Index   Back Top Print

[ AR  - DE  - EN  - ES  - FR  - IT  - PT ]

صلاة قداسة البابا فرنسيس

في ختام درب الصليب – الكولوسيو 2016

[Multimedia]


 

يا صليب المسيح

 

يا صليب المسيح، رمز المحبة الإلهية والظلم البشري؛ أيقونة التضحية العظمى محبةً بالبشر، وصورة الأنانية القصوى الناتجة عن الجهالة؛ أداة موت ودرب قيامة؛ علامة الطاعة ورمز الخيانة؛ خشبة الاضطهاد وراية الانتصار.

يا صليب المسيح، مازلنا اليوم نراك قائمًا في أخواتنا وإخوتنا الذين يُقتلون، ويُحرقون أحياء، ويُذبحون وتُقطع رؤوسهم بسيوف بربرية وبصمت مخزي.

يا صليب المسيح، مازلنا نراك اليوم في وجوه الأطفال، والنساء والأشخاص، المتعبين والخائفين الذين يهربون من هول الحروب والعنف، وغالبًا ما لا يجدون سوى الموت والعديد من أمثال بيلاطس بأيدٍ مغسولة.

يا صليب المسيح، مازلنا نراك اليوم في معلّمي الحرف لا الروح، الموت لا الحياة، الذين بدلا من أن يعلّموا الرحمة والحياة، يهدّدون بالعقاب والموت ويحكمون على البريء.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في الخدّام غير الأمناء الذين بدلا من أن يتعرّوا من طموحاتهم الفانية يعرّون حتى الأبرياء من كرامتهم.

يا صليب المسيح، مازلنا نراك اليوم في القلوب المتحجّرة، قلوب الأشخاص الذين يحكمون بكل بساطة الآخرين، قلوب جاهزة لإدانة الآخرين حتى الرجم، بدون أن يلاحظوا يومًا ذنوبهم وخطاياهم.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في المذاهب الأصولية وفي إرهاب أتباع بعض الأديان، الذين يدنّسون اسم الله، ويستخدمونه لتبرير عنفهم غير المسبوق.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في أولئك الذين يريدون أن ينزعوك من الأماكن العامة، وأن يُقصوك من الحياة العامة، باسم وثنية علمانية أو حتى باسم المساواة التي علمتنا أنت نفسك إياها.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في أصحاب السلطة، وفي بائعي الأسلحة، الذين يغذّون أتون الحروب بدماء الإخوة البريء، فيقدمون لأبنائهم طعامًا ملطخًا بالدماء.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في الخونة الذين بثلاثين درهم يسلّمون للموت أي شخص.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في اللصوص وفي الفاسدين الذين بدلا من حماية الخير العام والأخلاق، يبيعون أنفسهم في سوق الفجور البائس.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في الحمقى الذين يبنون مخازن لتخزين كنوزٍ مصيرها الزوال، تاركين لعازر يموت جوعًا أمام أبوابهم.

يا صليب المسيح، مازلنا نراك اليوم في الذين يدمرون "بيتنا المشترك" ويفسدون بأنانية مستقبل الأجيال الآتية.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في المُسنّين الذين تخلّى عنهم أقرباؤهم، وفي المعاقين والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والمُبعدين عن مجتمعنا الأناني والمنافق.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في بحرنا الأبيض المتوسط، وفي بحر إيجه، اللذين أصبحا مقبرة لا تشبع، صورة لضميرنا القاسي والمتخدر.

يا صليب المسيح، صورة المحبة اللامتناهية ودرب القيامة، مازلنا ‏نراك اليوم في الأشخاص الطيبين والصالحين الذين يقومون بعمل الخير دون انتظار تصفيق الآخرين وإعجابهم.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في الخدّام الأمناء والمتواضعين الذين يضيئون ظلام حياتنا مثل الشموع التي تذوب بمجانية كي تنير حياة المهمشين.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في وجوه الراهبات والمكرسين -السامري الصالح- الذين يتخلّون عن كل شيء كي يضمّدوا، في صمت إنجيلي، جراح الحِرمان والظلم.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في الرحماء الذين يجدون في الرحمة أسمى تعبير عن العدالة والإيمان.

يا صليب المسيح، مازلنا ‏نراك اليوم في الأشخاص البسطاء الذين يعيشون إيمانهم بفرح، في الحياة اليومية وبحفظٍ بنويٍّ للوصايا.

يا صليب المسيح، مازلنا نراك اليوم في الأشخاص التائبين الذين يعرفون، من أعماق بؤس خطاياهم، أن يصرخوا: يا رب اذكرني في ملكوتك!

يا صليب المسيح، مازلنا نراك اليوم في الطوباويين والقديسين الذين يعرفون كيفية عبور ظلام ليل الإيمان دون أن يفقدوا الثقة فيك ودون ادّعاء فهم سر صمتك.

يا صليب المسيح، مازلنا نراك اليوم في العائلات التي تعيش دعوتها الزواجية بأمانة وبخصوبة.

يا صليب المسيح، مازلنا نراك اليوم في المتطوعين الذين ينجدون بسخاء المحتاجين والمتضررين.

يا صليب المسيح، مازلنا نراك اليوم في المضطهدين بسبب إيمانهم والذين برغم المعاناة يستمرون في تقديم شاهدة أصيلة ليسوع وللإنجيل.

يا صليب المسيح، مازلنا نراك اليوم في الأشخاص الحالمين، الذين يعيشون بقلوب الأطفال ويعملون كل يوم لجعل العالم مكانا أفضل، أكثر إنسانية وأكثر عدلا.

فيك أيها الصليب المقدس نرى الله الذي يحب للغاية، ونرى الكراهية التي تتملك قلوب وعقول أولئك الذين يفضلون الظُلمة على النور، وتصيبها بالعمى.

يا صليب المسيح، يا فُلك نوح الذي خلص البشرية من طوفان الخطيئة، خلصنا من الشر ومن الشرير! يا عرش داود وختم العهد الإلهي والأبدي، خلصنا من إغراءات الأمور الباطلة! يا صرخة المحبة، أقم فينا الرغبة لله، وللخير وللنور.

يا صليب المسيح، علّمنا أن فجر الشمس أقوى من ظلمة الليل. يا صليب المسيح، علّمنا أن انتصار الشر الظاهري سيتبخر أمام القبر الفارغ وأمام يقين القيامة ومحبة الله التي ما من شيء يمكنه أن يهزمها أو يحجبها أو يضعفها. أمين!

 



Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana