجيعكم في شهادة إيمانكم في المسيح، التي تقدّمونها في البلدان التي ولد فيها هذا الإيمان ونما" [2]. بالإضافة إلى هذه الأهداف الرئيسيّة، هناك أيضًا أسباب أخرى دفعت إلى دعوة الجمعيّة الخاصّة للشرق الأوسط، التي تمثّل فرصة ملائمة "لمسيحيّي باقي العالم لكي يقدّموا دعمًا روحيًّا وتضامنًا إلى إخوتهم وأخواتهم في الشرق الأوسط" [3]، وخصوصًا أولئك الذين يعانون مِحَنًا كبيرة بسبب الوضع الحاليّ الصعب في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، تسمح الجمعيّة الخاصّة بـ"التركيز على القيمة الهامّة للحضور والشهادة المسيحيَّين في بلدان الكتاب المقدّس، ليس فقط بالنسبة إلى الجماعة المسيحيّة على مستوى عالميّ، ولكن أيضًا بالنسبة إلى جيرانكم ومواطنيكم". إنّ المسيحيّين الذين يعيشون منذ ما يقارب 2000 سنة في الشرق الأوسط، يرغبون في أن يعيشوا في سلام وانسجام مع جيرانهم العبرانيّين والمسلمين.

يستحقّ المسيحيّون الاعتراف بالدور الذي لا يُقَدَّر بثمن والذي غالبًا ما يقومون به "كصانعيّ السلام في العمليّة الصعبة للمصالحة" [4]. لذلك، ينبغي دائمًا أن تكون حقوقهم كلّها محترمة، بما في ذلك حقّهم بحرّيّة العبادة والحرّيّة الدينيّة.

 ثانيًا- بعض البيانات الإحصائيّة

 فلنشكر سويًّا اللهَ الصالح والرحوم على العطايا الوفيرة التي تلقّتها الكنيسةُ في الشرق الأوسط طوال ألفَي عام تقريبًا من وجودها. لقد أدّى تلاميذُ الربّ يسوع، وغالبًا في ظروف معاكسة، وحتّى الاستشهاد ، شهادةَ إيمانٍ حيّ، ورجاءٍ حارّ، ومحبّةٍ نَشِطَة. بفضل مساعدة الروح القدس، يقدّم حضورُ المسيحيّين المتواصلُ في الأرض المقدّسة سببًا وجيهًا للأمل لحاضرهم ولمستقبلهم أيضًا في منطقة هامّة كهذه. إنّ الأرض المقدّسة هي مسقطُ رأسِهم وموطنُهم، الذي، من أجل بنائه، ترغب الدول الديمقراطيّة والمزدهرة في تقديم مساهمةٍ قيّمةٍ وفريدة من نوعها، وهي على استعداد للتعاون مع جميع الناس ذوي الإرادة الحسنة، وخاصّة مع مؤمنيّ اليهوديّة والإسلام.

وفي هذا الصدد ، يبدو من المفيد تقديم بعض المعطيات الإحصائيّة حول الشرق الأوسط. في إعداد وثائق الجمعيّة السينودسيّة، وخصوصًا في الخطوط العريضة وأداة العمل، يُقصَد بالتسمية "الشرق الأوسط"، بالإضافة إلى أورشليم/القدس والأراضي الفلسطينيّة، البلدان الـ16 التالية: المملكة العربيّة السعوديّة، البحرين، قبرص، مصر، الإمارات العربيّة المتّحدة، الأردن، إسرائيل، إيران، العراق، الكويت، لبنان، عُمان، قطر، سوريا، تركيا، واليمن.

يتعلّق الأمر بمنطقة شاسعة تمتدّ على مدى 7.180.912 كيلومترًا مربّعًا. نعلم من الخريطة المرفقة أنّه، في الشرق الأوسط، يعيش 356.174.000 شخصًا، من بينهم 5.707.000 كاثوليكيّ، يمثّلون 1,60٪ من السكّان. هذه المعطيات هي مأخوذة من دليل الكنيسة الإحصائيّ 2008 (Annuarium Statisticum Ecclesiae 2008) في طبعته الأخيرة للعام 2010. ولكن لم يكن من السهل الحصول على معطيات موثوقة عن عدد المسيحيّين في الشرق الأوسط. في الخريطة المعروضة هنا، يبلغ عددهم التقريبيّ 20.101.866 شخصًا، أي 5.90 ٪ من السكّان. وعلى الرغم من أنّ المعطيات هي تقريبيّة، فإنّها تعطي فكرة عن حضور الأقلّيّة المسيحيّة في المنطقة ذات الغالبيةّ المسلمة، ما عدا إسرائيل، حيث قد يبلغ عدد اليهود 75،6 ٪، والمسلمين 16،7 ٪، والمسيحيّين 2،1 ٪، والدروز 1،6 ٪، وآخَرين 4 ٪. [5]

 

الوجود الكاثوليكي في بلدان الشرق الأوسط

 

¼

المرجع: دليل الكنيسة الإحصائي

 

 

 

 

 

 

 

1980

 

 

 

 

الكاثوليك

البلدان

المساحة
كلم²

 

السكان

 

%

 

 

 

 

 

 

قبرص

9.251

 

630.000

8.000

1,27

مصر

1.001.449

 

41.990.000

158.000

0,38

الأردن

89.324

 

3.190.000

76.000

2,38

إيران

1.648.195

 

37.450.000

19.000

0,05

العراق

438.317

 

13.080.000

378.000

2,89

إسرائيل

20.770

 

3.870.000

147.000

3,80

لبنان

10.400

 

3.160.000

1.215.000

38,45

سوريا

185.180

 

8.980.000

227.000

2,53

تركيا

774.815

 

44.920.000

17.000

0,04

المجموع

4.177.701

 

157.270.000

2.245.000

1,43

 

 

 

 

 

 

المملكة العربيّة السعوديّة

2.149.690

 

8.370.000

135.000

1,61

البحرين

678

 

350.000

6.000

1,71

الإمارات العربيّة المتحدة

83.600

 

800.000

25.000

3,13

الكويت

17.818

 

1.360.000

49.000

3,60

عُمان

212.457

 

890.000

4.000

0,45

قطر

11.000

 

220.000

5.000

2,27

اليمن

527.968

 

7.900.000

2.500

0,03

المجموع

3.003.211

 

19.890.000

226.500

1,14

 

 

 

 

 

 

المجموع العامّ

7.180.912

 

177.160.000

2.471.500

1,40

 

 

الوجود الكاثوليكي في بلدان الشرق الأوسط

 

2/4

المرجع: دليل الكنيسة الإحصائي

 

 

 

 

 

 

 

1997

 

 

 

 

الكاثوليك

البلدان

المساحة
كلم²

 

السكان

 

%

 

 

 

 

 

 

قبرص

9.251

 

770.000

17.000

2,21

مصر

1.001.449

 

62.010.000

218.000

0,35

الأردن

89.324

 

5.770.000

71.000

1,23

إيران

1.648.195

 

60.690.000

12.000

0,02

العراق

438.317

 

21.180.000

275.000

1,30

إسرائيل

20.770

 

5.830.000

106.000

1,82

لبنان

10.400

 

3.140.000

1.967.000

62,64

سوريا

185.180

 

14.950.000

309.000

2,07

تركيا

774.815

 

63.750.000

32.000

0,05

المجموع

4.177.701

 

238.090.000

3.007.000

1,26

 

 

 

 

 

 

المملكة العربيّة السعوديّة

2.149.690

 

19.490.000

641.000

3,29

البحرين

678

 

620.000

30.000

4,84

الإمارات العربيّة المتحدة

83.600

 

2.580.000

155.000

6,01

الكويت

17.818

 

1.810.000

156.000

8,62

عُمان

212.457

 

2.400.000

52.000

2,17

قطر

11.000

 

570.000

60.000

10,53

اليمن

527.968

 

16.480.000

3.000

0,02

المجموع

3.003.211

 

43.950.000

1.097.000

2,50

 

 

 

 

 

 

المجموع العامّ

7.180.912

 

282.040.000

4.104.000

1,46

 

الوجود الكاثوليكي في بلدان الشرق الأوسط

 

3/4

المرجع: دليل الكنيسة الإحصائي

 

 

 

 

 

 

 

2006

 

 

 

 

الكاثوليك

البلدان

المساحة
كلم²

 

السكان

 

%

 

 

 

 

 

 

قبرص

9.251

 

791.000

17.000

2,15

مصر

1.001.449

 

75.510.000

197.000

0,26

الأردن

89.324

 

5.600.000

79.000

1,41

إيران

1.648.195

 

70.600.000

17.000

0,02

العراق

438.317

 

28.810.000

304.000

1,06

إسرائيل

20.770

 

7.050.000

128.000

1,82

لبنان

10.400

 

3.817.000

1.836.000

48,10

سوريا

185.180

 

18.870.000

401.000

2,13

تركيا

774.815

 

72.970.000

32.000

0,04

المجموع

4.177.701

 

284.018.000

3.011.000

1,06

 

 

 

 

 

 

المملكة العربيّة السعوديّة

2.149.690

 

23.680.000

900.000

3,80

البحرين

678

 

757.000

41.000

5,42

الإمارات العربيّة المتحدة

83.600

 

4.006.000

459.000

11,46

الكويت

17.818

 

2.532.000

300.000

11,85

عُمان

212.457

 

2.580.000

72.000

2,79

قطر

11.000

 

679.000

64.000

9,43

اليمن

527.968

 

22.282.000

6.000

0,03

المجموع

3.003.211

 

56.516.000

1.842.000

3,26

 

 

 

 

 

 

المجموع العامّ

7.180.912

 

340.534.000

4.853.000

1,43

 

 

الوجود الكاثوليكي في بلدان الشرق الأوسط

 

4/4

المرجع: دليل الكنيسة الإحصائي

 

 

 

 

 

 

 

2008

 

 

 

 

الكاثوليك

البلدان

المساحة
كلم²

 

السكان

 

%

 

 

 

 

 

 

قبرص

9.251

 

794.000

25.000

3,15

مصر

1.001.449

 

79.100.000

196.000

0,25

الأردن

89.324

 

5.850.000

109.000

1,86

إيران

1.648.195

 

72.580.000

19.000

0,03

العراق

438.317

 

32.150.000

301.000

0,94

إسرائيل

20.770

 

7.300.000

133.000

1,82

لبنان

10.400

 

3.921.000

2.030.000

51,77

سوريا

185.180

 

19.640.000

428.000

2,18

تركيا

774.815

 

74.840.000

37.000

0,05

المجموع

4.177.701

 

296.175.000

3.278.000

1,11

 

 

 

 

 

 

المملكة العربيّة السعوديّة

2.149.690

 

24.810.000

1.250.000

5,04

البحرين

678

 

1.201.000

65.000

5,41

الإمارات العربيّة المتحدة

83.600

 

4.770.000

580.000

12,16

الكويت

17.818

 

2.682.000

300.000

11,19

عُمان

212.457

 

2.795.000

120.000

4,29

قطر

11.000

 

1.541.000

110.000

7,14

اليمن

527.968

 

22.200.000

4.000

0,02

المجموع

3.003.211

 

59.999.000

2.429.000

4,05

 

 

 

 

 

 

المجموع العامّ

7.180.912

 

356.174.000

5.707.000

1,60

 في خريطة الشرق الأوسط هناك منطقتان: أولى، حيث المسيحيّون هم تقليديًّا موجودون، والتي، للأسف، تظهر بالإجمال انخفاضًا حادًّا، حتّى بالمقارنة مع معطيات سنة 1980، وذلك ليس كثيرًا في عدد الكاثوليك بقدر ما هو في نسبتهم المئويّة كلٌّ في بلده. لم يتبع عددُ الكاثوليك النموَّ الديموغرافيّ للسكّان. المجموعة الثانية تمثّل البلدان التي زاد فيها الوجود المسيحيّ في العقود الأخيرة، بفضل كثيرٍ من المؤمنين الذين يبحثون عن عمل وظروف معيشيّة أفضل، فيسكنون هناك لفترة معيّنة من الزمن. إنّ الاتجاه في هذه البلدان هو عكس ذلك، والحمد لله، بالنظر إلى أنّ الكاثوليك على ازدياد، إنْ من حيث العدد، وإنْ من حيث النسبة المئويّة. إنّها واحدة من علامات الأزمنة التي على الكنيسة جملةً وعلى الرعاة في الشرق الأوسط أن يقيّموها بشكل ملائم، شاكرين الله الذي يمكنه أن يكتب تاريخَ الخلاص في العالم بطرق وفي أوقات غير متوقّعة.

في الكلمة التي ألقاها قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر في نيقوسيا، لدى تسليمه أداة العمل، أبرز إسهام المسيحيّين الكبير في التنمية المتكاملة للبلدان التي يعيشون فيها، قائلاً: "أنتم تُسهمون في الصالح العامّ بطرق لا عدَّ لها، على سبيل المثال من خلال التربية، ورعاية المرضى، والمساعدة الاجتماعيّة، وأنتم تعملون لبناء المجتمع". [6]

تبيّن بعضُ البياناتِ المتاحةِ بوضوحٍ تأكيدَ أسقف روما، الذي، أثناء رحلته الرسوليّة إلى الأردن في أيّار/مايو 2009، بارك حجر الأساس لجامعة مأدبا التابعة للبطريركيّة اللاتينيّة في القدس. تدير الكنيسةُ الكاثوليكيّةُ في الشرق الأوسط 686 مدرسة حضانة تضمّ 92.661 تلميذًا، و869 مدرسة ابتدائيّة تضمّ 343.705 تلميذًا، و548 مدرسة متوسّطة تضمّ 183.995 تلميذًا. وهناك أيضًا 13 معهدًا للتعليم العالي، بما في ذلك أربع جامعات. أمّا من حيث عدد التلاميذ، فهناك 2.443 يرتادون المعاهد العالية، 1.654 يتابعون دراسات كنسيّة، و34.506 دراسات جامعيّة أخرى [7]. من المفيد التذكير أنّ هذه المدارس لا يرتادها الكاثوليك فقط أو المسيحيّون، إذ إنّها مفتوحة لأتباع ديانات أخرى، وخاصّة للمسلمين. إنّها طريقة عمليّة وفعّالة تسهم الكنيسةُ بها في تربية الشبّان، أملِ الكنيسة والمجتمع.

الكنيسة الكاثوليكيّة هي أيضًا في الطليعة في رسوليّة المحبّة تجاه المرضى والمسنّين والمعوقين والفقراء. تملك الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط 544 مرفقًا صحّيًّا كاثوليكيًّا: 76 مستشفى ودار رعاية، و113 مرفقًا صحيًّا للمسنّين، 331 عيادة ومستوصفًا، و24 مرفقًا صحيًّا للمعاقين ومراكز لإعادة التأهيل، تديرها مؤسّسات مختلفة من الحياة المكرسة. هذه المؤسّسات هي مفتوحة للمسيحيّين الآخَرين وللمسلمين ولجميع الناس الذين هم في حاجة.

تُدير مؤسّسات كاريتاس الوطنيّة في المنطقة (الشرق الأوسط، والقرن الأفريقيّ، وشمال أفريقيا = MONA) مبادرات عدّة تهدف إلى مساعدة الإخوة الذين هم في العوز الشديد.

وتؤمّنُ مساعَدةً قيّمة للإخوة والأخوات في الشرق الأوسط منظّمةُ فرسان مالطة، ومنظّمةُ فرسان القبر المقدّس في القدس، وعلى الأخصّ مجمعُ الكنائس الشرقيّة الجدير بالثناء، الذي ينسّق مساعَداتِ مختلف المنظّمات، ومن بينها ينبغي ذكر اجتماع لجنة أعمال المساعدة للكنائس الشرقيّة (ROACO).

 ثالثًا- دعوة الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط

لقد أعلن البابا بندكتوس السادس عشر قرار الدعوة إلى انعقاد الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة في 19 أيلول/سبتمبر 2009، خلال لقائه بطاركة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة ذات الحقّ الخاصّ وأساقفتها العامّين الكبار.

أتت فكرة الدعوة إلى جمعيّة سينودسيّة كهذه نتيجةَ ديناميكيّة رعائيّة مزدوجة؛ فمن ناحية أولى، طلب عدّة أساقفة وبحرارة، خصوصًا من مناطق الشرق الأوسط التي هي أكثر امتحانًا، كالعراق مثلاً، من الأب الأقدس أن يجمع أساقفة المنطقة من أجل الاستماع مباشرة إلى معلومات حول الوضع المأساويّ في الغالب، والذي يعيش فيه المؤمنون الموكََلين إلى عنايتهم الرعائيّة، وذلك من أجل تَبَيُّنِ طرقِ تحسين هذا الوضع بنعمة الروح القدس وفي الشراكة الأسقفيّة، بدءًا من الشراكة داخل الكنائس وفي ما بينها. لقد عبّر أيضًا عن رغبة الرعاة، وسط هذه المحن الشديدة، بعض كرادلة وأساقفة الكوريا الرومانيّة الذين هم تواصل شخصيّ ومؤسّساتيّ متكرّر مع رعاة الأراضيّ المقدّسة ومسيحيّيها.

من ناحية أخرى، خلال رحلاته الرسوليّة إلى تركيا، ومن بعدها إلى الأردن وإسرائيل وفلسطين، رأى الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر بأمّ العين ولمس لمس اليد أفراح كنائس محليّة عديدة وآلامها؛ لذا تلقّى رغبتهم في ألاّ يشعروا أنّهم لوحدهم، وفي توطيد روابط الشراكة مع الكنيسة الشاملة من خلال أسقف روما الذي يرأسها بالمحبّة. إضافة إلى ذلك، تمّ إعلان الدعوة إلى جمعيّة السينودس في شركة عميقة للبابا مع رؤساء الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة ذات الحقّ الخاصّ لدى استقبالهم في المقرّ البابويّ في كاستل غاندولفو. إنّ لفتة معبِّرة كهذه، التي هي لقاء ومحبّة أخويّة، دفعتْ إليها أيضًا رغبةُ قداستكم في "سماع صوت الكنائس التي تخدمونها بتفان رائع، وفي توطيد روابط الشراكة التي تربطها بالكرسيّ الرسوليّ" [8]. إضافة إلى ذلك، عبّر الأب الأقدس عن رغبته في "تعزيز العمل السينودسيّ العزيز جدًّا على اللاهوت الكنسيّ الشرقيّ، والتي رحّب بها مقدِّرًا إيّاها المجمعُ الفاتيكانيّ الثاني"[9]. وإذ استرجع قداستُه بعد ذلك ذكرَ نداءِ السلام الذي سلّمه إليه البطاركة خلال جمعيّة السينودس حول كلام الله، وجّه أفكاره بشكل خاصّ إلى مناطق الشرق الأوسط الممتحَنة. في هذا السياق سلّم إعلان الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، عاهدًا نتائجه إلى شفاعة أمومة الكلّيّة القداسة، التي تُكرَّم إلى حدٍّ كبير في الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة، كما أيضًا عند إخوتنا وأخواتنا من الكنائس المسيحيّة الأخرى.

رابعًا - إعداد الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط

في المقابلة التي منحت لي في حزيران/يونيو 2009، أعرب قداسة البابا أيضًا في هذا الموضوع عن اقتراحه بعقد الجمعيّة الخاصّة لمنطقة الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة. ولدراسة هذه المسألة بشكل صحيح، رتّب اجتماعًا لدراسة الموضوع في الأمانة العامّة في 8 تموز/يوليو 2009. شارك في هذا الاجتماع مسؤولو الدوائر الكوريا الرومانيّة الأربعة الذين هم على التواصل الأكثر تواترًا مع الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط، وهم: رؤساء مجمعَي الكنائس الشرقيّة، وتبشير الشعوب، ورؤساء المجلس الحبريّ لتعزيز وحدة المسيحيّين، والمجلس الحبريّ للحوار بين الأديان. شارك في الاجتماع أيضًا ممثل من قسم العلاقات مع الدول التابع للأمانة العامّة لدولة الفاتيكان. وبعد تبادل المعلومات عن الوضعَين الكنسيّ والاجتماعيّ في المنطقة، تمّت دراسة المقترحات لعقد الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط، والمواضيع التي يمكن طرحها في جمعيّة السينودس، وعدد المشاركين فيها، كما أيضًا تاريخ عقدها. وتمّ التشديد على الحاجة إلى إنشاء مجلس ما قبل السينودس من أجل منطقة الشرق الأوسط لإعداد وثائقه الخاصّة.

في المقابلة التي مُنِحَت لي في 7 أيلول/سبتمبر، قدّمتُ للأب الأقدس، بنديكتوس السادس عشر، نتائج اجتماعات الدراسات المذكورة. بعد تفكير عميق، بلّغ قداستُه قرارَه بدعوة جمعيّة خاصّة من أجل الشرق الأوسط من 10 إلى 24 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010 حول موضوع: "الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط: شركة وشهادة". "وكان جماعة المؤمنين قلبًا واحدًا وروحًا واحدة" (أع 4: 32). وكما قلنا سابقًا، لقد أعلن الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر بذاته عن هذا الحدث في 19 أيلول/سبتمبر 2009. من ناحية أخرى، أراد قداسته أن ينتمي إلى مجلس الأمانة العامّة لما قبل السينودس من أجل الشرق الأوسط البطاركة السبعة بأجمعهم، أي البطاركة الستّة لكنائس الشرق الأوسط ذات الحقّ الخاصّ، وبطريرك أورشليم للاتين، إضافة إلى رئيسَي مجلسَي أساقفة تركيا وإيران.

ونظرًا لضيق الوقت نسبيًّا من أجل الإعداد للجمعيّة السينودسيّة، خطّطت الأمانة العامّة لعقد الاجتماع الأوّل لمجلس ما قبل السينودس من أجل الشرق الأوسط يومَي 21 و22 أيلول/سبتمبر 2009، عقب لقاء البابا بالبطاركة ورؤساء الأساقفة الكبار.

لقد كان هدف هذا الاجتماع إعداد نصّ الخطوط العريضة، وثيقة التفكير حول جمعيّة السينودس. وبعد تبادل مكثّف لوجهات النظر حول وضع الشرق الأوسط المعقّد، وضع أعضاء المجلس تصميم نصّ الخطوط العريضة مع دلائل محدّدة حول مضمونه.

في الاجتماع الذي تمّ في 24 و25 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، تفحّص أعضاء مجلس ما قبل السينودس مسودّة الوثيقة؛ وبما أنّهم يتمتّعون بخبرة رعائيّة واسعة في بلدان الشرق الأوسط، قدّموا تعديلات عديدة أُدخِلَت لاحقًا إلى النصّ. أُرسِل هذا الأخير عبر البريد الإلكترونيّ إلى أعضاء المجلس الخاصّ للشرق الأوسط، من أجل موافقة أخيرة، راجين أن ترسل الملاحظات النهائيّة قبل نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر. بعد أن راجعت الأمانة العامّة لسينودس الأساقفة الملاحظات الواردة إليها، أصدرت نصّ الوثيقة النهائيّ الذي تُرجِم إلى أربع لغات: العربيّة، الفرنسيّة، الإيطاليّة، والإنجليزيّة.

تمّ تسليم نصّ الخطوط العريضة، المؤرّخ في 8 كانون الأوّل/ديسمبر 2009، في المكتب الصحافي للكرسيّ الرسوليّ في 19 كانون الثاني/يناير 2010 على يد صاحب السيادة رئيس الأساقفة، نيكولا إيتيروفيتش، أمين السرّ العامّ لسينودس الأساقفة، وصاحب السيادة فورتوناتو فريتزا. لقد وُزِّعَت الوثيقة بشكل واسع، كما تمّ نشرها عبر موقع الفاتيكان على شبكة الإنترنت في صفحات أمانة السرّ العامّة لسينودس الأساقفة.

الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة ذات الحقّ الخاصّ، المجامع الأسقفيّة، دوائر الكوريا الرومانيّة، إتّحاد الرؤساء العامّين، كما أجهزة أخرى معنيّة بالأمر، جميعهم أُعطُوا الوقت لغاية عيد فصح 2010 -الذي صادف بتدبير العناية الإلهيّة أن احتفل به جميع المسيحيّين حسب كافّة تقاليدهم بالتاريخ عينه في 4 نيسان/أبريل-، حتّى يرسلوا إلى الأمانة العامّة لسينودس الأساقفة الإجابات على أسئلة الخطوط العريضة. كان على هذه الإجابات أن تخدم في صياغة أداة العمل، أي وثيقة عمل الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة.

 أداة العمل

على الرغم من الوقت القصير الذي تمّت فيه دراسة الخطوط العريضة، كانت النسبة المئويّة للإجابات جدّ مرْضيّة. وقسّمت إلى عدّة أنواع، بحسب المؤسّسات التي تقيم معها الأمانة العامّة لسينودس الأساقفة علاقات رسميّة.

 المؤسّسات:                                                              الإجابات:     

الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة ذات الحقّ الخاصّ: 6                          6 (100 ٪)

بطريركيّة أورشليم للاتين:             1                          1 (100 ٪)

مجامع الأساقفة:                         3                          3 (100 ٪)

دوائر الكوريا الرومانيّة:                26 [10]                 14 (56 ٪)

إتحاد الرؤساء العامّين:                  1                          1 (100 ٪)

وصلت أيضًا إلى الأمانة العامّة لسينودس الأساقفة مساهمة معاهد التعليم العاليّ وبعض الجامعات، كما أيضًا مساهمة الجمعيّات الدينيّة والمؤمنين، وكذلك من أشخاص علمانيّين يحملون في قلوبهم همّ حاضر الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط ومستقبلها.

اجتمع مجلس ما قبل السينودس من أجل الشرق الأوسط يومي 23 و24 نيسان/أبريل 2010 للتدقيق في الإجابات الواردة إلى أمانة سرّ سينودس الأساقفة، والتي أُدخِلت إلى مسودة الوثيقة التي حرّرتها أمانة السرّ العامّة بمساعدة بعض الخبراء. لقد حافظ المحلسُ المذكور بشكل جوهريّ على بنية الخطوط العريضة، مسهّلاً هكذا مهمّة المجلس في تفحّص الوثيقة. وإذ أخذ أعضاءُ مجلس ما قبل السينودس بعين الاعتبار الإسهامات الواردة إليهم من هيئاتِ أسقفيّاتِ البلدان المفردة، أغنوا المسودات بمداخلات فريدة، هي نتيجة خبرتهم الرعائيّة الخصبة، مقدِّمين بيانات صالحة لإكمال النصّ، وهذا عمل قامت به الأمانة العامّة. لاحقًا، أُرسِلت الوثيقة عبر البريد الإلكترونيّ إلى جميع أعضاء مجلس ما قبل السينودس، مع طلب إعادة إرسال الملاحظات إذا وجدت قبل نهاية 15 أيّار/مايو 2010. وبعد أن طُعِّمَ النصّ بالملاحظات الوافدة، أُكمِل تحرير الوثيقة، وتُرجِمت إلى أربع لغات: العربيّة، الفرنسيّة، الإيطاليّة، والإنجليزيّة. وبتاريخ 7 حزيران/يونيو 2010، تكرّم الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر بتسليمها شخصيًّا في نيقوسيا، قبرص، إلى أعضاء مجلس ما قبل السينودس، أي إلى ممثّليّ جميع أساقفة الشرق الأوسط.

وبعد أن سلّم الأب الأقدس أداة العمل، ونشكره على هذا مرّة أخرى شكرًا حارًّا، وزَّعَتْ الأمانة العامّة للسينودس الوثيقة بشكل مكثّف، مستخدمة أيضًا الصفحة الخاصّة بها في موقع الفاتيكان على شبكة الإنترنت.

 تعيّين أعضاء رئاسة جمعيّة السينودس

في 24 نيسان/إبريل 2010، عيّن الحبر الأعظم بنديكتوس السادس عشر أعضاء الرئاسة السينودسيّة للجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط كما يلي:

- رئيسان منتدبان شرفًا: غبطة السيّد البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة، لبنان؛ وغبطة السيّد البطريرك عمّانوئيل الثالث دلّي، بطريرك بابل للكلدان، العراق.

- رئيسان منتدبان: نيافة السيّد الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الشرقيّة، وغبطة البطريرك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك أنطاكيا للسريان، لبنان.

- مقرّر عامّ:  غبطة البطريرك أنطونيوس نجيب، بطريرك الإسكندريّة للأقباط، مصر.

- أمين عامّ خاصّ: سيادة المطران يوسف سويف، رئيس أساقفة قبرص للموارنة، قبرص[11].

 خامسًا - ملاحظات ذات طابع منهجيّ

إنّ سينودس الأساقفة هو المكان المفضّل للشراكة الأسقفيّة. وبمناسبة عقده يقوّي الأساقفة بين بعضهم البعض ومع الحبر الرومانيّ روابط الشراكة الفعليّة والعاطفيّة. والمقصود هنا ليس فقط الشعور، مهما كثر نبله، إنّما الحقيقة الكنسيّة التي تتطلّب حضورًا مثابرًا، وإصغاءًا صبورًا، وجهوزيّة كبيرة، وانتباهًا للقريب، واعتبارًا لحاجة الآخر، وتعاونًا مع الإخوة، وتضحية موجّهة إلى خير الجميع. إنّني لمتأكّد أنّه، في روح الخدمة الكنسيّة هذه، كلّ أب من آباء السينودس سيكون مستعدًّا لقبول وتتميم المسؤوليّة التي سيكلّف بها عن طريق الانتخاب أو التعيين أو الترشيح، مقدِّمًا إسهامه الخاصّ في إنجاح جمعيّة السينودس. في الغالب تكون هذه الخدمات مستترة، ولكنّها جدّ مهمّة لإنجاح الجمعيّة السينودسيّة. ومن أجل أن يلعب أكبر عدد ممكن من آباء السينودس دورًا فعّالاً لصالح الجمعيّة كلّها، يُرجى بإلحاح أن يضطلع كلّ واحد بمسؤوليّة واحدة فقط.

في المقابلة التي مُنِحَت لي في 26 آذار/مارس 2010، وافق الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر على معايير المشاركة في جمعيّة السينودس التي تمّت الموافقة عليها في المجلس الرئاسيّ من أجل الشرق الأوسط للأمانة العامّة لسينودس الأساقفة، الذي كان قد اجتمع يومَي 24 و25 تشرين الثاني/نوفمبر 2009. بعد موافقة الحبر الأعظم، بلّغت المعايير هذه إلى بطاركة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة ذات الحقّ الخاصّ وإلى رؤساء المجامع الأسقفيّة في المنطقة.

بحسب قرار الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر، يشارك في جمعيّة السينودس بحكم المنصب جميع الأساقفة الفعليّين في الشرق الأوسط، المكانيّين والمعاونين، كما أيضًا الذين يساوونهم في المنصب. يشمل هذا العدد الكرادلة دون حدود للعمر، كما رؤساء الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة الكبيرة ذات الحقّ الخاصّ، إضافة إلى الذين يحقّ لهم المشاركة، أي أساقفة الانتشار التابعين للكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة الخاصّة.

وافق بعدها الأب الأقدس على أن تُمَثَّل بلدان شمال غرب أفريقيا بأسقف واحد. من ناحية أخرى، قرّر قداسته أن يشارك أيضًا في جمعيّة السينودس رؤساء مجامع أساقفة القارّات الخمس. إنّ حضورهم لهو قرب مجلس الأساقفة العامّ من إخوتهم الأساقفة في الشرق الأوسط. ينضمّ إليهم أساقفة يمّثلون بلدانًا تستقبل مؤمنين من الشرق الأوسط، والذين يقدّمون مساعدة هامّة للكنيسة الكاثوليكيّة في مهمّة المرسلين والمرسلات أو ذات طبيعة ماليّة. وبالتطابق مع قواعد نظام سينودس الأساقفة أكمل الأب الأقدس عدد آباء السينودس بتعيينات مناسبة.

قَبِلَ الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر بكلّ طيبة خاطر اقتراح مجلس ما قبل السينودس بأن يُدعى عدد هامّ من المستمعين، رجالاً ونساءً، الملتزمين في عمل البشارة والترقية البشريّة في الشرق الأوسط. إذ سيسمح حضورهم وكلمتهم بالحصول على رؤية أوسع للحياة الكنسيّة والاجتماعيّة في المنطقة، كما يراها العلمانيّون أيضًا. وفي جمعية السينودس يحضر عدد هامّ من الخبراء المستعدّين لمعاونة أمين السرّ الخاصّ والمقرِّر العامّ، وذلك بما يكتنزون من عدّة وخبرة، خلال الأعمال السينودسيّة.

لم تطرأ تغييرات كبيرة على المنهجيّة السينودسيّة بالمقارنة مع تلك التي اختُبِرَت في المجامع الأخيرة التي ترأَّسها الأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر. رغم ذلك، من المهمّ أن نذكّر ببعض العناصر المهمّة:

1) إنّ كلّ أب من آباء السينودس مدعوّ بإلحاح إلى أن يقرأ بانتباه الدليل المرافق الذي تسلّمه المشاركون. وإذ يتبع هذا الدليل قواعد الرسالة الرسوليّة العناية الرسوليّة، كما أيضًا الممارسة السينودسيّة، هو يصف بالتفصيل  طريقة العمل في جمعيّة السينودس الحاليّة.

2) طُبِع الدليل المرافق في أربع لغات: العربيّة، الفرنسيّة، الإيطاليّة، والإنجليزيّة، بينما من أجل تسهيل الأمور، ورد جدول الأعمال في اللاتينيّة التي ما زالت اللغة الرسميّة لسينودس الأساقفة. يستَنتَج من هذا الجدول أنّه يُتوقّع أن تكون هناك أربعة عشر جمعيّة عموميّة، وستّ جلسات للحلقات الصغرى.

3) في الجمعيّة الحاليّة أيضًا، وبهدف تسهيل مشاركة أكبر، سيستطيع كلّ أب من آباء السينودس أن يلقي مداخلة من خمس دقائق في صالة السينودس. نأمل أن يتمكّن أكبر عدد ممكن من التكلّم. على كلّ حال، سيستطيع كلّ أب من الآباء أن يسلّم مداخلته خطّيًّا، من أجل تفحّصها بتمعّن وتقدير، وجعلها حاضرة في وقت إنشاء الاقتراحات والوثائق.

4) من أجل تشجيع تعميق أكبر للمواضيع المطروحة على جدول الأعمال اليوميّ، ستجري ساعة من المناقشة الحرّة في نهاية الجمعيّات العموميّة المسائيّة، من الساعة السادسة ولغاية السابعة مساء. ومَن مِن الآباء يطلب الكلمة يستطيع أن يتكلّم دون أن يتعدّى الثلاث دقائق.

في ما يتعلّق بهذا الأمر، أسمح لنفسي أن أشير إلى أمرَين: من المهمّ أن يظلّ حاضرًا في الأذهان أنّه يجب أن تُحدّد المناقشة الحرّة ضمن موضوع السينودس، أي: "الكنيسة في الشرق الأوسط: شركة وشهادة". إنّه موضوع مهمّ جدًّا وغنيّ المحتوى يتطلّب تعميقًا من عدّة نواحي كنسيّة، وترجمة إلى مبادرات نشاطات رعائيّة. إذًا يُرجَى من الرؤساء المنتدبون أن ينتبهوا على ألاّ تخرج المناقشة عن الموضوع المثبت. من ناحية أخرى، من المناسب أن يتكلّم الآباء بحرّيّة خلال المناقشة الحرّة، أي دون قراءة النصّ المكتوب، كما في حال مداخلات الجمعيّات العموميّة الرسميّة. وعند الضرورة، تجوز الملاحظات المدوّنة، ولكن تُفضَّل المداخلات الحرّة، من ضمنها الأسئلة والملاحظات العفويّة، حتّى ولو لم تكن صياغتها ممتازة.

5) لكي أتجنّب تكرار المواضيع غير الضروريّة، تمنيّت على بطاركة الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة تنسيق موضوعات المشاركين المنفردين، بشكل يكون موقف السينودس الخاصّ للأساقفة في كلّ كنيسة مستقلّة ممثَّلاً بأمانةٍ وبشموليّة، مع مجموعة متنوّعة من المواضيع الغنيّة. سوف تقوم الأمانة العامّة بالتأكّد من أنّها تستطيع أن تسمع صوت كلّ الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة، بمن فيهم أولئك الذين لديهم أساقفة قليلون. ومن أجل تنظيم مداخلات المشاركين، من المهمّ جدًّا أن يطلب آباء السينودس الإذن للتكلّم مسبقًا. إضافةً إلى ذلك، فإنّ جمعيّة السينودس تستمرّ لمدّة أسبوعين. أمّا الأسبوع الأوّل، فهو مخصّصٌ فقط لمداخلات آباء السينودس داخل هذه القاعة.

6) يُرجى من آباء السينودس أن يقوموا بإعداد مُلخّصات لمداخلاتهم خلال الجلسة، التي من الطبيعيّ أن يتمَّ نشرها. وإذا كان من مانع لدى شخصٍ ما في نشر مداخلته، عليه أن يبلّغ ذلك إلى الأمانة العامّة، وهذا ينطبق أيضًا على النصوص المسلّمة كتابةً فقط والتي يمكن تسليمها أيضًا إلى الأمانة العامّة.

7) لقد وفّرت الأمانة العامّة الترجمة الفوريّة بأربع لغاتٍ رسمّية لمجلس الأساقفة: العربيّة، الفرنسيّة، الإيطاليّة، والإنكليزيّة. ويمكن استعمال هذه اللغات في المداخلات ضمن ورش العمل.

8) يمكن أيضًا كتابة الاقتراحات باللغات الأربع المذكورة. ويرجى أن يكون كلّ اقتراح مختصرًا، مركّزًا على موضوعٍ واحدٍ. وانطلاقًا من اعتبار عقيدة الكنيسة ماثلة أمام الناظرَين، والتي لا حاجة لتكرارها، فإنّ آباء السينودوس مدعوّون إلى اقتراح توصيات خاصّة ترمي إلى التعمّق في الشراكة الكنسيّة، وإعادة إحياء الشهادة المسيحيّة في الشرق الأوسط من أجل خير الكنيسة الكاثوليكيّة.

9) ومن  أجل الشراكة بين أغلبّية آباء السينودس، ستجدون الحلقات الصغيرة مكتوبةً في ثلاث لغات: العربّية، الفرنسيّة، والإنكليزيّة. وسوف تحصلون قريبًا على لائحة كلٍّ من هذه الحلقات، المؤلّفة إجمالاً من توجيهاتكم بحسب اللغة التي تتقنونها. يمكن فقط تبديل الحلقة الصغيرة لسبب وجيه، وبموافقة الأمانة العامّة.

10) لتسهيل العمل، سوف تعتمد هيئة السينودس على استعمال الوسائل الإلكترونيّة. في الدليل المرافق توجد لديكم المعلومات الكافية لطريقة استعماله. وعند الحاجة، بإمكان الآباء أن يساعد الواحد الآخَر، خصوصًا في مستهلّ الأعمال، فيدلّ الواحدُ جارَه على كيفيّة استخدام هذه الوسائل. في كلّ الأحوال، يوجد في القاعة تقنيّون، بإمكانهم المساعدة أيضًا. من المهمّ أيضًا أن يحترم كلٌّ من آباء المجمع مكانه الذي أُعطيَ له بحسب الأولويّة، كون كلّ مقعد هو موصول برقمٍ معيّن في نظام التصويت الإلكترونيّ. من بين أمور عدّة، سوف تتمّ مراقبة الحضور يوميًّا من خلال النظام الإلكترونيّ. ثمّ إنّه ستكون هناك انتخابات واقتراعات مختلفة بواسطة الجهاز الموضوع بتصرّفكم.

11) إنّ وجود بعض الإخوة المندوبين، ممثّليّ الكنائس الأخرى والجماعات الكنسيّة، باتت خطوة مرحّبًّا بها. إنّ مشاركتهم هي معبِّرة بشكل خاصّ في هذه الجمعيّة السينودسيّة، مع الأخذ بعين الاعتبار حضورهم في الأراضيّ المقدّسة والشرق الأوسط. بإمكانهم أن يتوجّهوا بالكلام إلى الجمعيّة، وان يشاركوا في أعمال الحلقات الصغرى. إنّ المسيحييّن من أيّ مكانٍ أتوا، وبالأخصّ من أرض يسوع، هم مدعوّون للمضيّ صوب الوحدة التامّة بين جميع الذين يؤمنون بالربّ يسوع، والذين نالوا عطيّة الروح القدس ليمجّدوا بأقوالهم وخاصّةً بحياتهم أبانا الذي في السماوات.

12) ينتظر حضور ثلاث مدعوّين خاصّين خلال ورشة العمل في السينودس، عنيتُ بهم: الرابّي دافيد روزن، مدير قسم شؤون ما بين الأديان للجنة اليهوديّة الأميركيّة، والسادة: محمّد السمّاك، المستشار السياسيّ لمفتي الجمهوريّة اللبنانيّة، عن المسلمين السنّة، وآية الله د. سيّد مصطفى مُحاجغ أحمدأبادي، أستاذ في كلّية الحقوق في جامعة شهيد بهشتي في طهران، وهو عضوٌ في أكّاديمّيّة فرع العلوم الإيرانيّة، عن المسلمين الشيعة. نحن سعداء لأنّ المدعوّين الثلاث قد قبلوا دعوة الأب الأقدس للمشاركة في هذه الجمعيّة. وبطريقة رمزيّة، يدلّ ذلك على رغبة الكنيسة الكاثوليكيّة في إكمال الحوار مع الدين اليهوديّ، بحيث يوجد قاسم مشترك في كتب العهد القديم. إضافةً إلى ذلك، يمثّل وجود هؤلاء السادة المسلمين إرادة إكمال مسيرة الحوار الحيويّ مع المجتمع الإسلاميّ الذي هو لخير أبنائه في الأديان الخاصّة، كما هو الحال مع أبناء الشرق الأوسط والعالم أجمع.

 سادسًا - خاتمة   

"إذهبوا إلى العالم كلّه وأعلنوا البشارة إلى الناس أجمعين" (مر 16: 15). هذه هي الكلمات التي قالها الربّ يسوع القائم من بين الأموات قبل صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب (راجع مر 16: 19). لقد طمأن المعلّم تلاميذه قائلاً لهم: "ها أنا معكم طوال الأيّام، إلى انقضاء الدهر" (مت 28: 20). بعد ذلك، أكمل الربّ مرافقته لانتشار الإنجيل الذي بدأ من الأرض المقدّسة وانتشر في العالم أجمع"؛ وأمّا التلاميذ، فذهبوا يبشّرون في كلّ مكان، والربّ يعينهم ويؤيّد كلامهم بما يسانده من الآيات" (مر 16: 20). يتطلّب إعلان البشرى السارّة بُعْدَيْن أساسيَّيْن: الشركة والشهادة. وهذان البعدان كلاهما من طبيعة الحياة المسيحيّة منذ بدء تكوينها. لقد اختار الربّ يسوع اثني عشر رسولاً (راجع مت 10: 1-4؛ مر 13: 13-19؛ لو 6: 13-16)، جاعلاً منهم نواة الكنيسة. بعد ذلك، اختار الربّ يسوع "اثنين وسبعين رسولاً، وأرسلهم اثنيْن اثنيْن يتقدّمونه إلى كلّ مدينة أو موضعٍ عزم أن يذهب إليه" (لو 10: 1). وبين رسله أيضًا، الذين كانوا يزدادون عددًا أكثر فأكثر، كان يرافقه بعض النساء اللواتي شفاهُنَّ من الأرواح الشرّيرة والأمراض... كنَّ يساعدونهم بأموالهنَّ" (لو 8: 2-3). بالرغم من تنوّع الدعوات والواجبات المطلوبة، كانوا جميعهم ملتزمين في عيش الحياة المسيحيّة المثاليّة: "وكان جماعة المؤمنين قلبًا واحدًا وروحًا واحدةً" (أع 4: 32). من جهةٍ أخرى، قبل صعوده إلى السماء، قال الربّ لتلاميذه: "لكنّ الروح القدس يحلّ عليكم ويهبكم القوّة، وتكونون لي شهودًا في أورشليم واليهوديّة كلّها والسامرة، حتّى أقاصيّ الأرض" (أع 1: 8).

إنّ كلمة الربّ يسوع ما زالت فاعلة. يكفي تذكّر أعمال الرسل في العالم، وشهادتهم حتّى الاستشهاد على مثال الجماعة المسيحيّة الأولى، بحسب المثال الإنجيليّ، "في قلبٍ واحدٍ وروحٍ واحدة" (أع 4: 32). ولأنّنا موجودون في روما، يتوجّب علينا أن نستحضر بامتنان مَثَلَ القدّيسَين بطرس وبولس اللذين تركَا أرضهما، وحملاَ الإنجيل إلى قلب الإمبراطوريّة الرومانيّة، وقد أنهيَا رسالتهم بالإستشهاد، وهو التعبير الأسمى للشهادة المسيحيّة. منذ ذلك الوقت، تعيش الجماعة المسيحيّة بازدهار، على رأسها الأسقف نفسه الذي، وبالعناية الإلهيّة، يرأس بالمحبّة كلّ الكنيسة. إنّ خليفة الرسول بطرس الـ264، الذي هو أيضًا الإرث الرسوليّ لبولس، عنيتُ به البابا بنديكتوس السادس عشر، قد استقبل إخوته من الأرض المقدّسة، الذين وجدوا أنفسهم في روما في الجمعيّة الخاصّة، ليبسطوا شخصيًّا أمامه وضع الكنيسة الكاثوليكيّة في الشرق الأوسط، من أجل تعميق حسّ الشراكة الكاثوليكيّة، جاعلين بعْدها المسكونيّ حاضرًا أمامهم، ولإحياء الشهادة المسيحيّة. ليس هناك من شكّ في أنّه، تحت الرئاسة الحكيمة للأب الأقدس بنديكتوس السادس عشر، ستتحقّق اقتراحات كهذه. في الوقت نفسه، إنّ آباء السينودس في الشرق الأوسط هم ممتنّون للأب الأقدس لدعمه الثابت، الذي تعبّر عنه بامتياز هذه الجمعيّة السينودسيّة، ولعمله المثابر من أجل التفتيش عن حلول عادلة ودائمة لمشاكل المنطقة الجسيمة، خاصّةً من أجل إحلال السلام والعدالة. وإنّهم أيضًا ممتنّون للحبر الأعظم لأنّه، بالموهبة البطرسيّة سيساعد أساقفة الشرق الأوسط على أن يصلوا إلى هدف هذه الجمعيّة السينودسيّة. ويُرجَى، لدى عودة رعاة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة الكرام من روما، كما أيضًا رعاة الكنيسة ذات التقليد اللاتينيّ، عند انتهاء هذه الجمعيّة السينودسيّة، أن يستطيع هؤلاء الرعاة أن يمجّدوا الله على روح تجديد الشراكة ومن أجل زخم الشهادة المسيحيّة، ضمن الأوساط حيث يعيشون، ومع مَن يتواصلون، ليس فقط مع المسيحيّين، ولكن أيضًا مع أعضاء طوائف الأديان الأخرى، خاصّةً مع اليهود والمسلمين.

لكي تتحقّق هذه الرغبة، نطلب شفاعة جميع قدّيسيّ المنطقة، بنوعٍ خاصّ الشهداء الكثر في الأرض المقدّسة، وخاصّةً شفاعة القدّيسة العذراء مريم، والدة الإله يسوع وأمّ الكنيسة؛ فهي التي لن تتوانى عن السهر على الكنيسة الكاثوليكيّة في الأرض حيث عاشت وساهمت في تحقيق السرّ السامي، سرّ التجسّد وفداء الإنسان والإنسانيّة. هي تدعونا قائلةً: "إعملوا ما يأمركم به" (يو 2: 5)، وتشجّعنا على أن نثق، لا بقوّتنا وأعمالنا فحسب، بل بهذا الوعد القائل: "لا تخف، أيّها القطيع الصغير، فأبوكم السماويّ شاء أن يُنعم عليكم بالملكوت" (لو 12: 32).

أشكر لكم إصغاءكم. نعمة الروح القدس ترافقكم في عملكم  في السينودس.

 ملاحظات

 

[1] "تنظيم جلسات قارّيّة  للسينودس إعدادًا للألفيّة الثالثة "، الأوسّرفاتوري رومانو 16-17 كانون الثاني/يناير 1995 ، ص 4.

[2] بنديكتوس السادس عشر، خطاب في نيقوسيا خلال تسليم أداة عمل السينودوس للشرق الأوسط، الأوسّرفاتوري رومانو 7-8 حزيران/يونيو 2010 ، ص 9.

[3] المرجع نفسه، ص 9.

[4] المرجع نفسه، ص 9.

[5] Cf. Calendario Atlante De Agostini 2010, Istituto Geografico De Agostini, Pioltello (MI) 2009,p.678  .[6] بنديكتوس السادس عشر، خطاب في نيقوسيا خلال تسليم أداة عمل سينودوس منطقة الشرق الأوسط، الأوسرفاتوري رومانو، 7-8 حزيران/يونيو 2010 ، ص 9.

[7] المعطيات الإحصائيّة هي مأخوذة من دليل الكنيسة الإحصائيّ 2008، حاضرة الفاتيكان 2010، ص 281 و285-287.

(Annuarium Statisticum Ecclesiae 2008, Città del Vaticano 2010, p. 281 e 285-287).

[8] بندكتوس السادس عشر، إلى البطاركة ورؤساء الأساقفة الكبار الشرقيّين، أعمال الكرسيّ الرسوليّ 101 (2009) 858.

[9] المرجع نفسه، ص 858.

[10] حتّى ولو كانت الخطوط العريضة قد أُرسِلت إلى الدوائر الستّة والعشرين، وصلت الإجابات من تلك التي تتابع بالأكثر الأوضاع الكنسيّة في الشرق الأوسط والتي يشارك رؤساؤها في جمعيّة السينودس.

[11] راجع الأوسرفاتوري رومانو، 25 نيسان/ أبريل 2010، ص 1.

[00001-08.08] [NNNNN] [Testo originale: Italiano]

 تقرير المقرّر العامّ قبل المناقشة ، صاحب الغبطة أنطونيوس نجيب، بطريرك الإسكندريّة للأقباط (جمهوريّة مصر العربيّة)

 قداسة الحبر الأعظم،

أصحاب السيادة الكرادلة، أصحاب الغبطة البطاركة، أصحاب السيادة المطارنة، الإخوة الأجلاء المندوبون عن الكنائس الشقيقة وعن الجماعات الكنسية،الأخوات والإخوة الأحباء المدعوون والخبراء.

قبل كل شيء، أتقدم بالشكر لقداسة الحبر الأعظم، الذي كلّفنى بمهمة المقرّر العام لهذه الجمعية. إنها المرة الأولى، التي أتولّى فيها مهمّة مهيبة كهذه، وسأبذل كلّ جهدي للقيام بها على أفضل وجه، معتمدا على نعمة الربّ وعلى سماحتكم.

 تقديم

يخبرنا القديس لوقا، في كتاب أعمال الرسل، أن يسوع، في اللحظة التي أزمع فيها أن يترك خاصته، ترك لهم هذه الوصية: "ولكن الروح القدس ينـزل عليكم ويهبكم القوة، وتكونون لي شهودا في أورشليم واليهودية كلها والسامرة، حتى أقاصي الأرض" (أع 1 : 8).

وقام الرسل بهذه الرسالة منذ حلول الروح القدس عليهم، وأخذوا يعلنون بلا خوف بشرى إنجيل حياة وموت وقيامة الربّ (راجع أع 2 : 32). وكانت ثمرةَ أول خطبة ألقاها بطرس الرسول، اهتداء وتعميد حوالي ثلاثة آلاف نفس، ومن بعدهم العديد من الناس. فتبدّلت حياتهم تماما: "وكان جماعة الذين آمنوا قلبا واحدا وروحا واحدة، لا يدّعي أحد منهم مِلكَ ما يخصّه، بل كانوا يتشاركون في كل شيء لهم" (أع 4 : 32).

ولقد ألهمت تلك الأحداث المؤسِّسة موضوع وأهداف هذه الجمعية الخاصة لسينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط: الشركة والشهادة، الشهادة الجماعية والشخصية، النابعة من حياة متأصّلة في المسيح، ينعشها الروح القدس. وكان نموذج كنيسة الآباء الرسل هذا مثالا للكنيسة عِبر العصور. وتهدف جمعيتنا السينودسية هذه إلى مساعدتنا على العودة إلى هذا المثال، لمراجعة حياة، تمنحنا انطلاقة جديدة، وحيوية متجددة، تطهّرنا وتجدّدنا وتقوّينا.

لقد تسلمنا ورقة العمل لهذه الجمعية الخاصة، من يد قداسة الحبر الأعظم شخصيا، فى زيارته الرسولية لجزيرة قبرص، معبّرا بذلك عن اهتمامه الخاص بكنائسنا. والاحتفال الافخارستي الذي ترأسه قداسته صباح الأمس، هو أفضل عربون عن بركة الرب لهذه الجمعية. وإذ نحن واثقون من هذه المساندة الإلهية، ومتكلون على تعضيد ومرافقة السيدة مريم العذراء، فإننا ننطلق إلى العمل بكل ثقة.

مقدمة

لقد استقبلنا جميعا نبأ انعقاد هذه الجمعية الخاصة لسينودس الأساقفة، بمزيد من الفرح والحماس والامتنان والحرارة. ولمسنا في ذلك، من لدن الأب الأقدس، قبولا وتفهّما أبويا لأمنية عزيزة علينا، واهتماما خاصا من أسقف روما بكنائسنا، بصفته الراعي الأعظم للكنيسة الكاثوليكية. وكنا قد سبق ولمسنا هذا الاهتمام الخاص، في العديد من المناسبات، وبتواتر في خطابات وعظات قداسته. ولمسناه بشكل خاص في زياراته الرسولية لتركيا (2006)، ثم للأردن وإسرائيل وفلسطين (2009)، وحديثا لقبرص (2010). بيد أن حضور الأب الأقدس في وسطنا الآن يغمرنا بالحب والتضامن، والصلاة والمساندة، من جانب خليفة بطرس الرسول، ومن جانب الكرسي الرسولي، والكنيسة قاطبة.

وبمجرد أن أعلن قداسة البابا عن هذا الحدث، يوم 19 أيلول (سبتمبر) 2009، قامت الأمانة العامة لسينودس الأساقفة، مع المجلس التحضيري من أجل الشرق الأوسط، أولا بإعداد  الخطوط العريضة. ثم أّعدّت ورقة العمل في شهر نيسان (أبريل) 2010. وتستند هذه الورقة أولا إلى الكتاب المقدس، كما تشير أساسيا إلى وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني، ومجموعة قوانين الكنائس الشرقية الكاثوليكية، والى مجموعة الحق القانوني. وقد حظيت الرسائل العشر الصادرة عن مجلس البطاركة الكاثوليك في الشرق الأوسط باهتمام خاص. وأعتقد أن هذا العمل قد تمّ على أفضل وجه، بالرغم من الاستعجال الذي فرضه ضيق الوقت المُتاح.

وأودّ أن أشير إلى النقاط التالية لنتعمق فيها أثناء عملنا، وذلك رجوعا إلى ورقة العمل.

أ – هدف السينودس (3–6)

لقد أدركت كنائسنا جيدا وبكل تقدير الهدف المزدوج للمجمع الخاص بالشرق الأوسط ، وهو:

1- تثبيت وتقوية المؤمنين في هويّتهم المسيحية، بواسطة كلمة الله والأسرار.

2- إحياء الشركة الكنسية بين الكنائس الكاثوليكية ذات الحكم الذاتي، حتى تستطيع أن تقدّم شهادة حياة مسيحية حقيقية وفعّالة. وفي أوضاعنا الحياتية، فإن البعد المسكوني، والحوار الديني، والجانب ألإرسالي، تشكل جزءا أساسيا من هذه الشهادة.

وتلحّ الوثيقة على ضرورة وأهمية أن يزوّد آباءُ السينودس المسيحيين في بلادنا بأسباب وجودهم، لتثبيتهم في رسالتهم أن يكونوا وأن يبقوا شهودا حقيقيين للمسيح القائم من بين الأموات، كلٌ في بلده. ففي وسط الظروف الحياتية، الشديدة الصعوبة أحيانا، والواعدة أيضا، هم أيقونة المسيح المنظورة، والتجسيد الحي لكنيسته، والقناة الحالية لعمل الروح القدس.

 

ب – تفكير يقوده الكتاب المقدس (7-12)

إننا نشعر بالفخر لانتمائنا إلى الأراضي التي فيها كتب أشخاصٌ الكتبَ المقدسة، بوحي من الروح القدس، في بعض لغاتنا. غير أن ذلك يلقي أيضا على عاتقتنا أعباء متطلبة. فينبغي أن بصبح الكتاب المقدس روح حياتنا الدينية وشهادتنا، وذلك على الصعيد الجماعي كما على الصعيد الفردي. وتشكل الليتورجيا المقدسة مركز وقمة حياتنا الكنسية. وفيها نحتفل بانتظام بكلمة الله ونصغي إليها. وفي ضوء الكتاب المقدس، عندما نقرأه، ونصليه، ونتأمله، مع الجماعة الكنسية، أو في مجموعات صغيرة، أو حتى شخصيا، يلزمنا أن نفتش عن الإجابات عن معنى حضورنا، وشركتنا، وشهادتنا، المناسبة للإطار الحالي، ولتحدّيات الظروف المتجددّة دوما.

وتلفت الوثيقة الانتباه إلى القصور في الجواب على عطش مؤمنينا الشديد إلى كلمة الله، وإلى شرحها وزرعها في قلوبهم وفي حياتهم. ولهذا يجب التفكير في مبادرات مناسبة وكافية، والعمل على نشرها وتشجيعها ومساندتها، مع استخدام وسائل الإعلام الحديثة أيضا. والأشخاص الذين، بحكم دعوتهم، على اتصال مباشر أكبر بكلمة الله، ملتزمون بالشهادة وبالشفاعة من أجل شعب الله. كما أن حفظ النصوص مفيد ومثمر على الدوام.

ينبغي توضيح "تاريخ الخلاص" في تفسيرنا وتقديمنا لمعنى الكتاب المقدس. فهو يكشف المخطط الإلهي الواحد، الذي يتحقق في الزمن، فى رباط وثيق بين العهد القديم والعهد الجديد، ويجد مركزه وقمته في المسيح. وحيث أن الكتاب المقدس هو كتاب الجماعة المسيحية، فلا يمكن فهم النص فهما صحيحا، إلا داخل هذه الجماعة. إن التقليد وتعليم الكنيسة، وبالأخص في بلادنا الشرقية، هما إذاً مرجعان لا غِنى عنهما لفهم وتفسير الكتاب المقدس.

وكلمة الله هي مصدر علم اللاهوت، وعلم الأخلاق، والحياة الروحية، والحيوية الرسولية والإرسالية. إنها تنير الحياة وتحوّلها وتقودها وتثبّتها. ويلجأ بعض الناس الجهلة أو ذوي النوايا السيئة، إلى استخدام الكتاب المقدس ككتاب وصْفات أو لأعمال الشعوذة. فعلينا تربية المؤمنين كي لا ينساقوا خلفهم. إن كلمة الله تنير أيضا الخيارات الجماعية والشخصية، لتجاوب على تحدّيات الحياة، وتلهم الحوار المسكوني والحوار الديني، وتوجّه الالتزام السياسي. فينبغي إذاً أن تصبح مرجعا للمؤمنين في التربية والشهادة. وهكذا ستساعد أيضا الناس ذوي الإرادة الصالحة أن يجدوا سُبُلا مفتوحة في بحثهم عن الله.

 أولا: الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط

 أ – وضع المسيحيين في الشرق الأوسط

1- لمحة تاريخية موجزة: وحدة في التعدد (13-18)

إن معرفة تاريخ المسيحية في الشرق الأوسط مهمة، ليس فقط بالنسبة إلينا، وإنما أيضا بالنسبة إلى العالم المسيحي بأسره. ففى هذه الأراضي اختار الله الآباء، وموسى، وشعب العهد القديم، وقاد مسيرتهم. وتكلم بواسطة أنبياء، وقضاة، وملوك، ونساء أقوياء في الإيمان. ولما تمّ ملء الزمان، تجسّد فيها يسوع المسيح المخلص، وعاش، واختار تلاميذه وكوّنهم، وأتمّ فيها عمله الخلاصي. وأصبحت كنيسة أورشليم، التي وُلدت يوم العنصرة، مصدر سائر الكنائس الخاصة، التي واصلت، وما زالت تواصل عبر العصور، عمل المسيح، بقوة الروح القدس، بقيادة قداسة البابا خليفة القديس بطرس.

وبعد صراعات صغيرة في بداية مسيرتها، واجهت الكنيسة انقسامات متتالية في مجمعي أفسس (431) وخلقيدونية (451). وهكذا ظهرت "كنيسة المشرق الرسولية الأشورية" و"الكنائس الأرثوذكسية الشرقية": القبطية والسريانية والأرمينية . وفي القرن الحادي عشر وقع الانشقاق الكبير بين روما والقسطنطينية. وكان السبب في هذه الانشقاقات مسائل لاهوتية، غير أن الأسباب السياسية والثقافية لعبت دورا رئيسيا في ذلك. ومن هنا، فعلى الدراسات التاريخية واللاهوتية أن توضّح تلك الحقبات والأحداث المأساوية، في سبيل تعزيز الحوار المسكوني.

وهذه الانقسامات كلها موجودة اليوم أيضا فى بلادنا، كثمرة مُرّة للماضى. ونحمد الله على أن الروح يعمل في الكنائس، لكي تتحقق صلاة السيد المسيح: "ليكونوا واحدا فينا أيها الاب...فيؤمن العالم انك أرسلتني" (يو 17 : 21).

2- الأصل الرسولي والدعوة الإرسالية (19 -23)

كانت كنائسنا، التي باركها حضور السيد المسيح والرسل، مهدا للمسيحية وللأجيال الأولى. ومن هنا كانت دعوتها الخاصة في الحفاظ على ذاكرة الأصول، وتقوية إيمان أبنائها، وإنعاش روح الإنجيل فيهم، ليقود حياتهم وعلاقاتهم مع الآخرين من المسيحيين وغير المسيحيين.

وحيث أنها من أصل رسولي، فعلى كنائسنا رسالة خاصة في البشارة بالإنجيل. ودراسة تاريخ كنائسنا الإرسالي، من شأنه أن ينشّط هذا الدفع الإنجيلي، الذي تميّزت به أصولنا. فأن نكون إرساليين واجبٌ مجاني علينا، بصفتنا كنائس متأصلة في الجذور، ومن منطلق تراثنا الغني والمتنوع. فما قبلناه، علينا أن نشارك فيه المحرومين منه. وعلى كنائسنا أن تنعش فيها  الحماس الإنجيلي الإرسالي.

ومن شأن هذا الانفتاح على عمل الروح القدس، أن يساعدنا على مشاركة أبناء أوطاننا العديدين، غِنى الحب ونور الرجاء الذي فينا (راجع رو 5: 5). وبالفعل "فنحن في وسط المجتمع الذي نعيش فيه، علامة حضور الله في عالمنا. وهذا ما يدعونا أن نكون ’مع’ و’في’ و’لأجل’ المجتمع الذي نعيش فيه. إنه مطلب أساسي لإيماننا ولدعوتنا ولرسالتنا" [1]. "والكنيسة لا تُقاس عدديا بأرقام، وإنما بما لدى أبائها من وعي حي بدعوتهم وبرسالتهم" [2].

ولتأمين مستقبل جماعاتنا، على الرعاة أن يعطوا عناية خاصة للعمل الراعوى من أجل الدعوات ، بواسطة آليات ملائمة وفعالة، بنوع خاص تجاه الشباب والعائلات. نشكر الله أن عند كنائسنا العديد من الدعوات، غير أن بعض الإيبارشيات تعاني من نقص حاد في الدعوات. فربما ينبغي علينا، أن نعيش البُعد الارسالي أولا بين إيبارشياتنا، وبين كنائس المنطقة. إن أفضل وسيلة لجذب الشباب إلى التكريس التام لله، هو مثال الكهنة والرهبان والراهبات الأتقياء، والفرحين، والمنطلقين، والمتحدين فيما بينهم. وقد يكون هذا السينودس فرصة سانحة لمراجعة أساليب ومناهج الاكليريكيات وبيوت التكوين.

أن التضامن والتعاون بين الرهبانيات و جمعيات الحياة المكرّسة وبين الأساقفة، تساعد على تشجيع الدعوات.وينبغي أن نجد الوسائل الملائمة لتعضيد وتقوية جمعيات ومؤسَّسات الحياة المكرّسة. كما يلزم تشجيع الحياة التأملية حيث توجد. وبواسطة الصلاة، يمكننا أن نمهّد السبيل لعمل الروح القدس، لكي يبعثها حيث لا توجد. وعلى الرهبانيات الموجودة في بلادنا، أن تبادر إلى إنشاء جماعات في أماكن أخرى، أو بلدان أخرى من المنطقة.

3- دور المسيحيين في المجتمع بالرغم من قلة عددهم (24-31)

إن مجتمعاتنا، بالرغم مما يوجد بينها من اختلافات، فهي تتّسم بخصائص مشتركة: كالتمسك بالتقاليد، وأسلوب الحياة التقليدي، والطائفية، والتمييز على أساس الدين. هذه العوامل يمكنها أن تقرّب وتوحّد، غير أنها قد تتسبّب فى التباعد والانقسام. إن المسيحيين هم في بلادهم "مواطنون أصليّون" ، وأعضاء كاملو العضوية في مجتمعاتهم المدنية. إنهم في موطنهم الأصلي، وغالبا منذ حقبات طويلة. إن حضورهم ومشاركتهم في حياة بلادهم كنز ثمين، ينبغي المحافظة عليه وحمايته. إن "العلمانية الايجابية" من شأنها أن تساعد الكنيسة على تقديم مساهمة فعالة ومثمرة، وعلى تقوية المواطنة لدى كل أبناء الوطن، على أساس المساواة والديموقراطية.

تحتاج الكنيسة إلى استخدام وسائل الاتصال الحديثة استخداما أكبر وأفضل، في عملها الرعوي والثقافي والاجتماعي. ولا بد من تكوين الكوادر المتخصصة لهذا الغرض. وعلى المسيحيين الشرقيين أن يلتزموا بالخير العام ، بكل جوانبه، كما فعلوا على الدوام. وفي إمكانهم أن يساعدوا على خلق ظروف اجتماعية، تدعم تنمية الأشخاص والمجتمع، وذلك بالتعاون مع جهود السلطات السياسية. وبالرغم من كونهم أقليات صغيرة، إلا إن حيويتهم متوهّجة وموضع تقدير. إنهم في حاجة إلى التشجيع والمساندة، لمواصلة ذلك حتى في الظروف الصعبة. كما  أن تقوية حياة الإيمان عندهم، وتدعيم الرباط الاجتماعي والتضامن فيما بينهم، سيساعدهم كثيرا، دون الانطواء على الذات والوقوع في حالة الخندقة (الجيتو).

وعن طريق عرض التعليم الاجتماعيّ للكنيسة، نقدّم مساهمة قيّمة لبناء المجتمع. وينبغى أن تشغل تنمية الأسرة والدفاع عن الحياة، مكانة أساسية في تعليم ورسالة كنائسنا. والتربية مجال مميَّز واستثمار كبير فى عملنا الرسوليّ. وبقدر الإمكان، فلتقدّم مدارسنا مساعدة أكبر للأكثر احتياجا. وعِبر أنشطتها الاجتماعية والصحيّة والخيريّة، المفتوحة لكافة أعضاء المجتمع، تساهم كنائسنا على نحو ظاهر في تحقيق الخير العام. وهى تقوم بذلك بفضل سخاء الكنائس المحلية، ومحبة الكنيسة الجامعة. ولكي تضمن مصداقيتها الإنجيلية، ينبغي على الكنيسة أن تستخدم الوسائل التي توفّر الشفافية في إدارة أموالها، مع التمييز الواضح بين ما يخصّها، وما يخصّ الأشخاص العاملين فيها. ولا بد من وضع لوائح و آليات خاصة بذلك.

 ب – التحديات التي تواجه المسيحيين

1- الصراعات السياسية في المنطقة (32-35)

تؤثّر الأوضاع السياسية والاجتماعية في بلادنا تأثيرا مباشرا على المسيحيين، الذين يشعرون بقوة أكبر، بتبعاتها السلبية. ففي الأراضي الفلسطينية الحياة صعبة للغاية، وأحيانا غير محتملة. إن وضع المسيحيين العرب هناك حرج جدا. ومع تنديدنا بالعنف أيا كان مصدره، ومع دعوتنا إلى ضرورة إيجاد حل عادل ودائم للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، فإننا نعبّر عن تضامننا مع الشعب الفلسطيني، الذى يتسبّب وضعه الراهن فى تعزيز الأصولية. إن الإصغاء إلى المسيحيين هناك قد يساعد أكثر على فهم الأوضاع. وبالنسبة إلى وضع أورشليم، ينبغى أن يوضع في عين الاعتبار أهميتها للديانات الثلاث: المسيحية والإسلامية واليهودية.

وإنه لمن المؤسف ألا تبالي السياسة العالمية بالقدر الكافي بأوضاع المسيحيين المأساوية في العراق، وهم الضحية الرئيسية للحرب وتوابعها. وفي لبنان، فان المزيد من الاتحاد بين المسيحيين سوف  يساعد على استقرار أكبر في البلاد. وفي مصر، ستربح الكنائس كثيرا من تنسيق مجهوداتها، من أجل تقوية الإيمان لدى المسيحيين، وإنجاز أعمال مشتركة لصالح البلاد.

ووفقا للإمكانيات المتاحة في كل بلد، يتحتم على المسيحيين تعزيز الديموقراطية، والعدالة والسلام، والعلمانية الايجابية، في التمييز بين الدين والدولة، واحترام كل الديانات. إن التحلي بموقف الالتزام الايجابي في المجتمع هو الإجابة البناءة، سواء تجاه المجتمع، أم تجاه الكنيسة.

2- الحرية الدينية وحرية الضمير (36-40)

إن حقوق الإنسان هي الأساس الذي يضمن خير الإنسان الشامل، بصفته معيار كل نظام سياسي واجتماعي. وينبع ذلك من نظام الخلق نفسه. فمن لا يحترم خليقة الله، وفقا للنظام الذي وضعه هو، لا يحترم الخالق. و يتطلب تعزيز حقوق الإنسان السلام والعدالة والاستقرار.

والحرية الدينية هي أحد المكوّنات الأساسية لحقوق الإنسان. وما حرية العبادة إلا مظهر من مظاهر الحرية الدينية. وهي مكفولة في معظم بلداننا بقوة الدستور. وبالرغم من ذلك، فان ثمة بعض القوانين أو الممارسات، التي تحدّ من تطبيقها في بعض البلاد. والمظهر الآخر للحرية الدينية هو حرية الضمير، المبني على الاختيار الحر للشخص. وغيابها يقف حائلا في وجه الاختيار الحر لأولئك الذين يرغبون الانضمام للإنجيل، وإنما يخشون الإجراءات التعسّفية ضد أشخاصهم وضد عائلاتهم. ولا يمكن لحرية الضمير أن توجد وتنمو إلا بمقدار نمو احترام حقوق الإنسان في جملتها وكاملها.

وتسهم التربية فى هذا الاتجاه إسهاما ثمينا في التقدم الثقافي للبلاد، لمزيد من العدالة والمساواة تجاه الحقوق. وتشجب الكنيسة الكاثوليكية بشدة كل أنواع الاستقطاب (الاقتناص). وتجدر مناقشة هذه المسائل بهدوء، في إطار مؤٍسّسات وآليات الحوار، بنوع خاص في داخل كل بلد. والمؤسّسات التربوية المتعددة الموجودة في كنائسنا، هي وسيلة مميَّزة لتعزيز هذه التربية. كما أن المراكز الصحية والخدمات الاجتماعية تشكل بدورها شهادة بليغة عن محبة القريب، بدون أدنى تمييز أو تفرقة. وتثمين الأيام والأحداث والاحتفالات المحلية والدُولية المخصّصة لهذه القضايا، يساعد على نشر وتقوية تلك الثقافة. ويلزم استخدام وسائل الإعلام لنشر هذه الروح.

3- المسيحيون وتطوّر الإسلام المعاصر (41-42)

نلاحظ تصاعد الإسلام السياسي في المنطقة، اعتبارا من السنوات 1970، ويشمل تيارات دينية مختلفة. وهو يؤثر على وضع المسيحيين، خاصة في بلاد العالم العربي. إنه يسعى إلى فرض أسلوب حياة إسلامي على كل المواطنين، وأحيانا عن طريق العنف. وبالتالي فهو يشكل تهديدا للجميع، وعلينا أن نواجه معا هذه التيارات المتطرفة.

4- الهجرة (43-48(

بدأت الهجرة في الشرق الأوسط قرب نهاية القرن التاسع عشر لأسباب سياسية واقتصادية. وكان للصراعات الدينيّة دور حاسم في بعض الحقبات العصيبة. وقد تزايدت الهجرة حاليا في بلداننا. أما الأسباب الرئيسية فهي الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وحرب العراق، والأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة، وتصاعد الأصوليّة الإسلاميّة، وتقييد الحريات والمساواة. وأغلب المهاجرين هم من بين الشبان والمثقفين والأثرياء، مما يحرم الكنيسة والوطن من موارد قيّمة.

ويرجع إلى المسئولين السياسيّين أن يوطدوا السلام والديموقراطية والتنمية، لكي يعززوا مناخا من الاستقرار والثقة. والمسيحيون وكلّ ذوي الإرادة الصالحة، مدعوون إلى الالتزام إيجابيا بتحقيق هذا الهدف. كما أن حث المؤسّسات العالمية على واجب تقديم المزيد من المساهمة في تنمية بلادنا، سوف يساعد كثيرا في هذا الاتجاه. ويمكن للكنائس المحلية في الغرب أن تؤثر كثيرا في هذا العمل، وبطريقة مفيدة وفعالة. ومن واجب الرعاة أن يجعلوا مؤمنيهم أكثر وعيا بدورهم التاريخيّ. إنهم حاملو رسالة المسيح في بلادهم، حتى في وسط الصعوبات والاضطهادات. وغيابهم سيكون له أثره السلبي الخطير على المستقبل. ومن المهم أن نتجنب كل أسلوب مُحبِط، أو أن نشجّع الهجرة بمثابة اختيار أفضل.

ومن جهة أخرى، تشكل الهجرة مصدر دعم هام للوطن وللكنيسة. وينبغي على كنيسة بلد المنشأ، أن تجد الوسائل للحفاظ على الروابط القوية مع أبنائها المهاجرين، وأن تضمن لهم الخدمة الروحيّة. ولا بد من تأمين الاحتفال بالليتورجيّا، في طقسهم الخاصّ، لمؤمني الكنائس الشرقيّة الموجودين في مناطق الطقس اللاتينيّ. أما تصفية الممتلكات في الموطن الأصلي فهو أمر مؤسف. في حين أن الاحتفاظ بها، أو اقتناء عقارات جديدة، سوف يشجّع على العودة. وعلى جماعات الانتشار أن تشجّع وتقوّي الحضور المسيحي في الشرق، بهدف تقوية شهادتهم، والدفاع عن قضاياهم، لخير الوطن. ولا بد من وجود رعويات مناسبة تهتم بالهجرة الداخلية في كل بلد.

 5- الهجرة المسيحية الدُولية الوافدة في الشرق الأوسط (49-50)

عرفت بلدان الشرق الأوسط ظاهرة أخرى هامة: استقبال أعداد كبيرة من العمالة الوافدة من البلاد الأفريقية والأسيوية، ومعظمهم من النساء. وكثيرا ما يتعرضون لمواقف ظلم واستغلال مخالفة للمواثيق والشرائع الدُولية. فينبغي على كنائسنا أن تبذل مجهودا أكبر لمساعدتهم، عبر استقبالهم ومرافقتهم الدينية والاجتماعية. إنهم في حاجة إلى رعويات خاصة، بالتنسيق بين الأساقفة والجمعيات الرهبانية والمنظمات الاجتماعية والخيرية.

 ج- ردود المسيحيين في حياتهم اليومية (51-53)

إن الشهادة المسيحية، على كافة المستويات، هي الإجابة الأساسية في الظروف التي يعيشها المسيحيون. ومنذ الأصول، تحتل الحياة الرهبانية مكانة هامة فى ذلك. فحياة الصلاة والتأمل لها أيضا رسالة التشفع من أجل الكنيسة والمجتمع.

والسعي إلى جعل الشهادة المسيحية أفضل وأكمل، بإتباع يسوع المسيح أكثر فأكثر، إنما  هو ضرورة ملحة على كافة المستويات: للاكليروس، والرهبانيات وجمعيات ومؤسسات الحياة الرسولية، وكذلك للعلمانيين، كل وفقا لدعوته الخاصة. وينبغي أن يعمل تكوين الاكليروس والمؤمنين، وكذلك العظات، والتعليم الديني، على تعميق وتقوية معنى الإيمان، وعلى الوعي بدورنا ورسالتنا في المجتمع، كترجمة وشهادة لهذا الإيمان. ولا بد من تحقيق تجديد كنسي: الاهتداء والتطهير، والتعمق الروحي، وتحديد أولويات الحياة والرسالة.

ولا بد من مضاعفة الجهود لاكتشاف وتكوين "الكوادر" اللازمة، على كافة الأصعدة. وينبغي أن يكونوا مثالا للشهادة، لكي يساندوا ويشجّعوا إخوتهم وأخواتهم، وخاصة في الأوقات الصعبة. ويجدر بنا أيضا أن نعمل على تكوين كوادر قادرة على عرض المسيحية، سواء للمسيحيين الذين ليست لديهم روابط كافية مع الكنيسة، أو البعيدين عنها، أو لغير المسيحيين. ونوعية الكوادر أهم بكثير من عددها. كما أن التكوين الدائم أمر لا غنى عنه. ولا بد من إحاطة الشبان باهتمام خاص، إذ هم قوة الحاضر ورجاء المستقبل. وينبغي تشجيع المسيحيين على الالتزام في المؤسسات العامة، لبناء المجتمع .

ثانيا : الشركة الكنسية

 إن التنوّع في الكنيسة الكاثوليكية، بعيدا عن أن يضير بوحدتها، فانه يبرز قيمتها. وأساس الشركة المسيحية هو سر الثالوث الأقدس. والكنيسة هي سر الشركة. وتقوم المحبة في محور هذه الحقيقة: "هذه هي وصيتي: أحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم أنا" (يو 15: 12). ولما كنا نواجه على الدوام تحدّي التعدّدية، فإننا مدعوون إلى اهتداء مستمر، لكي نعبر من عقلية الطائفية إلى الحسّ الحقيقي بالكنيسة.

 أ- شركة داخل الكنيسة الكاثوليكية وبين الكنائس المختلفة (55-56)

إن العلامات الرئيسية التي تُظهِر الشركة داخل الكنيسة الكاثوليكية هي: العماد، والافخارستيا، والشركة مع أسقف روما، خليفة هامة الرسل. وقد حدّدت مجموعة قوانين الكنائس الشرقية الكاثوليكية الجوانب القانونية لهذه الشركة. كما أن مجمع الكنائس الشرقية، والدوائر الرومانية المختلفة، هي أيضا في خدمة هذه الشركة.

وعلى مستوى العلاقات بين الكنائس الشرقية الكاثوليكية، تظهر هذه الشركة من خلال هيئة بطاركة الشرق الكاثوليك. إن رسائلهم الراعوية هي وثائق ذات قيمة كبرى وأهمية راهنة. وفي داخل كل بلد، تتوطد هذه الشركة عِبر مجلس البطاركة والأساقفة، أو مجلس الأساقفة. إنها، بروح الأخوة والتعاون، تدرس المسائل المشتركة، وتقدّم التوجيهات لتقوية الشهادة المسيحية، وتنسّق الأنشطة الراعوية. ومن المحبَّذ أن يتم لقاء يجمع كل أساقفة الشرق الأوسط، بصورة دورية يحدّدها مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك. إن الكنائس ذات الحكم الخاص مفتوحة كلها أمام جميع الكاثوليك، إلا انه ينبغي الحرص بعناية على عدم إبعادهم عن كنيستهم الأصلية.

وتجدر الإشارة كذلك إلى العلاقات بين كنائسنا الشرقية وكنيسة التقليد اللاتيني ("كنيسة الغرب"). إننا نحتاج بعضنا لبعض. نحتاج إلى صلواتها، وتضامنها، وإلى خبرتها الروحية، واللاهوتية، والثقافية، الطويلة والغنية. وهي أيضا في حاجة إلى صلواتنا، والى مثال أمانتنا لتراث أصولنا الغني والمتنوع، والى وحدتنا في التنوع والتعدّد. "إن الكنز القديم والحي لتقاليد الكنائس الشرقية يُغني الكنيسة الجامعة، ولا ينبغي إطلاقا اعتباره حقائق يجب الاحتفاظ بها فحسب" [3]. والشركة بين الكنائس لا تعني أبدا توحيد الشكل، وإنما المحبة المتبادلة، وتبادل الهبات.

ب- الشركة بين الأساقفة والاكليروس والمؤمنين (57-62)

وفي داخل الكنيسة الواحدة، تقوم الشركة على غرار الشركة مع الكنيسة الجامعة ومع أسقف روما. ففي الكنيسة البطريركية، تتجلى في سينودس الأساقفة حول البطريرك، أب ورأس كنيسته. وفي الإيبارشية، تتمّ حول الأسقف، الذي ينبغي عليه أن يسهر على التناغم بين الجميع. وتساعد آليات العمل الجماعي والتنسيق الراعوي على تقوية الشركة. وهى لا يمكن أن تتحقق إلا على أساس الوسائل الروحية، وخاصة الصلاة، والإفخارستيا، وكلمة الله. وعلى الرعاة، والمكرَّسين، والقادة والمسئولين على مستوى الإيبارشية والرعية، مسئولية جسيمة أن يكونوا نموذجا ومثالا للآخرين. ويقدّم لنا هذا السينودس فرصة لمراجعة جادّة لحياتنا، في سبيل اهتداء فعلي. ويستنير موضوعه من مثال الجماعة المسيحية الأولى: "وكان جماعة المؤمنين قلبا واحدا وروحا واحدا".

إن اشتراك المؤمنين العلمانيين في حياة ورسالة الكنيسة هو من المتطلبات الرئيسية للشركة. وقد تخفى التنظيمات الظاهرية واقعا سلبيا أو دورا تنفيذيا بحتا. فلا بد أن يشترك العلمانيون اشتراكا فعليا في التفكير والتقرير والتنفيذ. وبالاتحاد مع الرعاة، يلزم تشجيع مبادراتهم الراعوية الجيّدة والإيجابية، وكذلك التزامهم في خدمة المجتمع.  كما ينبغى تثمين وتوسيع دور المرأة، المكرَّسة والعلمانية،  في الكنيسة. وكذلك يجب أن تأخذ المجالس الراعوية دورها الهام، على صعيد الرعية، والإيبارشية، والوطن. وينبغي على الجمعيات والحركات الرسولية الدُولية، أن تتواءم أكثر مع عقلية وتقاليد وثقافة ولغة الكنيسة والبلد الذي يستقبلها، وأن تعمل في تنسيق تام مع الأسقف المحلي. كما نوصى بقوّة باندماجها في التقليد الشرقي. وينطبق هذا أيضا على الجمعيات الرهبانية ذات الأصل الغربي.

ثالثا : الشهادة المسيحية

 أ- الشهادة في الكنيسة: التعليم المسيحي

1- تعليم مسيحي لوقتنا الحاضر، بواسطة مؤمنين مؤهَّلين جيدا (62-64)

أن يكون المرء مسيحيا يعني أن يكون شاهدا ليسوع المسيح، يحييه و يقوده الروح القدس. فالكنيسة موجودة لكي تشهد لربها. هذه هى بشارتها الأساسية. وتنتقل هذه الشهادة عِبر القدوة، والأعمال، والتعليم المسيحي، وخاصة التنشئة على الإيمان و الأسرار المقدسة.  ويلزم أن تتّجه إلى جميع الأعمار، الأطفال والشباب والبالغين. وبعد إعداد جيد، يمكن أن يقوم بعض الشباب بالتعليم المسيحي لغيرهم من الشباب. كما يمكن أن يشترك بعض الوالدين، بعد إعداد جيد، في مهمة التعليم المسيحي، في إطار الأسرة والرعية. كما أن المدارس الكاثوليكية والجمعيات والحركات الرسولية هى مواضع مميَّزة لتعليم الإيمان.

إن وجود المرشد الروحي بالقرب من الشبان والفئات العُمرية الأخرى، ومساندته لهم، هو عون ثمين للتكوين الديني، يعزّز تطبيق الإيمان على الحياة الواقعية. وفي الرعايا والمؤسسات التربوية والثقافية، ينبغي أن يشغل التكوين الديني مكانا مناسبا، وان يتناول المشاكل الحقيقية والتحدّيات الحالية. ويلزم أن نضمن التكوين الجيد لمربي الإيمان. وبدون شهادة حياتهم، سيظل عمل معلمي الدين عقيما. فإنهم، قبل كل شيء، شهود للإنجيل. ويجب كذلك أن ينمّي التعليم المسيحي القيم الأخلاقية والاجتماعية، واحترام الآخر، وثقافة السلام واللاعنف، وكذلك الالتزام بالعدالة والحفاظ على البيئة. إن تعليم الكنيسة الاجتماعي، الغائب غالبا، هو جزء لا يتجزأ من تربية الإيمان.

2- طرق التعليم المسيحي (65-69)

لا يمكن أن يقتصر التعليم المسيحي اليوم على التلقين الشفهي. ولا بد من استخدام الوسائل الفاعلة. ويحب الأطفال والشباب العمل في مجموعات: ليتورجية، رياضية، موسيقية، كشفية وغيرها. وينبغي عمل مثل هذه المجموعات في الأماكن حيث لا توجد. وإنما يجب الحذر من أن تتحوّل الى مجرد أنشطة اجتماعية، بلا مساحة لتربية الإيمان.       

إن وسائل الإعلام الحديثة وسائل فعالة للغاية، لإعلان الإنجيل والشهادة له.  وتحتاج كنائسنا إلى أشخاص متخصّصين في هذه المجالات. وربما كان علينا أن نشجّع الموهوبين من بينهم، لينالوا التكوين اللازم، ومن ثم نكلفهم بهذا العمل. وفي لبنان، يقدّم صوت المحبة، وبالأكثر تلى لوميير/ نورسات خدمة كبرى للمسيحيين فى منطقتنا، تصل أيضا إلى مختلف القارات. ولقد قامت بلدان أخرى بمبادرات مماثلة. وتحتاج جميعها إلى المساندة والتشجيع.

ويجب أن يضع التعليم المسيحي في عين الاعتبار، مناخ الصراعات الذي يسود بلادنا. فيعمل على تقوية المسيحيين في الإيمان، ويربّيهم على عيش وصية المحبة، ليكونوا صانعي سلام وعدالة وصفح. كما إن الالتزام في الحياة العامة واجب، تفرضه الشهادة ورسالة بناء ملكوت الله. و هذا كله يتطلب التكوين على تخطي الطائفية، والعصبيات، والعداوات الداخلية، لكي نرى وجه الله في كل شخص، وأن نتعاون معا لنبني مستقبلا، يقوم على السلام والاستقرار والرخاء.

ب- ليتورجيا مجدَّدة وأمينة على التقليد (70-75)

إن الليتورجيا "هي القمة، التي يتجه نحوها عمل الكنيسة، وهي في الوقت نفسه الينبوع، الذي تتدفق منه كل قوتها" [4]. وتشغل الليتورجيا مركز الحياة الدينية في كنائسنا الشرقية. إنها تلعب دورا هاما في المحافظة على الهوية المسيحية، وفي تقوية الانتماء إلى الكنيسة، وفي إنعاش حياة الإيمان، وفي جذب اهتمام الذين ابتعدوا عن الإيمان، بل وغير المؤمنين أنفسهم. فهي بالتالي تشكل إعلانا وشهادة هامين، عن كنيسة تصلى، وليس فقط تعمل.

والتجديد الليتورجي مطلوب كثيرا. ومع بقائه متأصلا في التقليد، يجب أن يراعي الحساسية الحديثة، والاحتياجات الروحية والراعوية الحالية. ولا بد من تشكيل لجنة من الخبراء للقيام بمهمة التجديد الليتورجي. كما يتضح أنه يلزم وضع صياغة ملائمة للنصوص الليتورجيّة، في الاحتفالات الطقسية الخاصة بالأطفال والشباب، مستوحاة من التراث الخاص بكل كنيسة.  ومن الضروري أن يقوم بهذا العمل مجموعة أشخاص من مختلف التخصصات. والتجديد الليتورجي مطلوب أيضا للصلوات التقوية. وفي كل هذا العمل الخاص بالتجديد الليتورجي، يجب مراعاة البُعد المسكوني. وموضوع المشاركة في الأسرار موضوع شائك يتطلب دراسة خاصة.

ج- المسكونية (76-84)

"ليكونوا واحدا...حتّى يؤمن العالم" "فليكونوا بأجمعهم واحدا... ليؤمن العالم" (يو 17: 21). هذه الصلاة، التي قالها يسوع المسيح، ينبغي أن يواصلها تلاميذه في كل وقت. فانقسام المسيحيين يضاد إرادة المسيح، ويشكل عثرة للعالم، وعائقا أمام إعلان الإنجيل والشهادة. وترتبط الرسالة و المسكونية ارتباطا وثيقا الواحدة بالأخرى. إن الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية لديها الكثير من العناصر المشتركة، إلى درجة أن الباباوات  بولس السادس ويوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر، تحدّثوا عن " شركة كاملة تقريبا". وهذا هو ما ينبغي أن نركز عليه، أكثر من التركيز على الاختلافات. والمعمودية هي أساس العلاقات مع الكنائس والجماعات الكنسيّة الأخرى. وبفضلها يصبح من الممكن والضروري القيام بالعديد من الأعمال والمبادرات المشتركة. ويجب أن تكون المسكونية ضمن التعليم المسيحي، بشكل واضح وصريح. كما يلزم الامتناع عن أي عمل، أو إصدار أية منشورات ، جارحة أو مزعجة.

ولا بد من بذل مجهود صادق للتغلب على الأحكام المسبَّقة، والتوجه صوب الشركة الكاملة في الإيمان والأسرار والخدمة الرسولية. ويتم هذا الحوار على عدة مستويات. فعلى المستوى الرسمي، يقوم الكرسي ألرسولي بمبادرات مع جميع كنائس الشرق، تشارك فيها الكنائس الشرقية الكاثوليكية. وينبغي أن نجد صيغة جديدة لممارسة "الأولية"، دون التخلي عما هو أساسي في مهمّة أسقف روما [5]. ومن المُحبَّذ، إنشاء لجان محلية للحوار المسكوني. وسوف تساعدنا دراسة تاريخ الكنائس الشرقية الكاثوليكية، وكذلك تاريخ الكنيسة اللاتينية، على توضيح السياق والعقلية والرؤية، المتعلقة بقيامها.

ويتطلب العمل المسكوني سلوكا مناسبا: الصلاة، والاهتداء، والسعي إلى القداسة، وتبادل العطايا، بروح الاحترام، والصداقة، والمحبة المتبادلة، والتضامن، والتعاون. وينبغي اكتساب وتدعيم هذا السلوك، بواسطة التعليم ووسائل الإعلام المتنوعة. والحوار هو الوسيلة الرئيسية للعمل المسكوني. ويتطلب موقفا إيجابيا من التفاهم، والإصغاء، والانفتاح على الآخر. وسوف يساعد ذلك على التغلب على عدم الثقة، وعلى العمل معا في سبيل تنمية القيم الدينية، وعلى المشاركة في مشاريع المنفعة الاجتماعية. وينبغي أن نواجه معا المشاكل المشتركة.

ويلزم تدعيم المبادرات والهيكليّات، التي تعبّر عن الوحدة وتدعمها، كمجلس كنائس الشرق الأوسط، وأسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين. ويُعتبر "تطهير الذاكرة" خطوة هامة في السعي نحو الوحدة الكاملة. كما أن الاشتراك والتعاون في الدراسات الكتابية، واللاهوتية، والآبائية، والثقافية، يعزز روح الحوار، كذلك يمكن القيام بعمل مشترك، لتكوين خبراء في وسائل الإعلام باللغات المحلية. وفى البشارة والرسالة، ينبغي أن نتجنّب بعناية كل أشكال الاستقطاب (الاقتناص)، وكل وسيلة تتعارض مع الإنجيل. ويجب بذل الجهد من أجل توحيد الاحتفال بعيدي الميلاد والفصح.

د- العلاقات مع اليهودية

1- المجمع الفاتيكاني الثاني: الأساس اللاهوتي للعلاقة باليهودية (85-87)

يتناول تصريح المجمع الفاتيكاني الثاني "في عصرنا" علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحية، وفيه تشغل اليهودية مكانا مميَّزا. ويدخل هذا التصريح فى إطار دستورين عقائديين: "نور الأمم" عن الكنيسة، و"كلمة الله" عن الوحي الإلهي. تؤكد الوثيقة الأولى أن شعب العهد القديم نال العهود والمواعيد، وأن المسيح جاء بالجسد من هذا الشعب، الذي يستمر في شعب العهد الجديد، وتعلن صور العهد القديم عن الكنيسة. وتعتبر الوثيقة الثانية العهد القديم بمثابة تمهيد للإنجيل، وجزء لا يتجزأ من تاريخ الخلاص.

2- تعليم الكنيسة الراهن (88 -89)

وعلى أساس هذه المبادئ اللاهوتية، انطلقت مبادرات للحوار، على مستوى الكرسي الرسولي وعلى صعيد الكنائس المحلية. غير إن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني يلقي ظلاله على العلاقات بين المسيحيين واليهود. ولقد عبّر الكرسي الرسولي عن موقفه من ذلك مرات عديدة ، وبالأخص بمناسبة  زيارة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر للأراضي المقدسة عام 2009.

فقد أكد للفلسطينيين حقهم في وطن ذي سيادة، يتمتع بالأمان والسلام مع جيرانهم، داخل حدودٍ مُعترف بها دُوليا [6]. وصرّح أيضاً في مدينة أورشليم، "تُدعى هذه المدينة أمَّ جميع الناس. ويمكن أن يكون للأم العديد من الأبناء، الذين ينبغي عليها أن تجمعهم لا أن تفرّقهم" [7]. وللإسرائيليين تمنّى قداسته أن يعيش الشعبان معا في سلام، كلٌ في وطنه، داخل حدود آمنة، مُعترف بها دُوليا [8]. وقال لرئيس دولة إسرائيل: "ترتكز قضية الأمن الدائم على الثقة، وتتغذى من منابع العدالة والنزاهة، وتترسّخ باهتداء القلوب" [9].        

3- الرغبة في الحوار مع اليهودية والصعوبات التي تعترضه (90 – 94)

ترفض كنائسنا المعاداة للسامية ولليهودية. أما الصعوبات في العلاقات بين الشعوب العربية والشعب اليهودي، فترجع بالأحرى إلى الصراعات السياسية. إننا نميّز بين الواقع الديني والواقع السياسي. ورسالة المسيحيين هى أن أن يكونوا صانعي مصالحة و سلام، قائمَين على العدل لكلا الطرفين. وتوجد مبادرات راعوية محلية للحوار مع اليهودية، كالصلاة المشتركة بالأخص انطلاقا من المزامير، وكذلك قراءة وتأمل نصوص الكتاب المقدس.

ويساعد ذلك على خلق استعدادات طيبة، لكي نطلب معا السلام والمصالحة والعفو المتبادل، والعلاقات الجيّدة. وإنما تنشأ مشكلة عندما تتعرض بعض آيات الكتاب المقدس لتفاسير مضللة، تنبع من "ثقافة العنف"، فتبرّره أو تدعمه. إن قراءة العهد القديم والتعمق في معرفة التقاليد اليهودية تساعد على معرفة أفضل للديانة اليهودية. وهى توفّر مناخا مشتركا لدراسات جادة، كما تساهم في معرفة أفضل للعهد الجديد وللتقاليد الشرقية. وهناك إمكانيات أخرى للتعاون في الواقع الراهن.

ه- العلاقات مع المسلمين (95-99)

وتصريح المجمع الفاتيكاني الثاني "في عصرنا"، يضع كذلك الأساس لعلاقات الكنيسة الكاثوليكية مع المسلمين. ونقرأ فيه: " تنظر الكنيسة بتقدير إلى المسلمين، الذين يعبدون الله الأحد، الحي القيوم، الرحيم والكلي القدرة، فاطر السموات والأرض، الذي كلم الناس" [10]. وبعد المجمع تمّت لقاءات عديدة بين ممثلي الديانتين. ويصرّح البابا بندكتوس السادس عشر في مطلع حبريته: "إن الحوار الديني والحوار بين الحضارات، بين المسيحيين والمسلمين، لا يمكن أن يكون مجرد خيار عابر. إنه في الواقع ضرورة حيوية، يتعلق عليها مستقبلنا إلى حد كبير" [11].

وبعد ذلك، قام قداسة البابا بزيارة المسجد الأزرق في اسطنبول بتركيا (30/11/2006)، ولمسجد الحسين بن طلال في عمّان بالأردن، (11/5/2009). كما يعقد المجلس الحبري للحوار بين الأديان لقاءات حوار ذات أهمية قصوى. ونوصى بإنشاء لجان محلية للحوار الديني. وينبغي أن تُعطى المكانة الأولى لحوار الحياة، الذي يقدّم مِثال شهادة صامتة بليغة، والذي قد يكون أحيانا الوسيلة الوحيدة لإعلان ملكوت الله. إن المسيحيين الذين يقدّمون شهادة إيمان صادقة، هم وحدهم مؤهَّلون لحوار ديني جدير بالثقة. وكم نحتاج أن نربّي مؤمنينا على الحوار.

وهناك أسباب عديدة تدعو إلى خلق علاقات بين المسيحيين والمسلمين. ففى البلد الواحد، الكل مواطنون ، يتقاسمون اللغة نفسها والثقافة عينها، كذلك الأفراح والآلام ذاتها. أضف إلى ذلك، أن رسالة المسيحيين هى أن يكونوا شهودا للمسيح في مجتمعاتهم. ولقد وجد الإسلام، منذ نشأته، جذورا مشتركة مع المسيحية واليهودية، كما أشار قداسة البابا [12]. وينبغي أن نبرز قيمة الأدب العربي المسيحي أكثر فأكثر.

وليس للإسلام شكل واحد، فهناك تعدّدية فقهية، وثقافية، ومذهبية. وتنشأ صعوبات في العلاقات بين المسيحيين والمسلمين، بسبب أن المسلمين عامةً لا يفصلون بين الدين والسياسة. مما يجعل المسيحيين يشعرون وكأنهم ليسوا مواطنين، في حين أنهم أبناء البلاد قبل مجيء الإسلام بكثير. إننا نحتاج إلى اعتراف ينتقل من التسامح إلى العدالة والمساواة، المؤسَّسة على المواطنة، والحرية الدينية، وحقوق الإنسان. هذا هو أساس وضمان التعايش الجيّد.

وعلى المسيحيين أن يعملوا على التجذّر في مجتمعاتهم بصورة أفضل دائما، وعلى عدم الاستسلام لنزعة الانغلاق على الذات بوصفهم أقلية. عليهم أن يعملوا مع الآخرين من أجل تنمية العدالة، والسلام، والحرية، وحقوق الإنسان، والبيئة، وقِيم الحياة والأسرة. وليواجهوا المشاكل الاجتماعية-السياسية، ليس بمثابة حقوق يطالب بها المسيحيون، إنما بمثابة حقوق عالمية، يدافع عنها المسيحيون والمسلمون معا لخير الجميع. يتحتم علينا أن نخرج من منطق الدفاع عن حقوق المسيحيين، لنلتزم بالعمل لخير الجميع. وعلى الشباب أن يولوا اهتمامهم للقيام بأعمال مشتركة في هذا الاتجاه.

وينبغي تنقية الكتب المدرسية من كل الأحكام المسبَّقة على الآخرين، ومن كل تجريح أو تشويه. بل بالأحرى يجب السعي إلى فهم وجهة نظر الآخر، مع احترام المعتقدات والمُمارسات المختلفة. وعلينا أن نبرز المساحات المشتركة، خاصة على الصعيدين الروحي والأخلاقي. إن السيدة العذراء مريم هى نقطة التقاء ذات أهمية عظمى. والإعلان مؤخرا عن عيد البشارة كعيد قومي في لبنان نموذج مشجِّع. فالدين يبنى الوحدة والوئام، ويعبّر عن الشركة بين الأشخاص ومع الله.

و- الشهادة في المجتمع (100 -110)

وهناك تحدّيان أساسيان يجب أن يواجههما معا جميع المواطنين فى بلادنا: السلام والعنف. فحالة الحروب الصراعات التي نعيشها، تولـّد العنف، ويستغلها الإرهاب العالمي. وكثيرا ما يوحِّد الناس بين الغرب والمسيحية، وينسبون خيارات حكوماته إلى الكنيسة. بينما هذه الحكومات هي حاليا علمانية محضة، وتعارض أكثر فأكثر مبادئ الإيمان المسيحي. فمن المهم أن نشرح هذا الواقع، وأن نوضّح معنى العلمانية الإيجابية التي تميّز بين السياسة والدين.

وفي هذه الظروف، على المسيحي الواجب والرسالة أن يعرض وأن يعيش قيم الإنجيل. وأيضا أن يقول الحق في وجه الظلم والعنف. إن أسلوب السلام هو الأسلوب الوحيد الواقعي، لأن العنف لم يجلب سوى الفشل والكوارث. وصناعة السلام تتطلب الكثير من الشجاعة. والصلاة من أجل السلام ضرورية، لأنه قبل كل شيء عطية من الله.

 

1- التباس الحداثة (103-105)

تؤثر الحداثة والعولمة والعلمنة على المسيحيين في مجتمعاتنا. فقد اجتاحت الحداثة مجتمعاتنا كلها، خاصة بواسطة القنوات العالمية للتلفاز والانترنت. ومن هنا جاءت قيم جديدة، وإنما ضاعت قيم أخرى. فهي واقع ملتبَس.  إنها تجذب من جهة، بما تعِد به من الرفاهية، والتحرير من التقاليد، والمساواة، والدفاع عن حقوق الإنسان، وحماية الضعفاء. ومن جهة أخرى، يرى كثير من المسلمين فى الحداثة وجها إلحاديا وغير أخلاقي، وغزوا ثقافيا يحمل تشويشا وتهديدا، لدرجة أن البعض راحوا يحاربونها بكل قواهم.

وتتضمّن الحداثة خطرا أيضا على المسيحيين، إذ تأتى بخطر المادية، والإلحاد العملي، والنسبية، واللامبالاة، فتهدّد عائلاتنا ومجتمعاتنا وكنائسنا. فعلينا، في مؤسَّساتنا التربوية وفي وسائل الإعلام، أن نقوم بتكوين أشخاص قادرين على التمييز، لكي لا يختاروا إلا الأفضل. يجب أن نذكّر بمكان لله في الحياة الشخصية، والعائلية، والكنسية، والمدنية، وأن ننقطع أكثر للصلاة.

2- المسلمون والمسيحيون معا على الطريق المشترك (106-110)

من هنا، فمن واجبنا جميعا،  مسلمين ومسيحيين، بصفتنا مواطنين، أن نعمل معا في سبيل الخير العام. وبالإضافة إلى ذلك، على المسيحيين، بدافع رسالتهم، أن يساهموا في بناء مجتمع يطابق أكثر قِيم الإنجيل، وخاصة العدالة والسلام والمحبة. وبذلك نقتفي مِثال وآثار أجيال من المسيحيين، قاموا بدور أساسي في بناء مجتمعاتهم. وكثيرون منهم كانوا روّادا لنهضة الثقافة والأمة العربية. واليوم أيضا، وبالرغم من عددهم المحدود، فان دورهم معروف ويحظى بالتقدير، خاصة في مجالات التربية، والثقافة، والتنمية الاجتماعية. وينبغي أن نشجّع العلمانيين على مزيد من الالتزام في المجتمع.

تؤكد كافة الدساتير المساواة بين المواطنين. ولكن، في الدول ذات الأغلبية الإسلامية، مع استثناءات قليلة، الإسلام هو دين الدولة، والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وفي بعض البلاد أو في أقسام منها، تُطبَّق الشريعة على جميع المواطنين. وفيما يخص الأحوال الشخصية، تقرّ بعض البلاد الشرائع الخاصة بالطوائف المسيحية، وتعترف السلطات المدنية بمحاكمهم في هذا المجال. وفي بلاد أخرى، تتولى المحاكم الاعتيادية تطبيق الشرائع الخاصة بغير المسلمين. إن حرية العبادة مكفولة، وإنما ليس حرية الضمير. ومع تصاعد الأصولية تزداد  الهجمات على المسيحيين.

ز- إسهام المسيحيين إسهام نوعي ولا غنى عنه (111-117)

إن إسهام المسيحي في مجتمعه إسهام نوعي ولا غنى عنه. فهو بشهادته وأعماله، يثريه بالقِيم التي حملها المسيح للبشرية. وكثير من هذه القِيم يتلاقى مع قِيم المسلمين. ومن هنا إمكانية وفائدة العمل معا على تنميتها. ويجب أن يكوّن التعليم المسيحي المؤمنين ليصبحوا مواطنين فعّالين. ولكن الالتزام الاجتماعي والسياسي الخالي من القيم الإنجيلية، إنما هو شهادة مضادة.

وفي وسط الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، يقدر ويلزم المسيحي أن يقدّم إسهامه الخاص من أجل العدالة والسلام، بأن يشجب كل ألوان العنف، وأن يشجّع الحوار، وأن يدعو إلى المصالحة، المبنية على الصفح المتبادل، بقوة الروح القدس. إنه السبيل الوحيد لخلق واقع جديد. إن إسهام المسيحيين كفيل بأن يشجّع المسئولين السياسيين على اتخاذ هذا القرار. ومن واجب المسيحي أن يعمل أيضا على مساندة الذين يتألمون بسبب أوضاع الصراعات، وأن يعاونهم على فتح قلوبهم لعمل الروح.

ويختلف تطبيق هذه المبادئ ، وفقا لأوضاع كل بلد.  ومن الأساسي أولا تربية المسيحيين على المساهمة في الخير العام، كواجب مقدس. فيعملون مع الآخرين من أجل السلام، والتنمية، وتآلف العلاقات. ويجتهدون فى تنمية الحرية، والمسئولية، والمواطنة، من أجل احترام الفرد لشخصه، وليس من أجل هويته الدينية أو الاجتماعية. ويطلبون أيضا الاعتراف بحقوقهم واحترامها، بالوسائل السلمية.

إن الحب المجاني للإنسان هو أهم شهادة نقدّمها للمجتمع. إننا نعبّر عنه ونعيشه في مؤسساتنا التربوية، والصحّية، والاجتماعية، والخيرية، باستقبال وخدمة جميع الناس، بدون أي تمييز. إن خدمة الآخرين هي العلامة المميِّزة لنا، وليس الانتماء الطائفي. ومهمّتنا الأولى هي أن نعيش الإيمان، وأن نترك أعمالنا تتكلم، أن نعيش الحقيقة، وأن نعلنها بالمحبة، وبشجاعة، وأن نمارس التضامن في مؤسساتنا. وينبغي علينا أن نعيش إيمانا ناضجا، وليس سطحيا، تسانده وتنعشه الصلاة. وتتطلب مصداقيتنا الوئام في داخل الكنيسة، وتعزيز الوحدة بين المسيحيين، وحياة دينية نحياها باقتناع، ونترجمها في حياتنا اليومية. وهذه الشهادة البليغة تتطلب تكوينا ومرافقة دائمين، لكل مِن للأطفال والشباب والبالغين.

 خاتمة

 ما هو مستقبل مسيحيي الشرق الأوسط؟

"لا تخف أيها القطيع الصغير"

أ- أي مستقبل لمسيحيي الشرق الأوسط؟(118-119)

إن الظروف الراهنة التي نعيشها  هى مصدر للصعوبات والقلق. غير أننا، إذ ينعشنا الروح القدس، ويقودنا الإنجيل، نواجهها بالرجاء والثقة البنوية في العناية الإلهية. نحن اليوم "بقية صغيرة". ولكن سلوكنا وشهادتنا كفيلتان بان تجعلا منا حضورا يُحسب له حساب. لقد تولـّد عن الصراعات والمشاكل المحلية فى منطقتنا، وكذلك عن السياسة الدُولية، الاختلال في التوازن، والعنف، والهروب نحو أوطان أخرى. وهذا الواقع نفسه حافز أقوى، يدفعنا إلى أن نقوم بدعوتنا وبرسالتنا للشهادة، في خدمة مجتمعنا.

وأمام تجربة اليأس، يجب أن نتذكر أننا تلاميذ المسيح القائم من بين الأموات، المنتصر على الخطيئة والموت. إنه يكرر على مسامعنا: "لا تخف أيها القطيع الصغير" (لو 12: 32). فبه ومعه ومن أجله، لنا مستقبل! وعلينا أن نأخذه على عاتقنا، بالتعاون مع الناس ذوي الإرادة الصالحة، من أجل حيويّة كنائسنا، وازدهار بلادنا، في العدالة والسلام والمساواة. "فما أعطانا الله روح الخوف، بل روح القوة والمحبة والفطنة" (2 تم 1: 7). ويقودنا إيماننا في الدعوة التي عهد الرب بها إلينا، مدركين انه هو نفسه ملتزم معنا، لنكون صانعي سلام، ونخلق حضارة سلام وحب.

 

ب- الرجاء (120-123)

إن المسيح، الذي وُلد في الأراضي المقدسة، قد جاء بالرجاء الوحيد للبشرية. ومنذ ذلك الحين، ظلّ هذا الرجاء يُنعش ويساند الأشخاص والشعوب المتألمين. ويبقى نبعا للإيمان، والمحبة والفرح، حتى في وسط الصعوبات والتحدّيات، لتكوين شهود للمسيح القائم من بين الأموات، والحاضر دوما في وسطنا. و معه وبه، يمكننا أن نحمل صلباننا و آلامنا. والرجاء يهبنا أيضا القوة لكي نكون "معاونين لله" (1 كو 3: 9)،  فنساهم فى بناء ملكوت الله على الأرض. وبذلك نهيئ مستقبلا أفضل للأجيال القادمة.

ويفرض هذا علينا المزيد من الإيمان، والمزيد من الشركة، والمزيد من الحب. تحتاج كنائسنا إلى مؤمنين شاهدين، على صعيد الرعاة كما على صعيد المؤمنين. ولن تكون كرازتنا بالبشرى السارة مثمرة، ما لم يكن الأساقفة، والكهنة، والرهبان، والراهبات، والعلمانيين، مشتعلين بحب المسيح، ملتهبين بالغيرة ليجعلوه معروفا ومحبوبا.  وكلنا ثقة في أن هذا السينودس لن يكون حَدثا عابرا، وإنما سيسمح حقا للروح القدس أن يحرّك كنائسنا.

ونذكر هنا كلمات قداسة البابا بندكتوس السادس عشر إلى المؤمنين في الأراضي المقدسة يوم 12/5/2009، قال: "إنكم مدعوون إلى أن تكونوا ليس فقط نورا شاهدا للإيمان، وإنما أيضا خميرا للوئام، والحكمة، والتوازن، في حياة مجتمع سادت فيه تقليديا التعدّدية، والتنوّع الإثني، والتعدّد الدينى، وسوف يظل هكذا... هنا يوجد مكان للجميع" [13].

فلنبتهل إلى السيدة مريم العذراء، التي تكرّمها كنائسنا وتحبّها بمقدار كبير، أن تشكل قلوبنا على مثال قلب ابنها يسوع. ولنتقبل دعوتها لنا: "اعملوا كل ما يأمركم به" (يو 2: 5).

________________________________

[1] رسالة بطاركة الشرق الكاثوليك، 1992.

[2] رسالة بطاركة الشرق الكاثوليك، 1991.

[3] بندكتوس 16، الخطاب الخاص بالحركات الكنسية، عمان 9/5/2009.

[4] المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، دستور فى الطقوس المقدسة، 10.

[5] راجع يوحنا بولس 2، الرسالة العامة "ليكونوا واحدًا" 20/5/1995، 95.

[6] راجع بندكتوس 16، حفل الترحيب في بيت لحم 13/5/2009.

[7] بندكتوس 16، القداس الإلهي في أورشليم، 11/5/2009.

[8] راجع بندكتوس 16، الخطاب في مطار تل أبيب، 11/5/2009.

[9] بندكتوس 16الخطاب إلى رئيس دولة إسرائيل، 11/5/2009.

[10] المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، تصريح "في عصرنا"، 3.

[11] بندكتوس 16، لقاء مع ممثلي الجماعات الإسلامية، كولونيا، 20/8/2005.

[12] راجع بندكتوس 16، حوار مع الصحفيين على متن الطائرة، 8/5/2009.

[13] راجع بندكتوس 16، خطاب إلى مسيحيي الأراضي المقدسة، أورشليم 12/5/2009.

 

[ترجمة باللّغة العربيّة من أمانة سرّ سينودس الأساقفة]

[00002-08.06] [NNNNN] [Testo originale: Francese]


 
ملاحظات

- مؤتمر صُحُفيّ

- لقاء صُحُفيّ

- فرق عمل

- نشرة SYNODUS EPISCOPORUM

- تغطية تلفزيونيّة مباشرة

- الأخبار بواسطة الهاتف

- دوام عمل المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ

 

مؤتمر صُحُفيّ

يُعقد أوّل مؤتمر صُحُفيّ حول أعمال السينودس (مع ترجمة فوريّة إلى الإيطاليّة، الإنجليزيّة، الفرنسيّة والعربيّة) اليوم، الإثنين 11 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010، في حوالي الساعة 12:45 في قاعة يوحنّا بولس الثاني في المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ. يقوم بالمداخلات:

- صاحب الغبطة أنطونيوس نجيب، بطريرك الإسكندريّة للأقباط الكلّيّ الطوبى (مصر)، المُقرّر العام

- سيادة المطران بشاره الراعي، مريميّ، أسقف جبيل للموارنة السامي الاحترام (لبنان)

- حضرة الأب فيديريكو لومباردي الجزيل الاحترام، يسوعيّ، مدير المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ، أمين سرّ لجنة الإعلام بحكم المنصب (حاضرة الفاتيكان)

 سيتمّ عقد المؤتمرات الصحفيّة اللاحقة:

- الإثنين 18 تشرين الأوّل /أكتوبر 2010 (بعد تقرير ما بعد المناقشة)

- السبت 23 تشرين الأوّل /أكتوبر 2010 (بعد الرسالة "Nuntius" ولائحة المقترحات النهائيّة)

 يرجى من السادة العاملين في الخدمات السمعيّة البصريّة (مصوّري التلفزيون والتقنيّين) والمصوّرين الصحفيّين مراجعة المجلس الحبريّ لوسائل الإتصالات الإجتماعيّة من أجل الحصول على تصريح بالدخول.

لقاء صُحُفيّ

 بهدف توفير معلومات أكثر إفادةً حول أعمال السينودس، تمّ تنظيم 4 فرق لغويّة للسادة الصحافيّين المعتمدين.

نورد في ما يلي المعلومات حول مكان اللقاء الإعلامي وإسم الملحق الصحافيّ لكلّ فريقٍ لغويّ:

 فريق اللغة الإيطاليّة

الملحق الصحافيّ: حضرة المنسنيور جورجو كوستانتينو الجزيل الاحترام

المكان: قاعة الصحفيّين، المكتب الصحافِيّ للكرسيّ الرسولِِِيّّ

 فريق اللغة الإنجليزيّة

الملحق الصحافيّ: الدكتورة تريسي أليسيا مكّلور المحترمة

المكان: قاعة يوحنّا بولس الثاني، المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ

فريق اللغة الفرنسيّة

الملحق الصحافيّ: السيّدة روميلدا فيرّاوتو المحترمة

المكان: القاعة الزرقاء "Blu" في الطابق الأوّل، المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ

فريق اللغة العربيّة

الملحق الصحافي: الأب المحترم جان مهنّا، مريميّ

المكان: قاعة الاتصالات السلكيّة واللاسلكيّة "telecomunicazioni"، المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ

سيعقد الملحقون الصحفيّون "اللقاءات الصحفيّة" (Briefing) حوالى الساعة 13:30، في الأيّام التالية:

-  الثلاثاء 12 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- الأربعاء 13 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- الخميس 14 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- الجمعة 15 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- السبت 16 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- الثلاثاء 19 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- الخميس 21 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- الجمعة 22 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

يمكن، في بعض الأحيان، أن يَصطَحِب الملحقين الصحفيّين أحد آباء السينودس أو أحد الخبراء.

 سيُعلَن عن أسماء المشاركين وأيّ تغييرات محتملة في التواريخ وساعات الدوام المذكورة أعلاه في أقرب وقت ممكن.

فرق عمل

من المتوقّع تشكيل مجموعة من الصحفيّين المعتمَدين "Pool" للدخول إلى قاعة السينودس، إجمالاً لحضور صلاة افتتاح الجمعيّات العامّة الصباحيّة، في الأيّام التالية:

- الثلاثاء 12 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- الخميس 14 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- الجمعة 15 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- السبت 16 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- الإثنين 18 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- الخميس 21 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

- السبت 23 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010

في مكتب الإعلام والاعتمادات الموجود في المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ (قرب المدخل على اليمين) سيتمّ وضع استمارة التسجيل تحت تصرّف المحرِّرين الذين يريدون المشاركة في المجموعات الصحفيّة.

يُرجى من المصوِّرين الصحفيّين ومصوّريّ التلفزيون مراجعة المجلس الحبريّ لوسائل الاتصالات الاجتماعيّة من أجل المجموعات الصحفيّة.

يُرجى من المشاركين في المجموعات الصحفيّة أن يتواجدوا في تمام الساعة 08:30 في قسم الصحافة، المُعَدّ في الخارج مقابل مدخل قاعة بولس السادس، من حيث سيتمّ اصطحابهم من قِبَل موظّف من المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ (للمحرِّرين) ومن المجلس الحبريّ لوسائل الاتصالات الاجتماعيّة (للمصوِّرين الصحفيّين ومصوّريّ التلفزيون). يُرجى ارتداء ثياب تتلاءم والمناسبة.

 نشرة Synodus Episcoporum

 ستصدر النشرة الإعلاميّة للجنة الإعلام للجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، بعنوان: Synodus Episcoporum، والتي ينشُرُها المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ، بست طبعات لغويّة (متعدّدة اللغات، الإيطاليّة، الإنجليزيّة، الفرنسيّة، الإسبانيّة، والعربيّة)، بعددَين يوميًّا (قبل الظهر وبعد الظهر) أو حسب ما تقتضيه الضرورة.

 سيصدر عدد ما قبل الظهر بعد اختتام الجمعيّة العامّة الصباحيّة، وعدد ما بعد الظهر في الصباح التالي.

 سيتمّ التوزيع للصحفيّين المعتمَدين في قاعة الصحفيّين في المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ.

 ستَنْقُل الطبعة المتعدّدة اللغات مُلخّص المداخلات التي يُعِدُّها آباء السينودس بأنفسهم باللغات التي سيتمّ بها تسليمها للنشر. أمّا الطبعات الخمس الأخرى فستحتوي تباعًا على الترجمات الإيطاليّة، الإنجليزيّة، الفرنسيّة، الإسبانيّة، والعربيّة.

 سيحتوي العدد الثالث من النشرة على عظة الأب الأقدس التي سيُلقيها خلال الاحتفال الرسميّ المشترك بالإفخارستيّا بمناسبة افتتاح الأعمال السينودسيّة في صباح يوم الأحد 10 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010 (سيكون جاهزًا للصحفيّين المعتمَدين عند فتح المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ، تحت الحظر).

سيحتوي العدد الرابع من النشرة على التقارير التي ستُقدَّم في الجمعيّة العامّة الأوّلى صباح يوم الإثنين 11 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010 (والتي ستُبَثّ مباشرة على شاشات التلفزيون في المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ).

التغطيّة التلفزيونيّة المباشرة

 سيتمّ البثّ مباشرةً في المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ على شاشات التلفاز المتواجدة في قاعة الاتصالات السلكيّة واللاسلكيّة، في قاعة الصحفيّين وفي قاعة يوحنّا بولس الثاني وِفق المواعيد التالية:

- الأحد 17 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010 (الساعة 10:00): الاحتفال الرسميّ المشترك بالذبيحة الإلهيّة مع رُتبة إعلان قدّيسين (ساحة القديس بطرس)

- الإثنين 18 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010 (الساعة 9:00): جزء من الجمعيّة العامّة والتي سيُقدَّم خلالها تقرير ما بعد المناقشات (Relatio post disceptationem)

- الأحد 24 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010 (الساعة 9:30): الاحتفال الرسميّ المشترك بالذبيحة الإلهيّة لاختتام السينودس (بازيليك القدّيس بطرس)

الأخبار بواسطة الهاتف

خلال فترة السينودس سيتمّ تشغيل تلفونات إخباريّة لتقديم:

-  698.19 – 06-39 +            النشرة العاديّة للمكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ؛

-  698.84051 – 06-39+       نشرة سينودس الأساقفة الصباحيّة؛

-  698.84877 – 06-39+       نشرة سينودس الأساقفة المسائيّة.

دوام عمل المكتب الصحافيّّّ للكرسيّ الرسوليّّّ

 بمناسبة انعقاد الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، ستكون ساعات دوام المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ، من 8 إلى 24 تشرين الأوّل/أكتوبر 2010، على النحو التالي:

- من يوم الإثنين 11 تشرين الأوّل/أكتوبر حتّى يوم السبت 16 تشرين الأوّل/أكتوبر: من الساعة التاسعة صباحًا وحتّى الرابعة بعد الظهر

- الأحد 17 تشرين الأوّل/أكتوبر (القداس الإلهيّ مع رتبة إعلان قدّيسين): من الساعة التاسعة صباحًا وحتّى الواحدة بعد الظهر

- من يوم الإثنين 18 تشرين الأوّل/أكتوبر حتّى يوم السبت 23 تشرين الأوّل/أكتوبر: من الساعة التاسعة صباحًا وحتّى الرابعة بعد الظهر

- الأحد 24 تشرين الأوّل/أكتوبر (القداس الإلهيّ الاختتاميّ): من الساعة التاسعة صباحًا وحتّى الواحدة بعد الظهر

 سيكون موظفو الاستعلامات والاعتماد (عند المدخل، إلى اليمين) جاهزين للردّ على أيّة استفسارات في المواعيد التالية:

- من الإثنين إلى الجمعة: من الساعة التاسعة صباحًا وحتّى الثالثة بعد الظهر.

- السبت: من الساعة التاسعة وحتّى الثانية بعد الظهر.

 سيتمّ الإعلان عن أيّة تغييرات محتملة في أسرع وقت ممكن، من خلال وضعها في "خزانة العرض" في قاعة الصحفيّين في المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ، في نشرة سينودس الأساقفة للجنة الإعلام للجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط لسينودس الأساقفة، وتحت لائحة "إبلاغات الخدمة" للعنوان الالكترونيّ للكرسيّ الرسوليّ.

 

 

تنبيه للقرّاء

 القواعد المطبّقة في الكتابة

 يرجى الملاحظة بأنّه في الطبعة العربيّة لنشرة سينودوس الأساقفة طُبِّقت قواعد الكتابة التالية، منذ ورود قائمة المشاركين في النسخة المتعدّدة اللغات.

 

في ما يتعلّق بإستخدام حروف الرموز إلى (Sigle) للرهبانيات الدينيّة: إن ّ إستخدام الحروف التي ترمز إلى الرهبانيّات الدينيّة في اللغة العربيّة تُبرز بعض الصعوبات ولذلك في النشرة –التي ليست طبعةً رسميّة، بل أداة عمل للإستخدام الصحافيّ- تمّ إختيار الحلّ الأقل مشقةً والأكثر بساطة. ليس من المعتاد الإشارة إلى الانتسابات إلى الرهبانيّات الدينيّة في العمل الاكاديميّ، لكنّ هذا الحلّ لم يؤخذ به كملائمٍ للنشرة. قد يكون الحلّ بتحديد أسماء الرهبانيّات الدينيّة كاملةً، لكنّ هذه الممارسة قد تكون بعيدةً جدًّا عن الطبعات اللغويّة الأخرى. وعليه، للطبعة العربيّة تقرّر الإستعاضة عن الحروف التي ترمز إلى الرهبانيّات الدينيّة بالإسم المستخدم عامةً (يسوعيّون، ساليزيانيّون، فرنسيسكانيّون، إلخ).

 

في ما يتعلّق بأسماء المشاركين وعناوينهم: لأسماء المشاركين غير العربيّة إتَّبَع تحرير النشرة الطريقة المعتادة في النقل الكتابيّ وفق اللفظ. للأسماءِ ذات الأصل العربيّ  للمشاركين، في غياب النسخة العربيّة لقائمة المشاركين، أُجري بحث منهجيّ من قبل تحرير النشرة. لحوالي 5% من الأسماء العربيّة، التي لم يتمّ الحصول على الإسم الأصلي في العربيّة في حينه، تقرّر إعادة نقل الإسم بالأحرف العربيّة حسب قائمة المشاركين المودعة في النسخة المتعدّدة اللغات بالأحرف اللاتينيّة، للحفاظ على النمط الخطيّ الواحد للطبعة العربيّة.

في غياب النص باللفظ العربيّ، تمّ النقل الحرفيّ (أو إعادة النقل الحرفيّ) لعناوين المشاركين جميعهم، حتى وإن كان ذلك مع بعض الأخطاء.

 

تصحيح الأخطاء

 

في حال تمّ اكتشاف الأخطاء، يُرجى من المعنيّين أن يشيروا إلى تحرير النشرة بالأسماء و/أو العناوين الخاطئة وكتابتها الصحيحة عبر خدمة البريد الإلكتروني (E-mail) إلى: fungogenerale@pressva-fungo.va

يمكن استخدام عنوان البريد الإلكتروني عينه للإشارة إلى الأخطاء المتعقلة بمحتوى النشرة بكامله.

 

 

العودة لِـ:

- فهرس نشرة سينودس الأساقفة – الجمعيّة الخاصّة من أجل الشرق الأوسط – 2010
[متعدّد اللغات، العربيّة، الإنجليزيّة، الفرنسيّة، الإيطاليّة، الإسبانيّة]

- فهرس المكتب الصحافيّ للكرسيّ الرسوليّ
[الإنجليزيّة، الفرنسيّة، الألمانيّة، الإيطاليّة، البرتغاليّة، الإسبانيّة]

 

top