Index   Back Top Print

[ AR  - DE  - EN  - ES  - FR  - IT  - PL  - PT ]

الزيارة الرسوليّة إلى قبرص واليونان

المؤتمر الصحفي أثناء رحلة العودة من أثينا إلى روما

الإثنين 6 كانون الأوّل/ديسمبر 2021

[Multimedia]

_______________________________________

 

ماتيو بروني

صباح الخير، صاحب القداسة! صباح الخير، وشكراً لك لأنّك قدت خطواتنا في هذه الأيام وجعلتنا نلمس لمس اليد ما سميته بـ”الجراح“. وشكراً أيضًا لأنك تتيح لنا بأن نتكلّم عن ذلك معًا. شكراً

البابا فرنسيس

صباح الخير، وشكرًا! خشيتُ ألّا يتمّ اللقاء بسبب التأخير، لكنّه تمّ. شكراً جزيلًا. سأستمع إلى أسئلتكم.

ماتيو بروني

شكراً صاحب القداسة. السؤال الأوّل (Constandinos Tzindas) لكوستاندينوس تسينداس من التلفزيون القبرصي.

كوستاندينوس تسينداس (CYBC)

صاحب القداسة، شكرًا على هذه الفرصة، شكرًا على زيارتك لقبرص واليونان. إنّ ملاحظاتك القويّة بشأن الحوار بين الأديان (المسكوني)، أكان في قبرص أم في اليونان، أثارت توقعات محفّزة على الصعيد الدولي. يقولون إنّ طلب المغفرة هو أصعب الأمور التي يمكن عملها. وقد قمتَ بذلك بطريقة رائعة. ماذا تنوي أن تفعل في الفاتيكان من أجل توحيد المسيحيّة الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة. هل ثمة برنامج لعقد سينودس؟

كوننا سينوديين هو جوهر المسيحيّة، التي تستمد جذورها من الثالوث الأقدس، وتظهر في الصوت المشترك للكنيسة في العالم. اليوم، في بيئة معولمة فقدت إنسانيتها، كنيسة موحدة فقط، يمكن أن تكون ناجعة. إنّ القديس يوحنا الذهبي الفم، كما قلتَ، هو مثال على التفاعل بين الفكر اليوناني والمسيحيّة، وقد قال إنّه ”من وجهة النظر البشريّة، الكنيسة هي إكليروس وعلمانيون، بينما بالنسبة إلى الله نحن كلنا قطيعُه“.

لقد طلبتَ من جميع المسيحيين، مع البطريرك المسكوني برتلماوس، بالاحتفال في العام ٢٠٢٥ بمرور سبعة عشر قرنًا بعد أوّل سينودس مسكوني في نيقيا. هل ثمة خطوات في هذا الاتجاه؟

أخيراً – أعتذر على السؤال الطويل لكنّه يدخل في روح الزيارة – لقد عبّر الاتحاد الأوروبي مؤخرًا عن نظرة: أي تغيير عبارة ”عيد ميلاد مجيد“ بعبارة ”إجازات سعيدة“، لأنّ الأشخاص لا يدركون أنّ المسيحيّة ليست أيديولوجيّة، بل هي خبرة حياة تهدف إلى مرافقة الناس من الزمن الفاني إلى الأبديّة. وأنا موجود لأن رفيقي يمكن أن يكون هو أيضًا موجودًا. إنّه مفهوم ال”نحن“، لا الـ”أنا“.  شكراً جزيلًا صاحب القداسة.

البابا فرنسيس

نعم شكرًا. لقد اعتذرتُ، اعتذرتُ أمام إيرنونيموس، أخي إيرونيموس. تقدّمتُ بالاعتذار على كلّ الانقسامات الموجودة بين المسيحيين، خصوصًا تلك التي تسبّبنا بها نحنُ الكاثوليك. أردتُ الاعتذار ناظراً إلى حرب الاستقلال. لقد لفت إيرونيموس انتباهي إلى ما حدث: إنّ جزءًا من الكاثوليك قام بالاصطفاف إلى جانب الحكومات الأوروبيّة كي لا تنال اليونان استقلالها. لكن في الجزر، قام السكان الكاثوليك بدعم الاستقلال، وخاضوا الحرب، ومن بينهم من ضحوا بحياتهم من أجل الوطن. لكن ”الوسط“ كان منحازاً لأوروبا في تلك الفترة. لقد اعتذرت أيضًا على شك ومعثرة الانقسام، أقلّه ذلك الذي نحن مسؤولون عنه. روح الاكتفاء الذاتي. تُكمّ الأفواه عندما نشعر أنّه يجب علينا أن نعتذر. من الجيد أن نفكّر أن الله لا يتعب أبدًا من المغفرة، أبداً. نحن الذين نتعب من طلب المغفرة، وعندما لا نطلب المغفرة من الله، نجد صعوبة في طلبها من الإخوة. أن نطلب المغفرة من أخ أصعب من طلبها من الله. لأنّنا نعلم أنّ الله يقول لنا ”اذهب، اذهب، لقد سامحتك“. أمّا فيما يتعلق بالإخوة فهناك الخجل والتواضع. لكن في عالم اليوم ثمة حاجة إلى موقف التواضع والاعتذار. الكثير من الأمور تحصل في هذا العالم، العديد من الأشخاص يموتون، وكثيرةٌ هي الحروب. كيف يسعنا ألّا نعتذر؟

بالعودة إلى هذا الموضوع، أردتُ أن اعتذر على الانقسامات، أقلّه تلك التي تسبّبنا بها نحن. بالنسبة للقضايا الأخرى على المسؤولين أن يفعلوا ذلك، لكني أطلب المغفرة على أخطائنا. وأيضّا فيما يتعلّق بالحرب، عندما انحاز جزء من الكاثوليك مع الحكومة الأوروبيّة، أمّا الكاثوليك من سكان الجزر، فذهبوا إلى الحرب للدفاع (عن وطنهم). لا أعرف هل هذا يكفي.

وثمة اعتذار أخير على شيء آخر، ينبع من القلب: على معثرة وشك مأساة المهاجرين، على الشك بسبب العديد من الأرواح الذين ماتوا غرقًا في البحر.

ماتيو بروني

السؤال الثاني يتعلّق بالسينودس. لقد كتب أنّ ”الكنيسة هي الجمع بين، بتعابيرنا البشريّة الكنيسة هي إكليروس وعلمانيون، أما أمام الله فنحن قطيع واحد“.

البابا فرنسيس

نعم إنّنا قطيع واحد، هذا صحيح. إنّ الانقسام بين الإكليروس والعلمانيين هو انقسام وظيفي، مؤهلات، لكن ثمة وَحدة. ثمة قطيع واحد. والديناميكيّة بين الاختلافات داخل الكنيسة الواحدة هي السينوديّة: أي الإصغاء بعضنا إلى بعض، والسير معًا. كلمة ”سينودس“ تعني السير معًا. هذا هو معنى السينوديّة. وكنائسكم الأرثوذكسيّة، وكذلك الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة، حافظت على ذلك. بيد أن الكنيسة اللاتينيّة نسيت السينودس، حتى جاء القديس بولس السادس ليُعيد المسيرة السينوديّة، قبل أربع وخمسين أو ست وخمسين سنة. ونحن الآن نقوم بمسيرة كي نعتاد على السينودية، على السير معًا.

ماتيو بروني

السؤال الأخير يتعلّق بالميلاد، ويقول: أيُعقل ألّا يُدرك الناس أنّ المسيحيّة ليست أيديولوجية، بل خبرة حياة؟ يريدون إلغاء (الميلاد).

البابا فرنسيس

لقد تطرقتَ إلى وثيقة الاتحاد الأوروبي بشأن الميلاد. هذا رجوع إلى الوراء في الزمن. لقد حاولت العديد من الأنظمة الدكتاتوريّة من قبل أن تفعل ذلك على مرّ التاريخ. فكّر في نابوليون. وفكّر أيضًا في الدكتاتورية النازيّة، وكذلك الشيوعيّة. واليوم هي ”موضة“ العلمنة المخفَّفة، مثل مياه مقطرة. كلّ هذه المحاولات لم تنجح على مرّ التاريخ. وهذا يجعلني أفكّر في شيء أعتقد أنّه مهم، عندما نتحدث عن الاتحاد الأوروبي: على الاتحاد أن يستعيد مُثل الآباء المؤسسين، التي كانت مُثل وَحدة وسمو، ويجب أن ينتبه الاتحاد حتى لا يفسح المجال لاستعمارات أيديولوجيّة. هذا الأمر قد يؤدي إلى تقسيم البلدان، وإلى إفشال الاتحاد الأوروبي. على الاتحاد الأوروبي أن يحترم بنية كلّ بلد في داخله. تنوّع البلدان، وليس التسوية بينها بإزالة خصوصياتها. أنا أعتقد أنّه لن يفعل ذلك، وليس هذا هو القصد، لكن لا بد من التنبّه، لأنّه أحيانًا تُطرح مشاريع مثل هذه، ثم لا يعرفون ماذا يفعلون... لا، لكلّ بلد خصوصيته، لكن كلّ بلد منفتح على البلدان الأخرى. الاتحاد الأوروبي: سيادتُه، سيادة الأخوة في إطار وَحدة تحترم خصوصيّة كلّ بلد. ولا بد من التنبّه كي لا نكون قنوات للاستعمارات الأيديولوجيّة. لذا إنّ مسألة عيد الميلاد هي عودة إلى الوراء في الزمن.

ماتيو بروني

شكرًا صاحب القداسة. السؤال الثاني – أو الثالث – هو لإيليانا ماغرا من ”كاتيريميني“. وهي صحيفة يونانية.

إيليانا ماغرا (Kathimerini)

صباح الخير أيّها الأب الأقدس، شكرًا على زيارتك لليونان. لقد تحدّثت في القصر الجمهوري في أثينا عن تراجع الديمقراطية في العالم وخصوصًا في أوروبا... 

ماتيو بروني

(يترجم للبابا) لقد تحدثت عن الديمقراطيّة التي تتراجع، وتنحسر...

إيليانا ماغرا

هل يمكنك أن تقول المزيد عن هذا الموضوع، وإلى أي بلد أردت أن تشير؟ ماذا تقول للزعماء وللناخبين من اليمين المتطرف في أوروبا، الذين يقولون إنّهم مسيحيون متعبدون وفي الوقت نفسه يروجون لقيّم وسياسات غير ديمقراطية؟

البابا فرنسيس

نعم، إنّ الديمقراطية كنز، إنّها كنز حضارة ينبغي الحفاظ عليه، ينبغي الحفاظ عليه. لا الحفاظ عليه من قبل هيئة عليا، بل بين البلدان نفسها، لا بد من الحفاظ على ديمقراطية الآخرين. إنّي أرى اليوم ربما خطرين محدقين بالديمقراطيّة: أحدهما هو خطر الشعبوية، الموجودة هنا وهناك والتي أخذت تكشف عن مخالبها. إنّي أفكر في شعبوية كبيرة في القرن العشرين: النازيّة. النازيّة كانت شعبوية تدافع عن القيّم الوطنيّة، حسبما كانت تقول، لكنّها تمكنت من القضاء على الحياة الديمقراطية، ومع موت الناس، تحوّلت إلى دكتاتوريّة دامية. بما أن سؤالك يتعلق بالحكومات اليمينيّة، أنا أقول اليوم إنّه لا بد من التنبّه كي لا تسير الحكومات – يمينية كانت أم يسارية – في طريق الشعبوية، أو ما يُسمى سياسيًا بـ”الشعبوية“ والتي لا تمت بصلة إلى الشعبية التي هي تعبير حرّ عن الشعوب، التي تظهر بهويتها، وفولكلورها، وقيمها وفنّها، وهكذا تستمر. إنّ الشعبوية شيء، والشعبية أو خدمة الشعب شيء آخر. بالشعبوية تضعف الديمقراطية، تدخل في مسار من التراجع البطيء، ويضحى بالقيم الوطنية، وتضمحل لصالح كلمة قبيحة  –لا أريد أن أقولها لكني لا أجد غيرها  –ألّا وهي ”الإمبراطورية“، أي عبارة عن حكومة فَوقَ القوميّة، وهذا أمر ينبغي أن يحملنا على التفكير. يجب ألّا نقع في الشعبوية، حيث الكلام باسم الشعب، لكن الشعب غائب. فهي دكتاتورية الـ”نحن ونحن الآخرين“، - فكّر في النازيّة -، ومن جهة أخرى يجب ألّا تذوب الهويات الخاصة ضمن حكومة دولية. ثمة رواية كُتبت عن هذا الموضوع في العام ١٩٠٣، يمكن أن تقول إنّ هذا البابا عتيقٌ جدًا في الأدب! الرواية من تأليف الأديب الإنجليزي بنسون، الذي كتب رواية عنوانها ”سيد الأرض“ أو ”سيد العالم“  – للرواية عنوانان  –وتحلم بمستقبل توجد فيه حكومة دولية، تتبع إجراءات اقتصادية وسياسية وتحكم باقي البلدان. ويقول (الكاتب) إنّه عندما تنشأ هذه الحكومة أو هذا النوع من الحكومات تُفقد الحرّيّة ويتمّ السعي إلى تحقيق المساواة بين الجميع، هذا يحصل عندما تكون هناك قوّة عظمى تفرض المواقف الثقافيّة، والاقتصاديّة، والاجتماعيّة على البلدان الأخرى. تضعف الديمقراطية، نعم، نتيجة خطر الشعبوية التي ليست ”الشعبية لخدمة الشعب“  – الشعبية، أمر جميل. وثمة خطر في ربط كلّ هذا بقوى دوليّة: الاقتصاد والثقافة، إلخ. لا أدري، هذا ما أفكرُ فيه، لست خبيرًا في العلوم السياسيّة، أقول ما أراه مناسبًا.  

ماتيو بروني

شكرًا قداسة البابا. السؤال الثالث هو لمانويل شفارتس من Dpa (Deutsche Presse-Agentur) وكالة الأنباء الألمانيّة.

مانويل شفارتس Deutsche Presse-Agentur

الأب الأقدس، قبل كلّ شيء شكرًا على سماحكم لنا بالذهاب معكم في هذه الزيارة الهامة. الهجرة هي موضوع محوري لا فقط في البحر المتوسط بل وأيضًا في مناطق أخرى من أوروبا، وفي المقام الأوّل في أوروبا الشرقيّة هذه الأيام حيث الكثير من الأسلاك الشائكة كما أسميتموها، وأيضًا هناك أزمة بيلاروسيا. ماذا تتوقعون من بلدان هذه المنطقة، من بولندا على سبيل المثال وأيضًا من روسيا. وماذا تتوقعون من دول أخرى هامة في أوروبا مثل ألمانيا والتي ستكون فيها الآن حكومة جديدة عقب حقبة أنجيلا ميركل؟

البابا فرنسيس

حول أولئك الأشخاص الذين يمنعون الهجرة أو يغلقون الحدود – إنّها موضة الآن بناء الجدران ووضع الأسلاك الشائكة، حتى الأسلاك الشائكة الحلزونية، الإسبان يعرفون ما يعني هذا، اعتادوا القيام بهذه الأمور لمنع الدخول. أوّل ما أقوله، لو كان أمامي أحد الحكام: "فلتفكر في الزمن الذي كنتَ أنت فيه مهاجرًا ولم يدعوك تدخل، حين أردتَ أنت الفرار من أرضك، والآن أنت مَن يشيد الجدران". مَن يشيد الجدران يفقد حس التاريخ، تاريخه، حين كان عبدًا لبلد آخر. ليست لدى الجميع هذه الخبرة ولكنْ جزء كبير على الأقل ممن يبنون الجدران مرّوا بهذه الخبرة: كانوا عبيدًا. يمكنك أن تقول لي: "لكن الحكومات عليها واجب الحكم، وحين تأتي موجة مهاجرين بهذا الشكل لا يمكنها أن تحكم". سأقول: "على كلّ حكومة أن تقول بوضوح: "يمكنني استقبال هذا العدد"، لأنّ الحكام يعلمون العدد الذي بإمكانهم استقباله. إنّه حقّ لهم، هذا صحيح. إلّا أنّ المهاجرين يجب استقبالهم ومرافقتهم وتعزيزهم ودمجهم. وإن كانت حكومة لا يمكنها عمل هذا فعليها الحوار مع الآخرين كي يهتم الآخرون بهذا، كلُّ منهم. ولهذا فإنّ الاتحاد الأوروبي هام، لأنّ الاتحاد الأوروبي قادر على التنسيق بين الحكومات كافة لتوزيع المهاجرين. ولكن فلنفكّر في قبرص، فلنفكّر في اليونان، فلنفكّر في لامبيدوزا، فلنفكّر في صقلية: يأتي المهاجرون وليس هناك أي تنسيق بين جميع دول الاتحاد الأوروبي لإرسال بعضهم إلى مكان وآخرين إلى مكان آخر. هناك غياب لمثل هذا التنسيق العام.

ثم هناك الكلمة الأخيرة التي قلتُها: الدمج. يجب استقبال المهاجرين، مرافقتهم وتعزيزهم ودمجهم، لماذا؟ لأنّ المهاجر إن لم تدمجه ستكون له مواطَنة الساكن في غيتو. أعطي مثلًا – لا أدري إن كنت قد قلتُ هذا في الطائرة يومًا ما – المثال الذي يؤثر في بشكل أكبر هو مأساة زافينتيم Zaventem، الشبان الذين قاموا بمجزرة المطار كانوا بلجيكيين لكنّهم أبناء مهاجرين محصورين في غيتو، غير مندمجين. إن لم تدمج المهاجر بالتربية والعمل والرعاية فإنك تخاطر بأن يكون لديك ”مقاتل غير شرعي“، شخص يفعل مثل هذه الأشياء. ليس سهلًا استقبال المهاجرين، ليس سهلًا حلّ مشكلة المهاجرين، ولكن إن لم نحلّ مشكلة المهاجرين فإنّنا نجازف بجعل الحضارة تغرق. اليوم في أوروبا، حسبما تسير الأمور، لا يغرق فقط المهاجرون في المتوسط، بل حضارتنا. ولهذا فمن الضروري أن يتفق ممثلو الحكومات الأوروبية. بالنسبة لي كانت السويد نموذجًا، في وقتها، للدمج، للاستقبال والدمج، فقد استقبلت جميع المهاجرين من أمريكا اللاتينيّة من الدكتاتوريات العسكرية من تشيلي، الأرجنتين، أوروغواي، البرازيل - استقبلتهم ودمجتهم. اليوم كنت في مدرسة في أثينا، نظرت وقلت للمترجم: "أنظر، هناك، واستعملت كلمة عامة، هناك ”سلطة“ من الثقافات، الجميع ممتزجون. فأجابني: "هذا هو مستقبل اليونان". الدمج. النمو في الدمج. هذا أمر هام.

ثمّ إنّ هناك مأساة أخرى أريد أن أشدّد عليها: حين يسقط المهاجرون، قبل الوصول، في أيادي المتاجرين الذين يأخذون منهم كلّ ما لديهم من مال ويحملونهم على القوارب. حين تتمّ إعادتهم يأخذهم هؤلاء المتاجرون. في الدائرة الخاصة بالمهاجرين (الدائرة المعنية بالتنمية البشرية المتكاملة - قسم المهاجرين واللاجئين) هناك أفلام تصوّر ما يحدث في تلك الأماكن التي يذهب إليها المهاجرون العائدون. وكما أنّه لا يمكن استقبالهم ثم تركهم، لأنّ علينا مرافقتهم ودعمهم ودمجهم، كذلك، إن أعدنا المهاجر يجب علينا أن نرافقه وندعمه وندمجه في بلده، لا أن أتركه على الساحل الليبي. هذه قسوة. وإن أردتم معرفة المزيد حول هذا فاسألوا دائرة المهاجرين التي لديها هذه الأفلام. هناك أيضا فيلم ـ تعرفونه بالتأكيد حول ”Open Arms“، إنّه رومانسي بعض الشيء لكنّه يرينا واقع مَن يغرقون. إنّه شيء مؤلم. إنّنا نخاطر بالحضارة، نخاطر بالحضارة.

ماتيو بروني

شكرًا لقداستكم. الآن سؤال من الصحفيين الناطقين بالفرنسية، ستطرح السؤال التالي السيدة سيسيل شامبرو من ”لوموند“.

سيسيل شامبرو من لوموند (بالإسبانية)

الأب الأقدس، أطرح السؤال بالإسبانية من أجل الزملاء. الخميس لدى وصولنا إلى نيقوسيا علمنا بأنّكم قبلتم استقالة رئيس أساقفة باريس المطران أوبيتي. هل لكم أن تشرحوا لنا لماذا، ولماذا بهذه السرعة؟ السؤال الثاني: من خلال عمل لجنة مستقلة حول الاعتداءات الجنسية اعترف مجلس أساقفة فرنسا بأنّ لدى الكنيسة مسؤولية مؤسساتية إزاء معاناة آلاف الضحايا. يدور الحديث أيضًا عن بُعد نظامي لهذا العنف. ما رأيكم في تصريح الأساقفة الفرنسيين هذا؟ وماذا يمكن أن يعنيه بالنسبة للكنيسة الجامعة؟ السؤال الأخير: هل ستستقبلون أعضاء هذه اللجنة المستقلة؟

البابا فرنسيس

سأبدأ بالسؤال الثاني ثم نعود إلى الأوّل. حين تُجرى مثل هذه الدراسات علينا أن ننتبه إلى التحليل الذي يجب أن يتمّ حسب الفترات الزمنية. حين تتم دراسة فترة بمثل هذا الطول يكون هناك خطر الخلط في كيفية الرؤية وفهم المشكلة التي حدثت في حقبة سابقة، بعضها يسبق بعضها ب ٧٠ سنة. أريد فقط أن أقول هذا كمبدأ. إن وضعًا تاريخيًا يجب أن يُدرك بحسب زمنه، وليس بحسب تفسيراتنا اليوم. على سبيل المثال العبودية، نحن نقول ”إنّها وحشية“. وبعد ١٠٠ سنة أو ٧٠ سنة مضت نقول ”إنّها وحشية“. إلّا أنّ الناس أنفسهم في ذلك العصر كيف كانوا يفهمون ذلك، كان عيشهم لهذه المشاكل مختلفًا. على سبيل المثال فيما يتعلق بالاعتداءات في الكنيسة، التغطية هي الأسلوب المستخدَم - مع الأسف – وكذلك في العائلة. اليوم أيضًا في عدد كبير من العائلات، في الأحياء، هناك محاولة التغطية. نحن نقول "لا، لا يصلح هذا، يجب أن نكشف". ولكن يجب دائمًا أن نفهم حقبة زمنية بحسب ما كان يفهمها الناس في ذلك الزمن، وليس بحسب ما نفهمه نحن اليوم. هذا الشيء الأوّل. موقع إنديانابوليس الشهير مثلًا والذي دمر بسبب تفسير خاطئ. كانت هناك أمور بعضها حقيقي، وغيرها غير حقيقي، وتداخلت الفترات. ولهذا من التمييز بين العصور.

فيما يختص بالتقرير، لم أقرأه، ولا استمعت إلى تعليقات الأساقفة الفرنسيين. لا، لا أدري كيف أجيب، بصراحة. سيأتي الآن الأساقفة الفرنسيون خلال هذا الشهر، وسأسألهم أن يشرحوا لي الأمر.

السؤال الأوّل، حول أوبيتي. أنا أتساءل: ماذا فعل أوبيتي من شيء بهذه الخطورة حتى يضطر إلى تقديم استقالته؟ ماذا فعل؟ فليجبني أحد ما.

سيسيل شامبرو

لا أعلم. لا أعلم.

البابا فرنسيس

إن كنّا لا نعرف الاتهام فلا يمكننا أن ندين. ما هي التهمة؟ من يعرف هذا؟ (لا أحد يجيب). هذا أمر سيء.

سيسيل شامبرو

قد تكون قضية إدارة (الأبرشية) أو شيء آخر، لا نعرف.

البابا فرنسيس

قبل أن أجيب أقول: فلتُجرى التحقيقات. فلتُجرى التحقيقات. لأنّ هناك خطر القول: "لقد تمت إدانته". ولكن مَن أدانه؟ "الرأي العام، الثرثرة...". ولكن ماذا فعل؟ "لا نعلم... شيئًا ما...". إن كنتم تعلمون، قولوا. في حال العكس لا يمكن أن أجيب. وأنتم لن تعرفوا لماذا، لأنّه كان هناك من جانبه تقصير، تقصير إزاء الوصية السادسة، ولكن ليس تقصيرًا جسيمًا بل ملاطفات بسيطة ورسائل أرسلها: هكذا يقول الاتهام. هذه خطيئة، ولكنّها ليست من الخطايا الأكثر جسامة، لأنّ خطايا الجسد ليست الأكثر جسامة. الخطايا الأكثر جسامة هي تلك التي لديها وجه ”ملائكي“: الكبرياء، والكراهية. هذه أكثر جسامة. وهكذا فإنّ أوبيتي هو خاطئ مثل ما أنا خاطئ. لا أدري إن كنتِ تشعرين بنفسك هكذا، ربما... مثلما كان بطرس، الأسقف الذي أسس عليه المسيح الكنيسة. كيف قبلت جماعة تلك الفترة بأسقف خاطئ؟ ولقد كانت هذه من الخطايا المليئة بـ ”الملائكية“، فقد أنكر المسيح. ولكن كانت تلك كنيسة عادية، كانت معتادة أن تشعر بنفسها خاطئة دائمًا، الجميع. كانت كنيسة متواضعة. نرى أنّ كنيستنا ليست معتادة أن يكون لديها أسقف خاطئ، ونتظاهر بانّنا نقول ”إنّ أسقفي قديس“. لا، هذا مثل قصة ”القبعة الحمراء“. جميعنا خطأة. ولكن حين تنمو الثرثرة، وتنمو وتنمو، وتنزع عن الشخص سمعته الجيدة، لن يمكن لهذا الشخص أن يحكم، لأنّه فقد صيته لا بسبب خطيئته، والتي هي مثل خطيئة بطرس، مثل خطيئتي، مثل خطيئتك، إنّها خطيئة، بل بسبب ثرثرة الأشخاص المسؤولين الذين يروون أمورًا. إنّ شخصًا نزعوا عنه سمعته بهذا الشكل، على الملأ، لا يمكنه أن يحكم. وهذا ليس عدلًا. لهذا قبلت استقالة أوبيتي، لا بسبب الحقيقة بل بسبب الرياء. هذا ما أريد أن أقول. شكرًا.

ماتيو بروني

شكرًا قداسة البابا. لدينا ربما بضع دقائق بعد لسؤال أخير من فيرا شيرباكوفا من وكالة تاس.

البابا فرنسيس

آه! حسنًا، خليفة اليكسي بولغاكوف... كان ماهرًا...

فيرا شيرباكوفا

نعم، وأنا أفتقده كثيرًا، أقول هذا دائمًا. شكرًا جزيلًا أيّها الأب الأقدس لموقفك من بولغاكوف الذي هو إرث لروسيا ولوكالتنا. أردت أن أسأل ما يلي: لقد التقيتم خلال هذه الزيارة رؤساء الكنائس الأرثوذكسيّة، وقلتم كلمات جميلة جدًا حول الشركة وإعادة الوَحدة. متى سيكون إذاً لقاؤكم القادم مع البطريرك كيريل؟ ما هي المشاريع المشتركة مع الكنيسة الروسية؟ وما المصاعب التي تجدونها ربما في مسيرة التقارب هذه؟ شكرًا.

البابا فرنسيس

شكرًا. إنّه سؤال جميل.

اللقاء مع البطريرك كيريل هو في أفق ليس بعيدًا. أعتقد أنّ الأسبوع القادم سيأتيني هيلاريون للاتفاق على لقاء محتمل لأنّ البطريرك عليه أن يسافر، لا أدري إلى أين... إلى فنلندا، ولكنّي لست واثقًا. أنا على استعداد دائمًا، أنا مستعد أيضًا للذهاب إلى موسكو. للحوار مع أخ ليست هناك بروتوكولات، الأخ هو أخ، قبل أية بروتوكولات. وأنا مع الأخ الأرثوذكسي - أكان اسمه كيريل أو خريزوستوموس أو إيرونيموس  –إنّه أخ  –نحن إخوة ونقول الأمور وجهًا لوجه. نحن لا نجامل ونقول ما لا نعنيه، لا، إنّنا نقول الأمور وجهًا لوجه ولكن مثل الأخوة. من الجميل رؤية الأخوة يتجادلون، هذا جميل جدًا لأنهّم ينتمون إلى الأم عينها، الأم الكنيسة، لكنّهم منقسمون بعض الشيء، بعضهم بسبب الإرث، وآخرون بسبب التاريخ الذي فرق بينهم... ولكن علينا السير معًا والسعي إلى العمل والسير في الوَحدة من أجل الوَحدة. أنا ممتن لإيرونيموس وخريزوستوموس ولجميع البطاركة الذين لديهم تلك الرغبة في السير معًا. الوَحدة... اللاهوتي الأرثوذكسي الكبير زيزيولاس يدرس الإسكاتولوجيا، وقال في إحدى المرات مازحًا إنّ الوَحدة سنجدها في الآخرة، هناك ستكون الوَحدة. ولكن هذا تعبير مجازي. لا يعني هذا أنّه علينا البقاء بلا حراك بانتظار أن يتفق اللاهوتيون، لا. هذه جملة يقولون إنّ أثيناغوراس قالها لبولس السادس: "لنضع اللاهوتيين جميعًا في جزيرة ونذهب نحن إلى مكان آخر". هذه مزحة، ولكن فليواصل اللاهوتيون الدراسة لأنّ هذا يفيدنا ويدفعنا إلى فهم جيد وإلى التوصل إلى الوَحدة. ولكن خلال ذلك نحن نسير قدمًا معًا. "ولكن كيف؟" نعم، بالصلاة معًا، بالقيام بأعمال المحبّة معًا. أفكر على سبيل المثال في السويد حيث هناك كاريتاس لوثرية – كاثوليكية، معًا. العمل معًا. العمل معًا والصلاة معًا: هذا يمكننا أن نفعله نحن. الأمور الأخرى فليقم بها اللاهوتيون، فنحن لا نعرف كيف يمكن عمل ذلك. ولكن يجب أن نعمل هذا: الوَحدة تبدأ اليوم، على هذا الطريق.

ماتيو بروني

شكرًا قداسة البابا. شكرًا على الوقت الذي أردت تخصيصه لأسئلتنا أيضًا. أعتقد أنّنا تقريبًا في موعد الغداء.

البابا فرنسيس

شكرًا جزيلًا. وغداءً طيبًا.

ماتيو بروني

أراد أحد الصحفيين إعطاءكم نموذجًا لأكروبوليس أثينا، للبارتينون، حيث يؤسف الصحفيين أنّكم لم تتمكنوا من لمسه بيديكم.

البابا فرنسيس

نعم، كان هناك خطر أن أغادر بدون رؤيته، وقلت مساء أمس: "لا، أريد أن أراه". أخذوني إلى هناك ورأيته من بعيد مضاءً: رأيته على الأقل. لم ألمسه ولكني قلت: "شكرًا على هذا اللطف".

 

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2021      



Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana